23 ديسمبر، 2024 2:33 ص

شيوخ العشائر والمُثقّفون.. والخُذلان الوطني (1-3)‎

شيوخ العشائر والمُثقّفون.. والخُذلان الوطني (1-3)‎

بعض العناوين الثقافية والإجتماعية السائرة ضمن ركب الأيديولوجيات السائدة وصفوا هتافات المتظاهرين (ايران برة برة… بغداد تبقى حرة) في التظاهرات السابقة على أنها هتافات صدَرَت من بعثيّة ومندسّين تهدف الى زعزعة الأمن والإستقرا في البلاد، وبعضهم إعتبر الهتافات والشعارات التي أطلقتها الجماهير العراقية المنتفضة تندّيدا بتدخل ايران بشؤون العراق.. هو أمر خارج عن أخلاقيات ردّ الجميل لإيران.. لأنها (بحسب زعمهم) ساعَدَت العراق في حربه ضد داعش والإرهاب من خلال التسليح وتقديم الخبرة والإستشارات العسكرية وتواجد خبرائها في العراق أمثال قاسم سليماني وغيره..الحقيقة (بصرف النظر عن الخوض في تفاصيل المزاعم)، وبعد فحص طويل والبحث عن إنتماء وتوجّه العديد من هؤلاء والأسباب التي دعتهم وتدعوهم دائما لمؤازرة السلطة وتسجيل مثل هذه المواقف الفاسدة، تبيّن أنهم ينقسمون الى ثلاثة أقسام، القسم الأوّل: الذين غُرّر بهم تغرير (فكري و مذهبي) و وعدوهم بتحقيق الأماني، فسقطوا وأنجرفوا معهم وأعلنوا الولاء للأحزاب الحاكمة التي تُوالي ايران وتتّفق مع سياستها وتدخلها  بشؤون العراق بطبيعة الحال، وبالتالي يثبت وبالملازمة أن ولاء هؤلاء في هذا القسم لايخرج عن إنتماء تلك الأحزاب وولاءاتها الخارجية. والقسم الثاني، يتألّف من المصلحيّة المنتفعين والمستفيدين من الأحزاب الحاكمة والمتنفّذة المتسلّطة وأن إستمرار المصلحة وديمومة منافعهم ترتبط إرتباطا عضويّا بديمومة تلك الأحزاب وبقائها في الحكم، لأن سقوطها يعني وبالضرورة إنتهاء وتلاشي مصالحهم.القسم الثالث والأخير من أولئك، وهذا القسم لاينحصر ببعض االمثقّفين وحسب بل ويشمل العديد من العناوين الإجتماعية والدينية، كشيوخ بعض العشائر و وعّاظ السلطان وغيرها من واجهات، فهؤلاء عبارة عن مجموعة من أصوات وأقلام وعناوين و واجهات مأجورة التي باعَت ذمّتها وشرفها ودينها وضميرها ووطنها وشعبها وحريّتها وسخّرت طاقاتها الماديّة والمعنويّة لأغراض الإستفادة الشخصيّة والفئويّة و وظّفتها في خدمة تلك الأحزاب والدعوة لصالحها، وليس ببعيد وكلّنا أو أغلبنا نتذكر ،إمبراطورية الإرتزاق الثقافي، التي إستغلّها الدكتاتور صدام حسين في تسويق المظالم والمفاسد والخيانات في حكومته وتحويلها من قبل هؤلاء المرتزقة الى بطولات وطنية وتأريخية. حيث إستسلم لها أغلب رموز الشارع الثقافي العراقي ووجدت لها مجنّدين في مؤسسات إعلامية وثقافية إقليمية ودولية. بعد الأحتلال في 2003 وسقوط الدكتاتورية البعثية،

لم تسقط معها إمبراطورية الإرتزاق رغم تبعثرها.. بل ما أسرع أن عادَت تبحث عن مَن تُكمل مشوارها معه، وبالتالي فإن هؤلاء المرتزقة أو هذه الإمبراطورية من بائعي الشرَف والضمير لايهمّهم كيفما يكون حال البلاد والعباد طالما أن جيوبهم ممتلئة وحوائجهم مقضيّة، وأعتقد، أن تأثير هؤلاء هذا القِسم في المجتمع أشد فتكا وتأثيرا على الوطن من تأثير أولئك السابقَين. لأن من الممكن (للقسم الأول والثاني) لو تأتّى لهم أن يعرفوا ويفهموا حقيقة الأمور أن يتغيّروا ويعودوا الى جادّة العقل والصواب. لكن هؤلاء برغم معرفتهم الحقيقة إلا أنهم كلّما زادت مواردهم وأموالهم.. إزدادوا إصرارا على اللوث والتخريب والدمار..عن الأحدث والتظاهرات الأخيرة التي راح ضحيّتها العديد من الشباب الوطني العراقي بين شهيد وجريح وبين معتَقَل، نتساءل ونسأل جميع هؤلاء كما نسأل غيرهم من العقلاء والمنصفين، إذا كانت هتافات الجماهير في التظاهرة الأولى ليست عفوية وأنها مسيّسة ويقودها بعثيّون ومقصودة وتستهدف ايران الدولة جارة العراق الطيّبة.. فلماذا إذا وقفتم بالضد من التظاهرات التي تلَتها والتي عمّت محافظات العراق تقريبا وأوشَكَت أن تُطيح بحكومتكم الفاسدة على الرغم أن الهتافات والشعارات التي تخلّلتها كانت وطنيّة صرفة فقط إعتزازا وأفتخارا بالعراق وليس لغير العراق وأصطففتم جميعكم مع الحكومة ضد شعبكم ووطنكم، فهل هذه أيضا تظاهرات يقودها البعثية، وتهدف الى زعزعة امن وأستقرار البلاد، وماذا تسمّون التفجيرات الشبه اليومية التي ضرَبَت وتضرب في طول وعرض البلاد يوميّا، فهل هذه التفجيرات لحفظ أمن وأستقرار البلاد أم ماذا، فما هي حججكم ومبرّراتكم هذه المرّة؟؟.ومن أبرز العناوين التي تخاذلَت عن نصرة شعوبها وعشائرها ووطنها في هذه المرحلة التأريخية العصيبة التي مرَّت ومازالت تمر على العراق، وخانَت وباعَت شرَفها وضميرها ومكانتها الإجتماعية والتأريخية الى سلطة الفاسدين، ولم تُسجّل أي موقف وطني مشرّف لها إلّا الأندر منهم هم (شيوخ العشائر..)،

وقد سجَّل التأريخ نماذج وأمثلة كثيرة عن التخاذل والمواقف الإنهزامية لهذه الشريحة، فقد سبق وأن كاتَبَ شيوخ ووجهاء العراق الأمام الحسين (عليه السلام) وبعَثوا له إثناعشر ألف رسالة يدعونه فيها القدوم الى العراق، فكتبوا أليه (بسم الله الرحمن الرحيم، الى الحسين بن علي من فلان وفلان وفلان وشيعته من المؤمنين والمسلمين من أهل الكوفة. سلام عليك فإنا نحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو. أما بعد: فالحمد لله الذي قصم عدوك الجبار العنيد الذي انتـزى على هذه الأمة فابتـزها وغصبها فيأها وتأمر عليها بغير رضى منها، ثم قتل خيارها… إنه ليس علينا إمام، فأقبل لعل الله أن يجمعنا بك على الحق… والسلام ورحمة الله عليك). وأيضا هذا التأريخ ذكَر لنا، ان العشرات من هؤلاء شيوخ و وجهاء الكوفة…