3 نوفمبر، 2024 12:35 ص
Search
Close this search box.

شيوخ العشائر والدور الذي يلعبونه/1

شيوخ العشائر والدور الذي يلعبونه/1

شيوخ العشائر منذ الأزل لهم الدور الريادي في المواقف المتباينة في التأريخ، سواء كانت على حق ام على باطل.
وشيوخ العشائر كانوا يقودون ابناء عشائرهم الى العاقبة الحسنة في حال كونهم على الحق، كما هو الحال بالنسبة الى زعماء القبائل الذين اسلموا في عهد النبي المصطفى(ص).
وكما هو الحال في نصرتهم لأمير المؤمنين (ع)، والمختار الثقفي وغيره .
وكان المعتاد في زمن النبي (ص) آنذاك لدى ابناء القبائل والعشائر كان أمرهم  بيد شيخ العشيرة أو القبيلة، وعندما كان احد الزعماء يعلن إسلامه، فمعنى ذلك ان قبيلته بأكملها تعلن إسلامها بمجرد ان يعلن شيخ القبيلة او شيخ العشيرة. وتكون القبيلة بكل الأحوال مع مشايخهم بغض النظر عن الحق والباطل.
فأبناء القبيلة منقادون في أمورهم لشيوخهم إلا ما ندر منهم، وشواهد التاريخ مليئة بالأمثلة الحيّة، ولايزال هذا التقليد قائماً منذ ذلك الحين والى يومنا هذا، وكان النبي(ص) يعاني من بعض شيوخ القبائل الذين كانوا يشوهون الحقائق لأبناء قبيلتهم لأغراض شخصية ولميولهم الدنيوية، لأنّ بعضهم كان يفكّر بمكانته في الزعامة وأنها سوف تهتز وتضمحل في ظل هيمنة سلطة النبي(ص) على شؤون القبيلة، وسيكون فيما بعد الولاء للنبي لا لشيخ القبيلة، وللإسلام لا للتقاليد المظلمة وستكون عندها القبيلة منصاعة للحق وليس للباطل، وأحببت هنا ان اظهر بعض المواقف لشيوخ القبائل والعشائر في العهود التالية:

١- في العهود الجاهلية كان ابناء القبائل ينقادون لزعماءهم سواء كانوا على حق ام باطل، سواء كانوا يسطون او يعتدون على الاخرين فهم منقادون للعصبية الجاهلية.
٢- في عهد النبي، كان زعماء القبائل على نفس تلك الوتيرة، الا ان الاسلام لم يجبر احداً من ابناء القبائل على الاسلام سواء اسلم شيخ القبيلة ام لم يسلم.
٣- الكثير من شيوخ القبائل كانوا ولازالوا ينصاعون وراء رغباتهم وشهواتهم وزعاماتهم تاركين وراءهم ابناء قبيلتهم تسيّرهم رغبات شيوخهم، وكان بعض شيوخ العشائر يموتون وهم في احضان العاهرات وما شاكل، وكانوا غالباً ما يموتون وهم على حال السكر والعربدة خصوصاً أُؤلئك الشيوخ الذين كانوا في القرون الماضية، ومجالسهم مليئة بالمظالم والتعدي على الاخرين من قبيل التحايل لأجل غصب حقوق الاخرين وما شاكل، وقُبال تلك المواقف فإنّ هناك من زعماء العشائر من لهم المواقف المشرّفة، وقد ضحى بعضهم بنفسه وبأمواله وبمكانته الاجتماعية دفاعاً عن الحق والدين والعرض، ولكنهم قليلون.
٤- في زمن المقبور الهالك اصبح شيخ العشيرة مخبراً للدولة ويقوم بالتجسس على ابناء عشيرته، فمن كان منهم هارباً من الخدمة الإلزامية او من كان منهم معارضاً للنظام  فإن الشيخ يحاول ان يجد لنفسه مخرجاً من ذلك الموقف، فإما ان يقوم بتسليم ابن العشيرة الى السلطات آنذاك واما ان يقوم بنكران الخبر، وإما ان يقدم تقريراً مفصلاً عن احوال ابناء قبيلته او عشيرته، وبالتالي فإن شيخ العشيرة كان أشبه بالشرطي على ابناء عشيرته، لكي يقدم للدولة التقارير المفصلة عن ابناء العشيرة.
٥- في زمن المقبور كان الكثيرون من رؤساء العشائر قد قدّموا من ابناء عشيرتهم عشرات بل مئآت الاسماء لكي يجبروهم على التطوّع في الجيش الشعبي وما شاكل، ومنهم من كان يتلقّى أشد الإهانات من قبل الرفاق لكي يجلب اكبر عدد ممكن من ابناء عشيرته ليكونوا خدماً للنظام.
٦- شيوخ العشائر كانوا ومازالوا يعتبرون المشيخة هي وراثة من الله لهم ولأبناءهم، جيلاً بعد جيل، وكأنها هي منصب إلهي لا يمكن التنازل عنه، وإذا تهددت تلك الزعامة على احدهم، فإنّه يقيم الدنيا ولا يقعدها لدفع ذلك التهديد الذي يمكن ان يزعزع ذلك المركز منه، ومن المحتمل ان يقوم بنسف كل ما بنته العشيرة خلال تاريخها الطويل.
أما اذا ظهرت حركة إصلاحية من قبل ابناء العشيرة الواحدة في تصحيح البنية الهيكلية وطريقة إقصاء المشيَخَة من احدهم، فإن الدنيا تقوم ولا تقعد على ذلك المصلح او تلك الحركة، وبعدها تبدأ الدعايات التسقيطية على اي فرد يحاول ان يصحح المسار الخاطيء .
٧- وحسب اطلاعنا المتواضع بهذا الشأن فإن كل شيخ منحرف يُسخر معه مجموعة من حثالات عشيرته لكي يقوموا بأخذ البيعة او التأييد  لهم او لقياداتهم الظالمة وذلك من خلال ملاحقتهم لكل متمرد على التقاليد الظالمة للعشيرة، ومن خلال ملاحقتهم واستخدام اسلوب طرق الأبواب لأخذ المعلومات عن كل صغير أو كبير وتفاصيل شؤونهم.
٨- حينما كان الطاغية يستدعي شيوخ العشائر لمقابلته، فإنهم يتعرضون لأبشع انواع الإهانات من قبل افراء الحماية، واحياناً يصل الأمر الى ان يُدخلوا في مقاعدهم نوعاً من الأخشاب الرفيعة، بدواعي أمنية، وبالحقيقة هي أساليب احتقارية وترضيخية لهم، ثم يعود أُؤلئك المشايخ الى عشائرهم وكأنّ شيئاً لم يكن.( مصدر هذا الخبر عن احد مشايخ الجنوب عندما غادر العراق متوجهاً الى ايران بعدما شعر بالإهانة جرّاء ذلك الموقف). 
٩- فكما كان لشيوخ العشائر مواقف سلبية، فقد كان لمواقفهم الخالدة في ثورة العشرين وما كان لها من دور بارز لمحاربة المحتل آنذاك، وان مواقفهم في الطاعة للمرجعيات الرشيدة في أزمنة ومواطن متعددة مما ينحني لها المرء اجلالاً لتلك المواقف.

