(مُحمَّد) إسم علم منقول من أسم المفعول المضعف، وسمي به (صلواته تعالى عليه وعلى آله)، إلهاماً من الباريء عز وجل، وتفاؤلاً بأنه سيكثر حمد الخلق له، لكثرة صفاته الحميدة، وحينما سئل جده عبد المطلب، عن سبب تسميته بهذا الإسم، في اليوم السابع من ولادته لموت أبيه قبلها، ومعناه كثير الخصال المحمودة، قال: لمَ سميت إبنك محمداً، وليس من أسماء آبائك ولا قومك؟ فأجاب:رجوتُ أن يُحمَد في السماء والأرض، وقد تحقق رجاؤه، فمرحباً بكَ يا خيرَداعٍ.
السابع عشر من ربيع الأول كانت الولادة الميمونة، لنبي آخر الزمان الصادق الأمين محمد (صلواته تعالى عليه وعلى آله)، والذي منح ضمانات متبادلة، لأن هذا النبي المكي سيكون رحمة للعالمين، مقابل أن يتعايش العالم بإنسانية وكرامة، فلا فرق لعربي على أعجمي إلا بالتقوى، ووهب تطمينات متبادلة، بأن المصطفى أرسل مبشراً المؤمنين، فهو أولى منهم بأنفسهم، لذلك ستشيع المودة والمحبة، والتسامح والخلق الرفيع، ولم ينشر دعوته بالقوة والعنف، فلا إكراه في الدين، وعاش المسلمون كالبنيان المرصوص.تنازلات متبادلة قدمها النبي محمد، (صلواته تعالى عليه وعلى آله)، والتي تعني له تنازل الجميع للجميع، لكل ما في منظومة الحقوق والواجبات، فمثلاً فرض على أهل الذمة دفع الجزية، جزاء على ما مُنحوا من الأمن والأمان، فأطمان بعضهم للبعض الآخر، وإنبثق عالم جديد قائده محمد،(عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم)، في مشروع دولة إسلامية عادلة، فكانت عناوين الإنسانية، والرحمة، والعدالة، والمساواة هي المتصدرة، رغم ما حيك ضده من مؤامرات خبيثة، لكنه إنتصرعليهم، لتسويته الحكيمة وخلقه العظيم.
حال العالم الإسلامي يدعو للخجل، فهو يكفر بعضه البعض، ويتقاتل ويختلف، وقوى الإستكبار العالمي تعيش على هذه الصراعات، لذا دعت المرجعية الرشيدة في خطبة الجمعة، الموافق ( 16 ربيع الأول 1438 هجرية)،المصادف( 16 كانون الأول 2016 ميلادية)، الى نبذ الصراعات بقولها: كفانا خلافاً وإختلافاً، ولنبدأ صفحة جديدة من التعايش السلمي والمجتمعي، وليتصالح الجميع لأجل الجميع، وعنوان هذه الصفحة تسوية وطنية كبيرة، تنطلق من ثلاث :تنازلات، وتطمينات، وضمانات متبادلة بين الشركاء في الوطن، فالعراق يستحق الكثير.
التحالف الوطني بعنوانه التحالفي الكبير، إنطلق من بوابة المشروع الوطني الجامع، الذي يجمع مكونات العراق كافة، لتشترك في بناء الدولة، فلا بناء حقيقي دون مصالحة مجتمعية حقيقية، وبما أن سلة الإرهاب، لاتخرج إلا أفاع متطرفة قاتلة، ينبغي لنا الإستعداد لمرحلة ما بعد داعش، فأجواء التعايش والتسامح، لايمكن لها النمو، دون إستراتيجية أمنية، وفكرية، وإجتماعية، وإقتصادية، تتمحور معالجاتها حول القضاء على الفكر التكفيري، فقضية داعش ليست في وجوده فقط، بل فيمَنْ سمح له بالتمدد في أرضنا.
صاحب مشروع التسوية الوطنية، السياسية، المجتمعية، يسير على خطى نبي الأمة محمد(ص)،لأن دولة الإسلام ما كانت لتستمر، لولا العناية الألهية والرحمة المحمدية، فبرزت كائنات جهادية، تتحرك بداخلها حاسة الإنتماء والمواطنة، فبذلوا مهجهم دون المصطفى ورسالته، ونشروها في بقاع الأرض، لأنه يدرك تماماً أن طريق العنف، والحقد، والعصيبة، تشكل خطراً على سلامة الخط الإيماني والمجتمع بأكمله، فكان لابد له من ثلاث تبني دولته العظيمة، ألا وهي الضمانات، والتنازلات، والتطمينات، لكي تزدهر أمة محمد رغم أنوف الحاقدين.