23 ديسمبر، 2024 5:25 ص

صادقون يشيعون صديقة 

صادقون يشيعون صديقة 

أن اختيار الزهراء عليها السلام كواسطة ومحور بين الرسالة والإمامة، يُبين مدى التخطيط الالهي، في إيجاد علاقة الهية في شريعة الاسلام الخالدة، لذلك قيل بأن الزهراء هي سر من اسرار الله. بحضور جماهيري حاشد، وللسنة الحادية عشر على التوالي، شيع الاف من محبي ال البيت عليهم السلام النعش الرمزي للصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء في النجف الاشرف، وبمشاركة المرجعية الدينية المتمثلة باية الله العظمى الشيخ محمد اليعقوبي دام ظله، اذ يلقي خطابا سنويا بهذه المناسبة، لذلك لعل سائل يسأل لماذا هذا التشييع ؟ ولماذا هذا الاحتفال بالايام الفاطمية والذي يعتبروها قضية تاريخية ؟ وهي ليس كذلك.ونحن نقول ان احياء ذكراها عليها السلام يندرج ضمن عدة مقاصد: المقصد الاول ان الله سبحانه وتعالى امرنا  بمودة اهل البيت عليهم السلام ( قل لا أسألكم عليه أجراً الا المودة في القربة ) والمودة هي اظهار المحبة وان اقامة شعائر الزهراء، تندرج ضمن هذا الاطار. المقصد الثاني تمثل قضية الزهراء وما تعرضت له من مأسي ومحن، نقطة خلاف بين فريقين من الفرق الاسلامية، فعندما ندرس سيرة الزهراء نصل الى حقيقة الامر، وما ساد تلك الفترة المهمة من التاريخ الاسلامي، من احداث غيرت مجرى التاريخ.المقصد الثالث نستطيع ان نعبر عنه بانه البعد العلمي في حياة اهل البيت عليهم السلام، فكثير من الناس تدرس حياة المشاهير، والعلماء والمخترعين، ولاشك ان اهل البيت لديهم علوم الطب والفلك وغيرها من العلوم، وهذا ماتثبته الروايات، فعندما ندرس حياة اهل البيت ندرسها كعلماء بالعلوم الطبيعية، وهذا جزء يسير من حياتهم عليهم السلام. المقصد الرابع البعد الحضاري في حياة اهل البيت، نعرف ان هناك اهتمام من قبل الدول  والمنظمات بحقوق الانسان، ومنها حقوق الزوجة والطفل، فنجد ان اهل البيت اول من جسد هذه المفاهيم، مثلا كان علي عليه السلام اسعد زوج بالعالم، وهذا ما نطقت به الزهراء عليها السلام في اخر ايام حياتها، اذ قالت له ياعلي ماعهدتني كاذبة ولاخائنة الى اخر الحديث، كذلك لما حضرت وفاتها وعلمت ان اليوم هو يوم وفاتها، لم تبالِ بالامر، وحَّضَرت الاكل للحسنان، وابلغت اسماء ان جاء الحسن والحسين فابلغيهم ان امكم نائمة، حتى ياكلان الطعام، فلو كان أي شخص يقال له بان اليوم هو يوم وفاتك، الا يهتم بنفسه ويترك عياله، أيفكر بهذا اكل وذاك شرب، ولكنها سيرة اهل البيت واهتمامهم بالطفولة. المقصد الخامس مثلت الزهراء عليها السلام انموذج لسيرة المراءة الصالحة، او قدوة يمكن لكل امراءة ان تقتدي بها، فدراسة سيرتها هي بمثابة دليل عمل ينجي امام الله، وامام المجتمع فهي زوجة وهي ام وهي بنت ، وهي معارضة للظلم وهكذا.المقصد السادس مثلت عليها السلام بُعداً عقائديا مهماً في تاريخ الاسلام، وهي تقف بجانب زوجها امير المومنين صاحب الحق المهتظم، وهي تدافع عن الولاية، وهو حق الهي، فالدفاع عنه واجب على الجميع. وتبقى المقاصد مفتوحة لكل متأمل … لذلك ان احياء هذه المناسبة له شي كبير يستحق العمل الكثير لما يتعلق بالقضية من تسؤلات منها لماذا اخفي قبر الزهراء ؟ لماذا دفنت ليلا ؟  لماذا لم يشيعها القوم ؟  فاحياء هذه المناسبة هي احياء لهذه الاسئلة . هي بيان لاحقية المذهب ، وهي فرقان بين الحق والباطل، لذلك يجب على الامة ان تحيي هذه المناسبة، وتهتم بها اكثر من اهتمامها بمناسبة اربعينية الامام  الحسين . لان قضية الحسين اصبحت قضية عالمية يعرفها القاصي والداني.  كذلك هي من الايام التي ذكرها المرجع في احد خطاباته ، عندما قال ثلاث ايام في الاسلام لو لم يحدث احدهم لما حدث الاخر . فلو نظرنا  الى هذه الايام وقلنا بان عيد الغدير مناسبة مشهورة وتحيا بقوة ، ويركز عليها الاعلام.  اما اليوم الثاني يوم عاشوراء الحسين،  فهو كذلك يحيا على مستوى العالم ، بقي يوم الفرقان ، يوم استشهاد الصديقة فاطمة،  فيجب ان يكون  اهم من اربعينة الامام الحسين عليه السلام ،  لان وكما عبر المرجع لو انتبهت الامة واطاعت في يوم الغدير، لما حصل يوم هجوم القوم على دار الزهراء، ولو انتبهت الامة لهذا اليوم لما حصل عاشوراء ، اذن يتطلب منا ان ننشر يوم الزهراء، ونظهر مظلوميتها للعالم ، ونشيعها جهارا نهارا، لان القوم لازالوا يريدون اخفاء قبرها، لان اخفاء قبرها يعني اخفاء الحقيقة، يعني اخفاء الولاية، يعني اخفاء القران ، يعني اخفاء سنة الرسول صلى الله عليه واله وسلم. هذا اذا تركنا التحدث عن خطب المرجع اليعقوبي في هذه المناسبة لعدم وسع المجال  والتي تعتبر مادة علمية وفكرية وإصلاحية توجه للمجتمع .فهنيئا لكل من شيع الزهراء، وبيقيني لو اخلص الانسان نيته في تشييعها، لكان في منزلة من شيعها من اصحاب الامام علي، كسلمان وأبو ذَر وعمار والمقداد.فالسلام على الزهراء وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها