23 ديسمبر، 2024 1:10 م

شَرب العرب نفطهم..

شَرب العرب نفطهم..

واضعين (الهوز) في الأفواه
 لم تنفق دول النفط العربية 1 % على تطوير صناعة البتروكيمياويات قياسا بما أنفقته على المفخخات التي تسيرها الى دول تتباين معها طائفيا.. بينما تركيا تعاونت مع إسرائيل لأعطاء الماء أهمية قصوى تفوق البترول
صرح واحد من رؤساء الحكومات الإسرائيلية، خلال السبعينيات، بأن “العالم سائر بالبحث، وصولا الى بدائل عن النفط في توفير الطاقة؛ وليشرب العرب نفطهم بعد ئذ” تضافرا مع واقع يعيشه الآن، صديق مقيم في أحدى المدن السويدية الصغيرة، يقول: “تشغل الحكومة اربعمائة وخمسين باصا للنقل العام داخل مدينتنا، كلها تعمل بالكهرباء” واصفا الحال، مثل فيشة الموبايل، يضعها السائق في (بلك) الكهرباء؛ شاحنا الباص، من نهاية الخط الأولى، الى نهايته الثانية، عبر المدينة.

تجلت الحال، في كثير من مدن ومصانع وبيوت، رتبت منظومة التزود بإحتياجاتها، لأدارة الأجهزة والطبخ والترفيه والنقل و… كل متطلبات الوقود، على أساس الكهرباء النووية سهلة السريان بتيار عالي الزخم،…، رخيص ونظيف.. غير مكلف ولا موسخ وذو كفاءة تفوق النفط بآلاف الأضعاف.. لا ضعف ولا ضعفين.

 

زمن منحنٍ

قطعة المستقيم الزمنية، الفاصلة بين قول رئيس الوزراء الإسرائيلي في السبعينيات، بشأن قرب إنتفاء الحاجة، للنفط، ما يوجب على العرب شرب نفطهم، وإكتفاء المدينة السويدية الصغرى، بالكهرباء، بديلا أمثل، عن النفط، في تأمين الطاقة، مطلع الألفينيات.. مجموعها خمسة وأربعون عاما، مرت على العالم مستعرة بالعمل والجد والمواظبة.. أحالت الكرة الأرضية، الى ورشة، يتآكل شغيلتها قلق الوصول الى تحقيق الهدف الذي بدأ من إسرائيل، ولن ينتهي في السويد، إنما هو إشتغال دائم وتطوير مستمر لإيجاد بدائل من العدم.

بالمقابل، تصرمت عقود السنوات بين 1970 و2015 على العرب، بلهاء بليدة لاهين خلالها بتبادل الخلافات، كل يستنزف قدرات الآخر، يملأون السجون والمعتقلات والدهاليز الظلماء، بأبناء شعوبهم المحلية، ويحتربون بالضد من مصالح أشقائهم، لأسباب طائفية وحزبية جوفاء.

مملكة تريد سبل يدي شعارها عند الصلاة، وجمهورية تريد كتف ذراعي نشيدها الوطني، وثالثة تظن نفسها (ست البيت) وأخرى تعتقد أنها (سي السيد) وكل واحدة من تلك القناعات، تصب ثروات أختها في الهباء، الى أن غزا صدام حسين الكويت، فدق أسفينا بين الإنسان العربي والحلم المشترك.

 

هزائم مطلقة

في ظل التناحرات تلك، لم يدع أحدهم للآخر فرصة التأمل في العلم، والتبحر في المعرفة، إنما عاشوا تحت هاجس “أنا منذ فجر الأرض ألبس خوذتي” من دون ان يفكر المحارب المهزوم دوما، بإستراحة للبناء العمراني والتأسيس الحضاري، بعد ان وضعت حروب الأرض أوزارها، وظل العرب منشغلين بالإقتتال، في مابينهم، حتى إنتهى الجميع خاسرون.

وبينما العرب يخسرون روح التعاون في ما بينهم، ليس بإعتبارهم اشقاءً؛ فأنا لست (قومجيا) إنما بإعتبارهم جيران، تشدهم الى بعض مصالح مشتركة، هي تطوير صناعة النفط.. الثروة الرئيسة التي أنعم الله عليهم بها، برغم وجود ثروات لا هم يعرفون التعاطي معها؛ فيوظفونها في الرخاء الإقتصادي، ولا دول الغرب المتقدمة، تحتاجها كالنفط (سابقا) فتطورها لهم.

