27 ديسمبر، 2024 12:34 ص

صاروخ ” أوريشنيك ” جواب روسيا القوي

صاروخ ” أوريشنيك ” جواب روسيا القوي

تنفيذ القوات الروسية اختبارا ناجحا لأحدث منظومة صواريخ فرط صوتية متوسطة المدى تحمل اسم “أوريشنيك” ، مزود بمعدات غير نووية ، وتهاجم أهدافها بسرعة تصل إلى 10 ماخ، أي 2.5-3 كيلومتر في الثانية ، ولا توجد وسيلة بما فيها الاسلحة الامريكية في أوربا ، لمواجهة مثل هذه الأسلحة اليوم، واختبارها عمليا ، من خلال تنفيذ ضربة صاروخية ناجحة على مصنع في دنيبروبيتروفسك ،  هو ما كشف  عنه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ، وأكد  أن اختبارات صواريخ “أوريشنيك” في الظروف القتالية ، جاءت ردا على الأعمال العدوانية التي ترتكبها دول “الناتو” ضد روسيا.

   ووفقا لاعتبارات إنسانية ووفقا لما أكده الرئيس الروسي في رسالته للجيش الروسي ، بمناسبة نجاح تجربة المنظومة ، وتسديدها ضربة صاروخية دقيقة ، فإن موسكو ستحذر المدنيين في أوكرانيا ، ومواطني الدول الصديقة الأخرى مسبقا، وبشكل علني ودون خوف من معارضة العدو ، وستطلب من الجميع مغادرة المناطق التي يُحتمل استهدافها بهذه الصواريخ ، مشددا في الوقت نفسه على أن الولايات المتحدة هي التي دمرت نظام الأمن الدولي ، وليس روسيا، كما أنها تدفع العالم بأكمله نحو صراع شامل ، وقال “نعتقد أن الولايات المتحدة ارتكبت خطأ بانسحابها من معاهدة الصواريخ المتوسطة والقصيرة المدى من جانب واحد في عام 2019 تحت ذريعة بعيدة المنال“.

  ونتيجة التجربة الصاروخية الروسية ، هي ان موسكو ستقرر وحدهامسألة نشر المزيد من الصواريخ متوسطة وقصيرة المدى ، اعتمادا على تصرفات الولايات المتحدة وأتباعها، والمقرات التي سيتم تدميرها خلال المزيد من الاختبارات لأحدث أنظمتها الصاروخية ، وكما قال بوتين “سنحددها على أساس التهديدات الأمنية لروسيا الاتحادية” ، ومن المرجح وحسب تقدير الخبراء، أن يكون هذا الصاروخ متعدد الرؤوس الحربية، والتي شاهدنا في اللقطات المعروضة على الشبكات الاعلام ان هناك حوالي ست ومضات، أي أن كل رأس قتالي كان يتجه إلى هدفه على حدة ، وأنه تم إجراء اختبارات الإطلاق غير النووية، مما يعني أن هناك نسخة نووية من صواريخ “أوريشنيك” أيضا ، وبالتالي وكما أشار الرئيس الروسي  فان هذا الصاروخ  هو رسالة لأولئك الذين ما زالوا يتوهمون إمكانية إلحاق هزيمة استراتيجية بروسيا .

    الرئيس الروسي  بتجربة المنظومة الصاروخية اليوم ثبت خطوتين  ، فهو من جهة يبدي استعداداً للحوار والبحث مع الجانب الأميركي، ومن جهة ثانية يؤكد رفض موسكو أيَّ صيغٍ لا تلبي مصالِحها ولو كان ذلك سيؤدي الرفض إلى مواصلة القتال ، في وقت تسعِّرُ إدارة الديمقراطيين قبل وصول ترامب إلى البيت الأبيض، نار أوكرانيا عبر ضرب العمق الروسي بالصواريخ الغربية ، ولأن روسيا تعرف أن الناتو مسؤول عن هذه الضربات من ألِفِها إلى يائِها ، وتؤكِّدُ مجدداً أن العقاب ينتظر المسؤولين عنها ، في حين لايزال الجميع يحاولون معرفة سيناريو الرَّدِّ الروسي على هذه الضربات ، وربما تكون أمام العالم شهرين من عمر الأزمة الأوكرانية ، قبل دخول ترامب البيت الأبيض، فيما ترمي إدارة الديمقراطيين كلَّ أوراق الفوضى قبل أن تغادِرَ غير مأسوفٍ عليها.