الأمثلة الحيّة
١- كان دور الكثيرين من شيوخ العشائر سلبي في الانتفاضة الشعبانية التي حدثت عام ١٩٩١م، ومنهم من تآزر مع ابناء عشرته وقام بالانتفاضة، ومنهم من تخاذل مما أدى الى فشل الانتفاضة الشعبانية، والشواهد كثيرة ….
٢- الشيوخ الذين تعاهدوا على القيام بالبيعة للقائد الضرورة مع علمهم باجرامه ما أدى الى فرعنته واستهتاره بدماء ملايين الابرياء.
٣- الكثير من شيوخ صلاح الدين والأنبار والموصل وديالى ومواقفهم المخزية تجاه داعش، ومبايعتهم لداعش مما أدى الى سقوط المدن الغربية والموصل وديالى، ما أدى الى تهديد العاصمة بغداد، وبالتالي فإنهم عرّضوا ابناء قبائلهم ونساءهم لولاية داعش عليهم. 
٤- بعض الشيوخ كان لهم دورٌ بارز في نصرة الحق، وقد تعرض هؤلاء الى المحاربة لهم  حتى من قبل اقرب الناس إليهم .
٥- زعماء القبائل وشيوخها، كان لهم الدور في دعم وترسيخ  المنحرفين والسرّاق والمرتشين في الحكومات التي جاءت بعد سقوط الطاغية. وذلك من خلال استلامهم الأموال الطائلة من قبل المنحرفين عندما وزعت الرشاوى عليهم لشراء أصواتهم، وبالتالي خسرنا بلدنا ومحافظاتنا وابناءنا والتهديد لازال قائماً مازال مثل شيوخ السوء يميلون مع الأهواء والمصالح. ومادام وجود انتخابات وأموال طائلة وهدايا توزع لأجل شراء وبيع الأصوات وخصوصاً يتنافس السياسيون على القبيلة الأكبر لانها تحمل اصواتاً اكثر، وبالتالي فإنّ أموال السحت والحرام تأكل في بطون المشايخ وأبناء العشائر التي تقوم بهذا الفعل. 

(اقتراحات نافعة لشيوخ العشائر)

١- ينبغي ان تكون هناك شروط وضوابط شرعية، وليست تقليدية كشرط أساسي في تزعيم او ترئيس شيخ العشيرة او القبيلة، ويجب ان يكون المُنَصّب ان يكون ملماً بقضايا العدل ويكون صالحاً في كل حياته.
٢- يجب ان يكون الشيخ او الامير عاملاً بالامر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وهي فروع من الدين فلا ينبغي تعطيلها. 
٣- ينبغي انشاء مجلس أمناء شرعي( وليس تقليدي عشائري) ويكون هذا المجلس منبثق من مجموعة من الأتقياء من ابناء العشيرة ذاتها، وذلك لتحديد خطوات الشيخ او الزعيم وإرشاده بخطواته ان كانت شرعية ام خلافها.
٤- ينبغي ان تكون المشيَخَة بالانتخاب من قبل مجموعة كبيرة من عيّنات القبيلة، ومن مختلف طبقاتها، ليتم تعيين شيخاً يلتزم بضوابط تحددها القبيلة او العشيرة بالإجماع. وتكون المشيَخة لخمس سنين او اكثر او اقل ، وتحدد المدة العشيرة نفسها.
٥- ينبغي ان لا تكون الزعامة طول أبدية ، بحيث يكون الشيخ شيخاً لحين وفاته، ليأتي من بعده ولده، وهذا العرف هو عرفٌ ليس فيه صلاح، لأنّ الشيخ ليس معصوماً من ناحية، وان الوراثة هي عملية سلبية تسيىء الى غالبية ابناء العشيرة، ويفترض على شيخ العشيرة اذا انتهت ولايته يكون مستشاراً للزعامات الجديدة،  وهو افضل له من كونه شيخاً.

وهناك نقاط مهمة اخرى سنتعرض لها مستقبلاً ان شاء الله.
واني لكم الناصح الامين، والله على ما اقول شهيد

أحدث المقالات