يؤمنون بالحروب و… “يا أهلا بالمعارك.. يا بخت من يشارك.. ملايين الشعب.. تدق الكعب.. تقول كلنا جاهزين.. كلنا جاهزين” ومع جهوزيتهم التي يدعونها، وترحابهم بالحرب، كالحبيبة ليلة زفافها للحبيب الولهان، لم ينتصروا في معركة طوال تاريخهم (الحديث) على الإطلاق.

 

عورات مكشوفة

مر الوعد الإسرائيلي، وإستحال وعيدا، بباصات السويد، الى أن إرتطمنا قويا بالهبوط الحاد لأسعار النفط؛ مدركين كم من السنوات مر، واجراس الخطر تقرع عند رؤوسنا بشأن نفاد البترول، وإحتمال الإستغناء عنه، لكن في آذاننا وقر، لاهين بحبس من يدخل التواليت بالرجل اليمنى وسجن من يمسح جبينه حد المرفقين عند الوضوء (!؟) نبكي بحرقة على أحداث إنتفت آثارها منذ 1400 سنة، ولم تعد لها أية تبعات على واقعنا الراهن، منفقين مليارات الدولارات، على شطار وعيارين يغازلون قناعات أثنية ساذجة، أنشأت لها دول النفط مراكز دراسات؛ كي يطرب حكامها لسماع نتائج تكفر رفات عظام بالية في القبور، وتشتم أرواح عند الله منذ آلاف السنين.

بينما الآخرون يطورون وسائل تحييد النفط، وتنحيته من دائرة الطاقة؛ فإنخفضت الأسعار.. فجأة.. ونحن غافلون، نركز إهتمامنا على كشف عورات بعضنا، من دون ان نعرف، من ذا الذي يغذي الفتنة بيننا، ويواصل هو منهجه في التقدم، وتأخيرنا.

 

حذاء يمنى

السؤال هو: هل أنفقت دول النفط العربية 1 % على تطوير صناعة البتروكيمياويات، قياسا بما أنفقته على المفخخات التي تسيرها الى دول تتباين معها طائفيا؟ وهل فكرت بإيجاد أهمية للنفط، موازية لتوفيره الطاقة، التي انتفت لها الحاجة الآن، تكسبه بعدا جديدا؟ بعد أن لم تعد له الأهمية التقليدية؛ إذ غادر العالم طرق العيش التقليدية، وبات يؤمن إحتياجاته بعصا نووية سحرية، ولم يعد أمامنا سوى شرب نفطنا؛ لأن تركيا عرفت كيف تتعاون مع إسرائيل؛ لأعطاء الماء أهمية قصوى، تفوق النفط.

وعدت تركيا.. وما زلنا في السبعينيات.. بجعل ثمن برميل الماء مساوٍ لثمن برميل النفط، وعملت على ذلك حتى بات الماء أثمن، بمساعدة إسرائيل.. يعني تعاونت مع الطرف النظير لها.. فهي تقع على منابع الأنهار وإسرائيل عند مصباته، وإتفقتا على ألا تدعا العرب يسكبون الماء العذب في البحار؛ إنما راحتا تصنعانه وتبيعانه لهم بأغلى من نفطهم، وبهذا لم يعد سعر البترول كافي لإرواء ظمأ رمال الصحارى العربية السافية عطشا للفكر قبل الماء! يا أمة ضحكت من جهلها الأمم” أي “المايعرف تدابيره حنطته تاكل إشعيره”.

وفعلا بددنا أهمية نفطنا، الذي لن يستعيد عافية أسعاره، بقوة عقول، في رؤوس دهاة دوليين يخططون بذكاء فائق؛ يجرجروننا من غرائز الحقد المتبادل بيننا؛ الى مقايضة برميل النفط الذي فقد قيمته، بقنينة ماء، عرفوا كيف يعطونها قيمة مضاعفة.

حامدين الشيطان وشاكرين له، ان مراكز الدراسات التي تنفق الدول العربية، مليارات الدولارات سنويا عليها، ما زالت تعمل على إثبات ان دخول الحمام بالقدم اليمنى أثوب من إرتداء (فردة) الحذاء اليسرى.. “يا أمة ضحكت من جهلها الأمم” وجعلت نفطها أرخص من الماء، في أولويات الإقتصاد العالمي.

