18 ديسمبر، 2024 9:56 م

شيعة الكوفة لم يقتلوا الحسين “ع” ج1

شيعة الكوفة لم يقتلوا الحسين “ع” ج1

كثيراً ما يروج, في مجتمعاتنا الشيعية للأسف, أن أهل الكوفة, هم من قتلوا الحسين ابن علي”عليهما السلام “, ويقصد بهم شيعة العراق, ونرى التيار الوهابي والسني والعلماني, وظهور تيارات تدعي التشيع (الصرخي), تثقف لهذه الرؤيا , ويروجون إن أهل العراق, هم من قتلوا إمامهم, أو خانوا الحسين وغدروا به, وأصبحت هذه صفة ملازمة للشيعي العراقي، ورسخ هذه الفكرة أكثر في الأذهان, فكر حزب البعث في ثقافة العراقيين, وكذا الدول المناهضة للتشيع, وللأسف قرأت حتى لكتاب شيعة, متعصبين لأوطانهم يسيرون بنفس الذم .
ويكون هذا الحديث رائجاً, في موسم الشعائر الحسينية (عاشوراء ), لاستهداف الشعائر والانتقاص منها, والعمل على منعها, من حيث لا نشعر, في ترديد نغمة, لو كان الحسين اليوم حياً لقتلتموه, أو انتم تبكون على الحسين, وأجدادكم هم من اشتركوا بقتلة, وتمشون كذباً ونفاقاً, الى الحسين “ع” .
الكوفة قديماً يعنى بها العراق, او جنوب العراق , وكانت من أعرق حواضر العالم, سياسياً واقتصاديا,ً وتمثل عمقاً إستراتيجيا, للدول المجاورة, في عصر الفتوحات الإسلامية , تمتد من الحلة (بابل)في وسط العراق, الى البصرة جنوباً, وتشمل مساحات واسعة, من أهوار إيران وأراضيها (عربستان ) .تأسست مدينة الكوفة, في زمن عمر بن الخطاب 17 هجرية, كنقطة عسكرية تعسكر, تحط بها الجيوش القادمة من البصرة, والمتوجهة الى المدائن, ومركز لإدارة المعارك الجارية في العراق, ثم تطورت لتكون دور استراحة , تضم عوائل الجيش بكل ألوانهم, وبهذا يتضح ان الكوفة مدينة نشأت حديثاً, قبل قدوم الإمام الحسين ع ب40عاماً, وليست مدينة ذات تأريخ عريق, كمكة المكرمة والمدينة والمنورة .
من المقدمة أعلاه, يتضح ان البيئة الاجتماعية, التي بنيت على أساسها الكوفة, هي تعدد اللغات واللهجات والثقافات,بسبب مكونات العسكر, فكان هناك المسيحي واليهودي, والعربي والأعجمي, وكان الولاء السياسي والديني, للخليفة عمر المؤسس للمدينة, وللخليفة أبو بكر وعثمان لأربعون عاماً, كذالك تعدد العشائر, ولم تكن هناك عشيرة طاغية, على غيرها, مؤثرة الى حد كبير, في القرار السياسي الكوفي, او حتى قادرة على التغيير, والشيعة في هذه المكونات, كان يمثلون الأقلية, ولربما لا تتجاوز نسبتهم 10%, من سكان المدينة, وكانوا يعملون بالتقية, خوفاً من بطش الأمويين المناهضين, لتوجه على ابن ابي طالب “ع”, وهذا الحال يسري في البصرة ايضاً, فلو كانت الكوفة والبصرة شيعيتان, لما خذل أمير المؤمنين “ع”, ولما بقيت بدعة صلاة التراويح, تقام في مسجد الكوفة, في خلافته “ع”, ولم تكسر قراراته, في حروب الجمل وصفين والنهروان, ولم يتعرض للحروب الداخلية, ونهوض حركات معارضة كالخوارج, وهما تحت سلطانه .
فالكوفة لم تكن مهيأة, لاحتضان مشروع الحسين “ع” ولثورته, بسبب التضليل الإعلامي, الذي عمل عليه الأمويون, لأهل الكوفة, والجهل وعدم المعرفة بال النبي “ص”, وتغييب الزعامات الشيعية الموالية, كهانئ ابن عروة وسليمان ابن صرد الخزاعي والمختار الثقفي, والاعتقالات والسجون التي ملئت ب 12 الف موالي , والقتل وقطع الأيدي والصلب على المساجد والتهجير إلى خوزستان وخراسان , لهذا استقبلت الكوفة راس الحسين “ع” بالزغاريد, وبرمي الأوساخ على عياله “ع” ونسوته, وكأنهم خوارج, وساحة قتل الحسين لم تبعد عنهم, إلا فراسخ .
ومما يزيدك يقيناً ان من قتلوا الحسين هم ليسوا شيعته خطابه في يوم «ويحكم يا شيعة ال أبي سفيان ! إن لم يكن لكم دين ، وكنتم لا تخافون المعاد، فكونوا أحرارآ في ديناكم هذه وارجعوا إلى أحسابكم إن كنتم عربآ كما تزعمون » وهل يوجد دليل اصدق من قول المعصوم “ع” .

يتبع …
لماذا وافق الحسين “ع” على القدوم إلى الكوفة إذا كانت هذه أحوالهم …؟ لماذا لم يرجع ..؟ ومن راسل الإمام. ..؟ في الجزء الثاني من (أهل الكوفة لم يقتلوا الحسين “ع”) .