23 ديسمبر، 2024 10:10 ص

شيوخنا تشكو من النعاس.. وشبابنا تشكو من الافلاس.. فهل نحن خير أمة أخرجت للناس

شيوخنا تشكو من النعاس.. وشبابنا تشكو من الافلاس.. فهل نحن خير أمة أخرجت للناس

المجاميع البشرية، التي تتجاوز الثلاثة، ينطبق عليها مصطلح (أمة) حسب قاموس اللغة العربية، الذي ورثناه عن أسلافنا المسطورين على شجرة العائلة، نسلونا ونسيتنا الدنيا مهملين بلا خدمات.
فكل الفصائل التي خلقها الله، على ارضه التي سيرثها عباده الصالحون، منح أجسامها القدرة على التكيف مع متطلبات البيئة، المحيطة.. من حولها.. فروا يقيها الثلج وبشرة رقيقة تلطفها عند الحر.. إلا الإنسان، فقد أنعم عليه بالعقل الذي يمكنه من تكييف البيئة مع متلطلبات جسده.. صانعا الثياب للإستدفاء بردا والمهفات للإستبراد حرا.
 
مخضر
ومع نمو تعداد البشر، جردت وزارات التخطيط ومراكز الدراسات، في كل الدول، التي تقطنها أمم من الناس.. تحدد كم يحتاج الشعب من وحدات كهربائية، ليعيش مرفها في ظل حكومة تكفل سعادته، التي درجها الاتحاد الاوربي ضمن فقرات دستوره، نازلا الى التفاصيل الدقيقة مثل إشتراطه على الجهات الرقابية، في أسواق دول الاتحاد، عدم السماح لباعة (المخضر) بعرض خيار مقوس، والاكتفاء ببيع المستقيم فقط؛ لأن خبراء الزراعة يقرون بأن الخيارة العوجاء، مصابة بفايروس من جهة الالتواء!
فهل بلغ العراق هذا الحد من العناية بشعبه، أم “إذهب انت وربك فقاتلا” أصحاب القرار خلف متاريس المنطقة الخضراء قاعدون، وخريطة العراق المتبقية.. كلها.. منطقة حمراء لاهبة!
 
زواج
مراكز الدراسات التابعة لوزارات التخطيط في دول العالم، تقدر معدل تسارع النمو من خلال قوة التناسل؛ فتنشئ محطات توليد كهربائي جديدة، وتوسع الطاقة الانتاجية للقديمة، مضيفة وحدات أخرى؛ لإستيعاب الانشطارات السكانية، بحساب ان الولد والبنت اللذين كانا يقيمان مع أهليهما في بيت ذي (سبلت) واحد وثلاجة وغسالة وتلفزيون مشترك للعائلة كلها، تزوجا الان وكونا بيتا مضافا للتعداد السابق يستلزم (سبلت) وثلاجة وغسالة وتلفزيون، تتطلب تجهيز تيار فائق القوة كي تواكب منظومة، السعة التناسلية للمجتمع، حسب زخم تدفقها، فالمجتمعات ذات الدفع الانجابي الشديد، تتطلب خططا سنوية التوسع، متعددة الاشكال، متنوعة الأسايب.. ومتجددة، والاقل زخما في تدفقها التناسلي، تتمطى خططها الى سنتين وخمس وربما أكثر، حسب هدوء الشباب في التهافت على الزواج!
وهذا يجيء بي الى منطقة إشتغالي، بإعتباري طبيبا، أتمنى ان تتوسع المستشفيات الموجودة، وتنشأ مستشفيات تستوعب دورات الاطباء والصيادلة والممرضين والممرضات، المتخرجين في كليات ومعاهد ومدارس الطب والتمريض، ولتستطيع تقديم خدمات علاجية وافية، لكل منطقة، تصاعدا طرديا بعدد المستشفيات، وسعتها، نظير توسع المدن وتعدد العوائل الناشئة، وبهذا نضمن خدمات مثالية؛ تلزم المريض بإحترام الطبيب، وتقديس المستشفى، بدل ظاهرة الاعتداء على الاطباء، التي انتشرت مؤخرا؛ جراء قصور الخدمات والمستلزمات، وليس لخلل في طبيب، او قسوة في أداء غير رحوم.. على الاطلاق، إنما هو زخم المراجعين، المتدفق بقوة لا يستوعبها مستشفى قديم متهالك، توسعت المنطقة من حوله وفقد هو كثير من وحداته.
ما يعيدني الى الفقرة الرابعة من هذا الموضوع: “هل بلغ العراق حد العناية بشعبه، الى درجة توفير كهرباء ورعاية صحية ونظافة وتهيئة مدارس لبيوت الشباب المتزوجين حديثا؟”.
الجواب في مقطع من قصيدة للشاعر السوري الراحل محمد الماغوط: “شيوخنا تشكو من النعاس.. وشبابنا تشكو من الافلاس.. فهل نحن خير أمة أخرجت للناس!؟”