شَرب العرب نفطهم..
واضعين (الهوز) في الأفواه
 لم تنفق دول النفط العربية 1 % على تطوير صناعة البتروكيمياويات قياسا بما أنفقته على المفخخات التي تسيرها الى دول تتباين معها طائفيا.. بينما تركيا تعاونت مع إسرائيل لأعطاء الماء أهمية قصوى تفوق البترول
صرح واحد من رؤساء الحكومات الإسرائيلية، خلال السبعينيات، بأن “العالم سائر بالبحث، وصولا الى بدائل عن النفط في توفير الطاقة؛ وليشرب العرب نفطهم بعد ئذ” تضافرا مع واقع يعيشه الآن، صديق مقيم في أحدى المدن السويدية الصغيرة، يقول: “تشغل الحكومة اربعمائة وخمسين باصا للنقل العام داخل مدينتنا، كلها تعمل بالكهرباء” واصفا الحال، مثل فيشة الموبايل، يضعها السائق في (بلك) الكهرباء؛ شاحنا الباص، من نهاية الخط الأولى، الى نهايته الثانية، عبر المدينة.

تجلت الحال، في كثير من مدن ومصانع وبيوت، رتبت منظومة التزود بإحتياجاتها، لأدارة الأجهزة والطبخ والترفيه والنقل و… كل متطلبات الوقود، على أساس الكهرباء النووية سهلة السريان بتيار عالي الزخم،…، رخيص ونظيف.. غير مكلف ولا موسخ وذو كفاءة تفوق النفط بآلاف الأضعاف.. لا ضعف ولا ضعفين.

 

زمن منحنٍ

قطعة المستقيم الزمنية، الفاصلة بين قول رئيس الوزراء الإسرائيلي في السبعينيات، بشأن قرب إنتفاء الحاجة، للنفط، ما يوجب على العرب شرب نفطهم، وإكتفاء المدينة السويدية الصغرى، بالكهرباء، بديلا أمثل، عن النفط، في تأمين الطاقة، مطلع الألفينيات.. مجموعها خمسة وأربعون عاما، مرت على العالم مستعرة بالعمل والجد والمواظبة.. أحالت الكرة الأرضية، الى ورشة، يتآكل شغيلتها قلق الوصول الى تحقيق الهدف الذي بدأ من إسرائيل، ولن ينتهي في السويد، إنما هو إشتغال دائم وتطوير مستمر لإيجاد بدائل من العدم.

بالمقابل، تصرمت عقود السنوات بين 1970 و2015 على العرب، بلهاء بليدة لاهين خلالها بتبادل الخلافات، كل يستنزف قدرات الآخر، يملأون السجون والمعتقلات والدهاليز الظلماء، بأبناء شعوبهم المحلية، ويحتربون بالضد من مصالح أشقائهم، لأسباب طائفية وحزبية جوفاء.

مملكة تريد سبل يدي شعارها عند الصلاة، وجمهورية تريد كتف ذراعي نشيدها الوطني، وثالثة تظن نفسها (ست البيت) وأخرى تعتقد أنها (سي السيد) وكل واحدة من تلك القناعات، تصب ثروات أختها في الهباء، الى أن غزا صدام حسين الكويت، فدق أسفينا بين الإنسان العربي والحلم المشترك.

 

هزائم مطلقة

في ظل التناحرات تلك، لم يدع أحدهم للآخر فرصة التأمل في العلم، والتبحر في المعرفة، إنما عاشوا تحت هاجس “أنا منذ فجر الأرض ألبس خوذتي” من دون ان يفكر المحارب المهزوم دوما، بإستراحة للبناء العمراني والتأسيس الحضاري، بعد ان وضعت حروب الأرض أوزارها، وظل العرب منشغلين بالإقتتال، في مابينهم، حتى إنتهى الجميع خاسرون.

وبينما العرب يخسرون روح التعاون في ما بينهم، ليس بإعتبارهم اشقاءً؛ فأنا لست (قومجيا) إنما بإعتبارهم جيران، تشدهم الى بعض مصالح مشتركة، هي تطوير صناعة النفط.. الثروة الرئيسة التي أنعم الله عليهم بها، برغم وجود ثروات لا هم يعرفون التعاطي معها؛ فيوظفونها في الرخاء الإقتصادي، ولا دول الغرب المتقدمة، تحتاجها كالنفط (سابقا) فتطورها لهم.

