مرت علينا في الأول من رجب المرجب، ذكرى شهادة السَيّد محمد باقر الحكيم في آخر صلاةٍ له، عند مرقد أمير المؤمنين “علي بن ابي طالب” عليه أفضل الصلاة والسلام وعلى “آل بيت النبوّة” إذ طالته أيدي الغدر والخيانة، بسيّارة مفخخةٍ عرجت على إثرها روحه الطاهرة الى بارئها، تشكوا الظلم بعد الإنتهاء من حقبة حكم البعث المقبور .
أسباب كثيرة التي أدّت لإغتيالهِ ولا يمكن حصرها بسهولة، وهي ذاتها التي جعلت الإمبريالية العالمية تخطط للتخلص منه، ولِنُرَكِز على إحدى الخطب التي دعا فيها الإلتزام والتمسك بالمرجعية الرشيدة، معتبراً إياها صمام الأمان، محذراً من مخالفتها والسير بخط يعاكسها، لان ذلك سيؤدي للإنقسام، وما حذّر منه قد حصل بفعل الإرتكان للفئوية والحزبية، وبناء الإمبراطوريات، وكان بمقدوره السير بمفرده وتكوين دولة، وهو الذي يشار له بالبنان من حيث القوة والعلم والتاريخ .
أطل علينا سماحة السيّد عمار الحكيم، وبتجمع جماهيري حافل، يثبت حجم الوجود لتيارهِ، الذي إجتمع في إحدى ساحات بغداد المعروفة، وكان خطابه غير متوقع للمتابع، لأنه وحسب المراقبين أنه بعد نتائج الإنتخابات المخيبة لتياره قد إنتهى، لكنه أوصل رسالة للعالم وللعراق أنه موجود، والنتائج التي باركها إنما من أجل عدم وصول العراق للفوضوية، التي ستقضي على الديمقراطية، التي أسست عائلة آل الحكيم دعائمها، والفوز ليس مهماً بقدر الأمان والحفاظ على دماء الناس .
الكلمة كانت واضحة كالشمس فقلبت الموازين، لأنها نابعة من الثقة بالنفس, ولو حصرنا التضحيات لسماحته حين تنازل عن إستحقاقات حين كان المجلس الأعلى الأسلامي, لو كانت عند غيره لما تنازل عنها, ناهيك عن التظاهرات عند دعوة المرجعية لذلك، والسكوت عن التجاوز على المقرات, والدعوة لإقامة الفيدراليات أيام السيّد عبد العزيز الحكيم وغيرها، وكل ذلك كان في مصلحة العراق وليس المصالح، التي هرول الكثير من السياسيين للحصول عليها .
الإصرار على بقاء التحالف كان خطوة عززت الشيعة من جانب، والعراق من جانب آخر، ولا أحد ينكر الأغلبية التي يتمتع بها الشيعة تحت سقف البرلمان، والتي جعلت منه تمرير القرار بأريحية برلمانية، ولو بقي التحالف على حاله، لما وصلنا لمرحلة الفوضى، التي أنتجت كثير من المشاكل، ومع الاسف هنالك من يتصور أن الظفر بالمنصب أو العددية، إنما يعتبره من الكسب المادي، حاله حال المتسلطين والديكتاتورية، وهو لا يعرف إنما هذه المناصب وجدت للخدمة وليس للتسلط .
لو قارنّا ما بين خطاب السيد “عمار الحكيم” ” والسيد عبد العزيز الحكيم” “وشهيد المحراب” تجدهُ نفس الخطاب، بل مكملا بعضه الآخر، وهذا مالا ينطبق على باقي المكونات، لأن الأبجديات متفق عليها سلفاً، وهذا مكتوب منذ أيام المعارضة ليومنا الحاضر، وعليه فأنه عندما يطرح المبادرة إنما للخروج من المأزق، الذي خلفّتهُ السياسات الخاطئة، والمعالجة واجبة، والا عندما تتعاظم يصبح الحل صعباً، ترافقه الدماء التي مللنا من تدفقها منذ دخول المحتل ليومنا هذا .
تمجيد الشهداء وذكرهم إنما هو العرفان للذي بذل دمه في سبيل العراق، والأمة التي لا تذكر شهدائها تعتبر أمة ميتة، وبما أن شهادته كانت البداية لإراقة الدماء، فقد خلّف بعده أبطال باستطاعتهم قهر المحتل وإخراجه، كما لا ننسى الشهيد أبو مهدي ورفيقه عندما إستهدفهم المحتل بطائرة مسيرة، ملتحقين بشهيد المحراب على نفس الطريق الذي إختطّوه لأنفسهم، كما كانوا يدعون خالقهم بالشهادة .