   ان قرار الرئيس الأمريكي جو بايدن ، بالسماح لأوكرانيا  بأستخدام الصواريخ الامريكية ” هيمارس ”  والبريطانية        ” ستورم شادو “ ، بضرب العمق الروسي ، أجمع المراقبين عليه ، على انه ” خطأ جسيم ” ، أرتكبه  قبيل مغادرته البيت الأبيض ، أنقسمت الآراء حول أسباب أختيار بايدن ، هذا الوقت ، لأتخاذ مثل هذه الخطوة  ، ويتفق الجميع ،  إن أوكرانيا قد خسرت كييف ، وأنه لا يهم كم عدد الصواريخ بعيدة المدى التي ترسلها إلى أوكرانيا، فهذه وحدها لن تغير أي ديناميكية في ساحة المعركة ، تماما، كما لم يحدث أي تغيير بسبب دخول الدبابات الغربية، ومدرعات نقل الجنود، وقطع المدفعية، وأسلحة الدفاع الجوي، وأنظمة “هيمارس”، أو حتى مقاتلات “إف-16” ، وان الاستمرار في تجاهل الواقع، والاستماع إلى الجنرالات، من المؤكد أنه سيزيد من التكلفة النهائية لخسارة الحرب بالنسبة لأوكرانيا ، ومع ذلك، فإن ما يفعله بايدن الآن أسوأ وأدل سبيلا، فهو يخاطر بتوسيع رقعة الحرب، وحتى في الولايات المتحدة يعدون هذه الخطوة “جنونية واستفزازية” ، ما قد يجر الولايات المتحدة إلى صراع مباشر مع روسيا.

  الاستفزاز الأمريكي وكما يقول غيفورغ ميرزايان، في “فزغلياد” ، هي محاولة لحل العديد من مشاكل السياسة الخارجية الأمريكية ، في المقدمة منها إلهام الحلفاء ، ولا يقتصر الأمر على الكوريين الجنوبيين واليابانيين (خشية العواقب المترتبة على التعاون الروسي الكوري الشمالي)، بل والأوروبيين ، ويهدف الاستفزاز إلى اختبار عزيمة موسكو ، فالغرب يعلم أن موسكو سوف تعد السماح بتنفيذ ضربات بمثابة مشاركة مباشرة من الغرب ، في العدوان العسكري ضد روسيا ، لذلك فإن المخاطرة بتوسيع رقعة الحرب ، من خلال السماح باستخدام الأسلحة الغربية بعيدة المدى ضد روسيا ، هي مجازفة متهورة إلى أقصى الحدود، لا سيما أن هذا يشكل خطرا استراتيجي كبير يتمثل في الانجرار إلى حرب.

  الاوربيون ، يعترفون بعدم وجود موقف مشترك في الاتحاد الأوروبي بشأن ضرب عمق الأراضي الروسية ، ولا يزال يتعين على كل دولة من دول الاتحاد النظر في القرار بشأن إمدادات الأسلحة على المستوى الوطني ، ففي الوقت الذي تتحد واشنطن وبروكسل ولندن وباريس ووارسو،  في الموافقة على توجيه ضربات بعيدة المدى إلى عمق روسيا ،وهي تهيمن على النقاش حول هذا الموضوع، وتلتزم بموقفها العديد من وسائل الإعلام الليبرالية، والقوات الأمنية ، وربما الأوروبيون هم الذين دفعوا بايدن ، إلى اتخاذ قرار بتسليح القوات المسلحة الأوكرانية بشكل أكبر وتصعيد الصراع ، فلا تزال هناك بعض الدول في أوروبا ، وحلف شمال الأطلسي تقاوم الانجرار إلى حرب ممكنة مع روسيا، لكن هذا ، ليس له تأثير يذكر في المشهد العام ، فكل شيء يعتمد على الأمريكيين: إذا أوقفوا إمدادات الأسلحة إلى أوكرانيا، فإن الاتحاد الأوروبي لن يرغب في أن يُترك بمفرده في صراع مع روسيا.