يؤمنون بالحروب و… “يا أهلا بالمعارك.. يا بخت من يشارك.. ملايين الشعب.. تدق الكعب.. تقول كلنا جاهزين.. كلنا جاهزين” ومع جهوزيتهم التي يدعونها، وترحابهم بالحرب، كالحبيبة ليلة زفافها للحبيب الولهان، لم ينتصروا في معركة طوال تاريخهم (الحديث) على الإطلاق.

 

عورات مكشوفة

مر الوعد الإسرائيلي، وإستحال وعيدا، بباصات السويد، الى أن إرتطمنا قويا بالهبوط الحاد لأسعار النفط؛ مدركين كم من السنوات مر، واجراس الخطر تقرع عند رؤوسنا بشأن نفاد البترول، وإحتمال الإستغناء عنه، لكن في آذاننا وقر، لاهين بحبس من يدخل التواليت بالرجل اليمنى وسجن من يمسح جبينه حد المرفقين عند الوضوء (!؟) نبكي بحرقة على أحداث إنتفت آثارها منذ 1400 سنة، ولم تعد لها أية تبعات على واقعنا الراهن، منفقين مليارات الدولارات، على شطار وعيارين يغازلون قناعات أثنية ساذجة، أنشأت لها دول النفط مراكز دراسات؛ كي يطرب حكامها لسماع نتائج تكفر رفات عظام بالية في القبور، وتشتم أرواح عند الله منذ آلاف السنين.

بينما الآخرون يطورون وسائل تحييد النفط، وتنحيته من دائرة الطاقة؛ فإنخفضت الأسعار.. فجأة.. ونحن غافلون، نركز إهتمامنا على كشف عورات بعضنا، من دون ان نعرف، من ذا الذي يغذي الفتنة بيننا، ويواصل هو منهجه في التقدم، وتأخيرنا.

 

حذاء يمنى

السؤال هو: هل أنفقت دول النفط العربية 1 % على تطوير صناعة البتروكيمياويات، قياسا بما أنفقته على المفخخات التي تسيرها الى دول تتباين معها طائفيا؟ وهل فكرت بإيجاد أهمية للنفط، موازية لتوفيره الطاقة، التي انتفت لها الحاجة الآن، تكسبه بعدا جديدا؟ بعد أن لم تعد له الأهمية التقليدية؛ إذ غادر العالم طرق العيش التقليدية، وبات يؤمن إحتياجاته بعصا نووية سحرية، ولم يعد أمامنا سوى شرب نفطنا؛ لأن تركيا عرفت كيف تتعاون مع إسرائيل؛ لأعطاء الماء أهمية قصوى، تفوق النفط.

وعدت تركيا.. وما زلنا في السبعينيات.. بجعل ثمن برميل الماء مساوٍ لثمن برميل النفط، وعملت على ذلك حتى بات الماء أثمن، بمساعدة إسرائيل.. يعني تعاونت مع الطرف النظير لها.. فهي تقع على منابع الأنهار وإسرائيل عند مصباته، وإتفقتا على ألا تدعا العرب يسكبون الماء العذب في البحار؛ إنما راحتا تصنعانه وتبيعانه لهم بأغلى من نفطهم، وبهذا لم يعد سعر البترول كافي لإرواء ظمأ رمال الصحارى العربية السافية عطشا للفكر قبل الماء! يا أمة ضحكت من جهلها الأمم” أي “المايعرف تدابيره حنطته تاكل إشعيره”.

وفعلا بددنا أهمية نفطنا، الذي لن يستعيد عافية أسعاره، بقوة عقول، في رؤوس دهاة دوليين يخططون بذكاء فائق؛ يجرجروننا من غرائز الحقد المتبادل بيننا؛ الى مقايضة برميل النفط الذي فقد قيمته، بقنينة ماء، عرفوا كيف يعطونها قيمة مضاعفة.

حامدين الشيطان وشاكرين له، ان مراكز الدراسات التي تنفق الدول العربية، مليارات الدولارات سنويا عليها، ما زالت تعمل على إثبات ان دخول الحمام بالقدم اليمنى أثوب من إرتداء (فردة) الحذاء اليسرى.. “يا أمة ضحكت من جهلها الأمم” وجعلت نفطها أرخص من الماء، في أولويات الإقتصاد العالمي.