13 أبريل، 2024 6:11 م
Search
Close this search box.

صاج فلافل

Facebook
Twitter
LinkedIn

الفلافل من أبسط الأكلات وأرخصها. رخص ثمنه يجعل الفلافل في قائمة أكلة الفقراء والمساكين. الفلافل عبارة عن عجينة الحمص تضاف إليها بعض النكهات لتغير اللذة والطعم الممزوج بطعم العنبة بقوامها السائل الخاص بالفلافل والتي تشعل حاسة التذوق.
الفلافل في الغالب يباع في المطاعم الشعبية. فلا نجد الفلافل في المطاعم من الدرجة الأولى فهو لا يضاهي ببساطته الأكلات المعمولة من اللحوم وغيرها وليس للأغنياء الذين يترددون إلى المطاعم ذات النجوم الخمسة أن يأكلوا الفلافل وهو أكلة البسطاء من العامة.
الفلافل أكلة أصيلة، فنسبة الاحتيال فيه معدوم. فلا يوجد حمص مغشوش كي يصنع منه الفلافل المغشوش كما في اللحوم. فالكباب أو الكص والشاورمة التي نأكلها كلها من لحوم لا نعلم مصادرها ولا يمكن تخمينها أصلاً وليس من اللحم العراقي الخالص كما يدعون. الأمر الذي يزيد الفلافل وقاراً. فليس هناك فلافل مصنوع إلاّ من الحمص الخالص.
بعض المطاعم تحاول جذب الزبائن من الشريحة الفقيرة التي لا تتمكن من الأكل عندها لأسعارها الباهظة. لهذا فإن المطاعم تعمل على تقديم وجبات من الفلافل بتغيير أسمائه وتغيير أشكاله. فتجد مطعماً يقدم الفلافل باسم صاج فلافل والآخر يسميه ماعون فلافل والآخر استيك فلافل وما إلى ذلك من التسميات الرنانة التي تحاول إضفاء الحداثة على الفلافل وجذب البسطاء من العامة نحوها. كما تعمل هذه المطاعم على تقديم العنبة موضوعة في أطباق صغيرة وكأنها عسل وليست العنبة التي تقدم بقناني بلاستيكية والتي فقدت ألوانها بسبب تداولها بين الناس ومن يد إلى أخرى.
مهما تغيرت التسميات فإن المحتوى هو فلافل لا غير. فإذا كان الفلافل بالصمون الحجري أو بالخبز العربي وعلى الطريقة اللبنانية فإنه في نهاية المطاف فلافل ومهما تغير الإناء فإن العنبة هي نفسها العنبة الشعبية والفارق في الموضوع هو تغيير الشكل بنية استيلاء المطاعم على ما في جيوب الفقراء.
الحكومة كذلك تعمل على الوتيرة نفسها والمبدأ عينه. انقطاع الغاز المزود من إيران وارتفاع درجات الحرارة التي تفوق الخمسين درجة والحمل الزائد على منظومة الكهرباء وما إلى ذلك من الأعذار وانقطاع التيار الكهربائي هو نفسه لم يتغير نحو الأفضل. منذ عقود والشعب العراقي يفتقد الكهرباء التي تعتبر من أساسيات الحياة والحجج واهية. منذ أمد طويل والفرد العراقي يئن تحت وطأة الحر والشمس المحرقة والعذر أقبح من الذنب.
التعينات والعطالة التي نالت من أحلام الشباب تواجه بالوعود الميتة كالعادة. أزمة المحروقات والتلكؤ في تمشية أبسط المعاملات وانتظار المواطن والأطفال الرضع وحديثي الولادة في طوابير طويلة لاستخراج البطاقة الوطنية كلها تبرر بأمور فاهية وحجج ضعيفة.
مهما كانت التبريرات والحجج ومهما كان التظاهر بإيجاد حلول جذرية لكل الأزمات التي يعاني منها المواطن العراقي، إلاّ أن الفحوى نفسها كما في حالة الفلافل. المحتوى فلافل والأزمات نفسها والطوابير الطويلة التي ينتظر فيها المواطن العراقي هي نفسها لا تغيير فيها. كان الله في عون المساكين الذين أصبحوا الهدف لكل السياسات الهوجاء التي تتخذهم جسوراً لعبور مياه المصالح.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب