منذ تأسيس الدولة العراقية عام 1921 كانت المدن العراقية لكل مدينة فلكلورها الخاص المتمثل بالمدنية , لاسيما مراكز المحافظات, كما للريف فلكلوره وطبيعته الخاصه به .
وعلى الرغم من الهجرات المتفاوتة بين الحين والآخر ولأسباب متعددة وفي أزمان مختلفة آلا إن النسيج الاجتماعي للمدينة بقي محافظا نوعا ما كما بقيت الأرياف في طبيعتها ووضعها .
ولكن سطوتها بدأت تظهر بصورة كبيرة وأخذت تأخذ منحى آخر فالكل يعرف ان في العصور الماضية كان للشيخ ارض تضمه مع ابناء عشيرته , حتى كانت تسمى ديرة الشيخ فلان تضم عدد كبير من أبناء العشيرة فتسمى جميع تلك الأراضي التي يقطنونها باسمهم , حيث كانت ملاذا آمنا للناس في حل مشاكلهم .
إلا ان جميع هذه الأمور تغيرت تماما بعد سقوط النظام البائد فأصبح ما يعرف بشيوخ المدن متخذين مراكز المدن مسكنا ودواوين لهم بعد ان كان الشيوخ يقطنون في أراضيهم وبين أبناء عشيرتهم .
فأصبحت تجارة مربحة للكثيرين , ففي بغداد التي كانت لم تعرف ما هو الطابع العشائري باعتبارها أساس المدن المدنية البعيدة عن النظام العشائري , أصبح فيها مكان يتم فيه تأجير وجهاء وشيوخ العشائر , في حين ان الكثير من العوائل البغدادية لم تكن ترتبط بالعشائر وبعيدة عن الأعراف العشائرية .
ولهذا اخذ هولاء بما يعرف بشيوخ المدن بجمع ثروات طائلة على حساب الناس الفقراء , فتكونت مدن ذات صبغة عشائرية بحته .
فيما أضاعت تلك العشائر صوابها فهي لم تتماشى مع التقاليد والأعراف المتأصلة والتي كانت تتبع سلوكا محافظا متمثلا بقيم الشرف والحمية والعفة والاستقامة كما هي العشائر التقليدية ولا تغيرت اجتماعيا وحلت نفسها وتحولت إلى تجمعات مدنية .
ولذلك يحتاج الشعب إلى إعادة نظر وربما لثورة اجتماعية للأسس التي بنيت عليه الأوضاع الشاذة للمجتمع العراقي والدفع بالمجتمع نحو العقلانية والتقدمية خطوة نحو أخرى .