  روسيا تعتبر نفسها صاحبة الحق في استخدام أسلحة ضد منشآت عسكرية لدول تستخدم أسلحتها ضدها، وإن القوات المسلحة الروسية التي شنت ضربة على منشأة للصناعات الدفاعية الأوكرانية هي ترد بذلك على هجمات بأسلحة أمريكية وبريطانية على روسيا ، وانها ( أي موسكو ) تسير وبانفتاحٍ مشوبٍ بالحذر الشديد نحو تقارِبُ  التغيُّرَ المرتقب في السياسة الأميركية تجاهَها ، فقد انتُخِب ترامب جزئيا من قبل الشعب الأمريكي ، لأنه تعهد بإنهاء الحرب في أوكرانيا ،  ومن خلال اتخاذ هذه المخاطرة العبثية لبايدن قبل شهرين من نهاية ولايته، قد يدمّر أي فرصة قد تكون لدى ترامب لتحقيق السلام

  ولا يمكن الابتعاد عن الاعتقاد ان يكون للرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب في المشاركة في هذه الخطوة، فلا توجد تقارير تفيد بأن باريس أو لندن تنتقدان المبادرة الأمريكية ، وظهرت معلومات تفيد بأن دونالد ترامب قد اتفق على هذه الخطوة مع الإدارة الأمريكية الحالية، ويزعمون أنه يريد الضغط على روسيا من خلال القوات المسلحة الأوكرانية، حتى تصبح موسكو أكثر قابلية للإقناع ، عندما يبدأ الرئيس الجمهوري المفاوضات مع فلاديمير بوتين ، ولكن، قد يعارض البريطانيون والفرنسيون مثل هذه التكتيكات الأمريكية.

  والتطور اللاحق بافتتاح قاعدة الدفاع الصاروخي الأمريكية في بولندا ، سيؤجج المخاطر النووية، خصوصا وانها أصبحت وكما قالت زاخاروفا ، بين الأهداف ذات الأولوية للجيش الروسي  ، واعتبرتها موسكو خطوةاستفزازية صريحة جديدة على الصعيد الاستراتيجي ، في سلسلة الإجراءات المزعزعة للاستقرار التي يتبناها الأمريكيون وحلفاؤهم في “الناتو” ، وكذلك ، تعتبر هذه الخطوة تؤدي إلى تأجيج المخاطر الاستراتيجية، وبالتالي رفع سقف الخطر النووي” ، خصوصا وان قاعدة الدفاع الصاروخي في بولندا ، كانت قد أضيفت منذ فترة طويلة إلى قائمة الأهداف ذات الأولوية المرشحة للتدمير ، من قبل القوات الروسية بمجموعة واسعة من أحدث الأسلحة، إذا لزم الأمر.

  أن روسيا مستعدة لحل المسائل الخلافية بالطرق السلمية، وفي الوقت نفسه هي مستعدة لأي تصعيد وحتما سترد بشكل حاسم ومماثل في حال تصعيد العمليات العدوانية ضدها، وهو ما أكده الرئيس الروسي  ، وفي حال تصعيد العمليات العدوانية، سنرد أيضا بشكل حاسم وبطريقة مماثلة، وأوصى بأن تفكر النخب الحاكمة في تلك الدول التي لديها خطط لاستخدام قواتها العسكرية ضد روسيا بجدية في هذا الأمر،  .

  ان فرار الأمريكيون  والغربيون من كييف يثبت وبحسب المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا  في تعليق لها لصحيفة “كومسومولسكايا ، “ أن أوكرانيا والأوكرانيين أداة للغرب- وبعد تعطلها لم يعد لها قيمة” ، وان  السبب الجديد للفرار  ، هو الخوف من ضربة جوابية على السماح لكييف باستهداف العمق الروسي بالصواريخ الغربية بعيدة المدى ، وان الثمن المدفوع مقابل السماح بضرب روسيا ، وفق حسابات  واشنطن ،  سيصل ليس إلى كييف وحدها ، بل وسيتعداها  ، فليس من المعتاد في البيت الأبيض أن يشعرون بالأسف على الأوكرانيين .