هكذا ينطقها شيوخ العشائر ويرفعونها شعاراً ويتخذونها منهجا ومكسباً ويحسبونها حنكة وحكمة وتعقلاً وهنداماً وواجهة ورفعة , وبما إننا لا نؤمن ولا نحبذ لغة التعميم فحديثنا قطعاً لا يشمل الجميع بقدر ما يشمل الأعم الأغلب من شيوخ العشائر وتبقى القلة القليلة التي نمتن لها وأن لم تستطع التأثير ولكن الكلام عن الصفة العامة والغالبة والتي بنهجها الضيق المستهجن تسببت في دمار العراق وتأخرهُ عشرات السنين إلى الوراء , فمن المؤسف جداً أن نرى ورثة الغيرة والحمية والعروبة ومكارم الأخلاق والشجاعة والمواقف والثورات والتاريخ العشائري الزاخر بالقيم والمثل العليا يتعثروا ويسقطوا في فخ الدونية والنظرة المصلحية الضيقة ويسيل لعابهم ويمتثلوا حبواً لنداء الحاكم ودنانيره ودراهمه ملتفين حوله مبايعين له محامين عنه مجّملين صورته ومكممي أفواه أبناء عشائرهم ووطنهم غير آبهين بما يحصل لهم من ضيم وضياع وعوز وفقر وموت أحمر وأبيض ومعاناة نفسية وإجتماعية, حجتهم وشعارهم وفاكهة مجالسهم شعار (إلي يأخذ أمي يصير عمي) بما يعني من يصبح حاكماً فنحن معه وصلتنا به خاصة وليس من الحكمة معارضته والكشح عنه ولا ينبغي أن تصدر أصوات نشاز ضده فهذا يعتبر تعدياً علينا وزوال لنعمتنا , و لا يهم أن يكون العم هذا عدواً وظالماً للشعب وسارقاً وعميلاً بقدر ما يهمه ما يدُر عليه من أموال بعنوان رواتب وهبات وهدايا بالإضافة إلى الدعوات والجلسات والولائم وصرفيات ما ينفقه في مضيفه وهيبة السلطة والسطوة وبهرجها , وهكذا يشهد تاريخنا الحديث تعدد الأزواج أو الأعمام كل زوج أو عم يقضي وطراً وتمر أيام وأشهر وسنين العسل وتدور وتتكرر.. والشعب العراقي يذوق المر والذل والهوان والحرمان ولا يخفى ذلك الولاء ورفع العقال لرئيس النظام السابق ثم ما أن مضى تبدل الولاء ورفع العقال لمن بعده وهكذا خلال ثلاثة عشر عاماً تبدل الولاء ورفع العقال وتعدد الأزواج أو الأعمام لأكثر من سبعة وكيف أداروا بهم رحى مظالمهم , ولا ننسى العم بوش والعم بريمر !! بالإضافة إلى الولاء لهذه الكتلة ورئيسها وتلك وما يحصل من انقسامات فيما بين الكتل والذي يعني الانقسام فيما بينهم وبين عشائرهم !! بهذه العقلية وبهذا المفهوم وبهذه المواقف يتعامل الأعم الأغلب من شيوخ العراق مع من يحكم العراق ومع من ينضوي تحت رعايتهم وعشائرهم وهكذا هي حدود النظرة والمسؤولية لا تتعدى حيز الدائرة الضيقة لنفسه وواجهته وجيبه وقدره لكي يُسخر ويوظف لرغبات الحاكم وحزبه وقائمته ومذهبه (فيد واستفيد) وهو السبب الأبرز الذي أوصل الحال إلى ما هو عليه وقد شخص وأشار المرجع العراقي العربي السيد الصرخي الحسني لهذا الأمر الخطير والسبب والداء الأبرز وكيفية تفاديه أثناء لقاءه بوفد
إمارة قبائل ربيعة في العراق والوطن العربي الذي ضم سمو أميرها محمد ربيعة الحبيب بتاريخ 31-10 2013 قائلاً (… عندما نتحدث عن رؤساء العشائر , أي شريحة اجتماعية أي زعامة اجتماعية أي زعامة قبلية تمثل الحق ؟ هل هي الزعامة التي تكون مع هذه الجهة السياسية أو مع هذه الجهة السياسية ؟ , انتم تعلمون وانتم بالتأكيد تعانون من هذه الكتلة العشائرية تنتمي لهذه الجهة السياسية وهذه الكتلة تنتمي لهذه الجهة السياسية , فعندما تتصدى هذه صارت المناصب والتعيينات والأموال لهذه , وضرب هذه , وعندما يتصدى هذا وهكذا , هذا نأسف له نحن من أول الأمر من أول أيام الاحتلال دعونا أن تكون لزعماء العشائر بغض النظر عن توجهاتهم بغض النظر عن اعتقاداتهم بغض النظر عن سلوكه حتى لو كان فيه أو عند البعض أو عند الكثير جانبا من الانحراف في السلوك , مع هذا قلنا أن نوفر لهم الحد الأدنى من المعيشة الكريمة لرؤساء العشائر , أحسن ما يكون كل منهم ينقاد لهذه الجهة و لهذه الجهة, لأنه أيضا يريد أن يؤسس له ولعائلته المعيشة العائلية والمعيشة القبلية العشائرية والمكانة التي هو فيها وأسست له ويتعامل مع الآخرين فلابد أن نؤسس له ضمن هذا الحيز الاجتماعي الذي يعيشه , وتوفير مثل هذه القضية ومثل هذه المؤنة لشيوخ العشائر سينزع من السياسيين وسيلة الضغط عليهم , كان من المفروض أن يؤسس قانون يضم هؤلاء يضم هذه الواجهات الاجتماعية حتى لا يكون تأثير للسياسي على هؤلاء , وهم طبعا هذه قضية التشقيق بين العشائر أيضا كل شخص هذا يعطي وهذا يعطي فيكون كسب مادي وكسب سياسي , وهذا الذي يؤدي بنا إلى الهاوية والى الهلاك ومهما نحكي ألان ونتحدث عن جانب الإصلاح , إذا لم يتحرر رؤساء القبائل ورؤساء العشائر ومن خلالهم يتحرر أبناء العشائر من هذه الزعامات السياسية ومن هذه الضغوط المادية , لا يمكن ان تصور اي خلاص للمجتمع العراقي , والآن نريد ان يفهم شيخ العشيرة , يفهم القائد , يفهم الزعيم , يفهم من يتصدى للمجتمع , كل القادة في حالة ضعف الان هم من يحتاجون لرئيس العشيرة ربما قبل عام عندهم وسيلة ضغط عندهم قوة…) وقال سماحته في حديثه لجريدة الوطن المصرية بتاريخ 21-2-2015 (ان شيوخ العشائر في العراق إلا القليل غرر بهم وغدروا بأنفسهم وبأهليهم وعشائرهم وغدروا بالعراق وشعب العراق فلا بد من صحوة ضمير حقيقية وتوبة نصوحة إلى الله وعهد وميثاق شرف من رجال شرفاء من أجل تصحيح الفكر والمعتقد والمسار والعمل من أجل العراق وشعب العراق ومن أجل دين وتاريخ وحضارة وأخلاق العراق وأهل العراق” ….)