عنق الزجاجة، حافة الهاوية، النفق المظلم، كل تلك المسميات تنطبق على ما يعيشه العراق اليوم، من أزمات سياسية وأمنية واقتصادية، يعاني منها المواطن، وما خلفته الحكومات السابقة، بسبب سوء إدارتها، ونظام المحاصصة الطائفي والسياسي، لعقد من الزمن، أرسى أسس خاطئة، كانت نتاجها واضحة على الشعب، من تردي الواقع الخدمي والصحي والتعليمي، توج بفساد كبير.
هدر المال العام، وسرقات كبيرة، تعرضت لها خزينة الدولة العراقية، عن طريق مافيا، مرتبطة بمنظمات حكومية، وأخرى خارجية، حولت ملايين الدولارات، إلى بنوك خارج الوطن، بحسابات خاصة، وأسماء وهمية، لضمان عدم الملاحقة القانونية، فضلا عن(الكومنشنات) على المقاولات الكبيرة، وحصص بعض الأحزاب وعمولاتها.
كلها مجتمعة؛ تبين مدى الخلل العميق، داخل مؤسسات الدولة، وصعوبة تغيير الواقع، إلا بإرادة صادقة، من داخل تلك الأحزاب، التي أيقنت، أن الوطن، لا يتحمل أزمات أكثر من ما هو عليه، انطلقت عدة مشاريع أصلاحية، كان أخرها ما دعى إليه التيار الصدري، مع برنامج محدد، بوقت للتنفيذ.
لكن طريقة الفرض والضغط، الذي استخدم في خطبة التحرير، ولّد ردة فعل حكومية، ذات نبرة عالية، تشير إلى تصاعد شدة الخلاف، وما يترتب عليه من أخطار جسيمة، تهدم كل ما بني على مدى اثنا عشر عام، من التجربة الديمقراطية الجديدة، بسيئاتها وحسناتها..
أصبح الوضع بحاجة إلى شخص ناضج سياسياً، وصاحب مشروع، عميق الفكرة، وذو نظرة ثاقبة لما يحدث، ويجيد ترطيب الأجواء، ويحمل رؤية وطنية، عابرة للطوائف، تجمع شمل الصالحين تحت خيمة الوطن.
انبرى لها وكله عزيمة وإصرار، وهو يضع النقاط على الحروف، متجاوزا جميع المصالح الحزبية والفئوية، ليرسم نواة الكتلة الوطنية الإصلاحية، مع كسب تأيد سياسي من جميع الإطراف، يوحي بعبقرية سياسية فذة.
لينقل الكرة إلى ملعب الحكومة، لتثبت جديتها، في اتخاذ قرارات صائبة، في عملية الإصلاح الشامل والجوهري، هل ستكون الحكومة القادمة، قادرة على إنقاذ العراق من الأزمة الاقتصادية والأمنية؟ ما مدى استقلالية الوزراء الجدد؟ بعيدا عن الأحزاب وسلبياتها؟ من الكتلة التي ستلعب دور المعارضة في الأيام القادمة؟ هل يتمثل جميع المكونات في الحكومة القادمة؟ هل سيشمل الإصلاح الجوهري المدراء والوكلاء العامين الموزعة بين الكتل السياسية؟ متى يلمس المواطن نتائج هذا الإصلاح الشامل؟ أو ندخل بمراحل متعددة وبطيئة؟ بسبب الظروف الداخلية والخارجية.
أسئلة؛ ستجيب عليها الأيام والأشهر القادمة، بما تحمله من ظواهر جديدة، على النظام السياسي العام.