بعد قضاء صدام على الانتفاضة الشعبانية في 16 آذار 1991 بكل ما أُوتيً من قوة وهمجية.. بدأ صفحته الثانية بتصفية آثار الانتفاضة.. بالانتقام من المحافظات المنتفضة.. فكان التجويع.. وإيقاف ابسط الخدمات والمشاريع عنها.. ولم تحصل هذه المحافظات حتى على ساعة واحدة من الكهرباء الوطنية.. بل وصل الأمر الى ساعة واحدة تزود بها محافظات النجف وكربلاء والديوانية كل ثلاثة أيام.. وقليلاً أو مثلها المحافظات الجنوبية الأخرى.. في حين كانت بغداد تزود ب 14 ـ 18 ساعة يومياً.. كما وصل التعامل مع أبناء هذه المناطق كمواطنين من الدرجة الثانية.. وكان ذلك السلوك شاملاً.. حتى شمل المدراء العامون من أبناء هذه المناطق.. فكانوا يعاملون بالاستعلاء عليهم.. والنظر إليهم نظرة دنيوية..
بعد ثلاث سنوات من الانتقام والتجويع والإهمال للمحافظات الجنوبية ومناطق الفرات الأوسط.. افتتح صدام الصفحة الثانية من مسيرة الانتقام من هذه المحافظات.. فكانت صفحة إذلال وجوه القوم وشخصياته.. فأمر بإحضار رؤساء عشائر هذه المحافظات ووجوهها لمقابلته في القصر الجمهوري.. ومورست بحقهم أحقر أساليب البطش والإرهاب والحرب النفسية.. لم يستخدمها أي دكتاتور سابق في العالم ضد شعبه..
كان إحضارهم بشكل لا يليق بعلية القوم ووجوهه.. حيث يبقونً مهملين ساعات طويلة.. ثم يؤخذون لاستبدال ملابسهم.. بملابس مهئية في القصر.. وهذه إساءة نفسية.. واعتداء على كرامتهم.. وإشعارهم إنهم قذرين.. والقائد ينعم عليهم !!.. حتى إذا بدأ الليل يُدخلون قاعة الاستقبال.. وهي مطفأة الأنوار.. ويبقون جالسين في ظلام دامس.. بلا كلام ولا حركة حوالي ثلاث ساعات لسحق إنسانيتهم تماماً.. ثم يدخل فجأةً عليهم صدام وبدخوله تفتح الأنوار والإضاءة.. فيقفون وتبدأ هتافاتهم وأشعارهم.. والبعض يدبكون وآخرون يرقصون.. حيث يؤمرون بالقيام بذلك منذ وصولهم.. وإلا ……. الى أن يشبع صدام غروره بإذلالهم تماماً.. فيؤشر عليهم ليجلسوا..
ليبدأ صدام بالكلام الذي يقطع عن التسجيل والتصوير التلفزيوني .. ويبدأ بكلام وقح وبالإساءة إليهم.. وحتى شتمهم بالأسماء.. وشتم أهالي مناطقهم الذين ثاروا عليه.. وعندما يشبع غروره ويرتاح.. يعود التلفزيون للنقل لنسمع ونشاهد حديث جديد.. كان يبث علينا يختلف تماماً عن حديثه الأول.. وهتافات الحضور ودبكاتهم.. وفدوه أنروح إحنا وعشائرنا للقائد.. وغير ذلك من الدجل الرخيص .. أما القلة التي لم تهين نفسها وتبقى جالسة في القاعة ساكتة.. فمصيرها يكون فيما بعد مجهولاً بين السجن أو الاختفاء أو التغيب..
ففي الوقت الذي يموت فيه شعبنا جوعاً.. وبعض من نخب مثقفي العراق وعلمائه يسحقون سحقاً.. في حين كان هؤلاء الذين يسمون أنفسهم شيوخاً ووجهاءً يشتمهم صدام ينكسون رؤوسهم.. وهم يرقصون له.. ويرمون عٌكلهم تحت حذاء صدام.. هؤلاء الذين اختارهم صدام ونصبهم شيوخاً على العشائر من موافقتهم أو معرفتهم أو أخذ رأيهم بهؤلاء..
تحية احترام لشيوخ العشائر الكرام الأصلاء.. وأفٍ.. أفٍ لكل من دنس شرف عشائر العراق.. شيوخ العراق الأصلاء: اطردوا شيوخ .. صدام من بين صفوفكم..