23 ديسمبر، 2024 12:34 ص

شيعة العراق وتداعيات العمق الإيراني / ج 1

شيعة العراق وتداعيات العمق الإيراني / ج 1

تعد الحوزة الدينية في النجف مركزاً دينياً فقهياً سياسياً مهماً يتوجه إليها الشيعة من كل أنحاء العالم سيما إيران ويندر أن نجد عالماً دينياً إيرانياً بارزاً لم يدرس في هذه الحوزة العريقة وقد عَدّ (السيد الخميني) النجف قاعدة فاعلة ومنطلقاً لتوسيع دائرة نفوذه في معارضة النظام الشاه البهلوي قبل إقدام الحكومة العراقية السابقة على ترحيله من مدينة النجف الأشرف في العراق لتتتابع الأحداث مفضيةً إلى تسنمه دفة قيادة إيران وتحويلها إلى الجمهورية الإسلامية وإعتماد مبدأ ولاية الفقيه وسياسة ( تصدير الثورة الإسلامية ) الأمر الذي كانت له تداعيات شهدتها الساحة العراقية ونجم عنها موقف متشنج في بغداد خاصة مع التفجيرات الدامية التي شهدتها الجامعة المستنصرية ومرأب النقل في بغداد فضلاً عن محاولات إغتيال بعض رموز الحكم آنذاك مثل ( السيد طارق عزيز) وما رافق ذلك من قصف للمخافر الحدودية العراقية  لتكون هذه الأحداث من الأسباب الرئيسية لإندلاع الحرب العراقية الإيرانية عام  1980 والتي إستمرت حتى 8/ 8/ 1988م تبعها وفاة (السيد الخميني) سنة 1989 لتجد إيران نفسها تعيش أزمة خانقة بسبب سياساتها التي إنتهجتها بدءاً من تصدير الثورة التفجيرات التي شهدتها الدول والسفارات التي تتقاطع مع سياسة إيران آنذاك  … لتنتقل إلى سياسة أكثر دهاء تحت قيادة هاشمي رفسنجاني لتقوم بتصدير الثورة ولكن هذه المرة بطريقة سلمية متبعة اسلوب الحوار والتهدئة خلافاً لأسلوب العنف والارهاب والتطرف لتستقطب المعارضة العراقية كما هو الحال مع المجلس الأعلى للثورة الإسلامية الذي إنبثق عنه الجناح العسكري (فيلق بدر) فقد عدت إيران منطلقاً أساسياً لإدامة زخم هجومها على العراق ونظامه السابق ليستمر الأمر حتى عقدت مؤتمرات للمعارضة ضمت الأحزاب الكردية (البارتي واليكتي) التي يتزعمها (السيد مسعود البارزاني والسيد جلال الطالباني) وأحزاب مثل المؤتمر الذي يتزعمه (السيد أحمد الجلبي) السبب الرئيس في تضليل أمريكا وإقدامها على إحتلال العراق بذريعة أسلحة الدمار الشامل فضلاً عن حركة أو حزب الوفاق الذي يتزعمه (السيد أياد علاوي ) و…. لينتهي المخاض بالتدخل العسكري لدول التحالف الذي قادته أمريكا وبريطانيا عام 2002م وتسليم زمام قيادة العراق لهذه الأحزاب التي أثبتت الأيام أنها أوغلت في إيذاء العراق أرضا وشعباً وتأريخاً وجغرافية وحضارة أما الإنسان العراقي فأصبح في مهب الريح تذروه ذات اليمين وذات الشمال لتؤول الأيام بالعراق أن يصبح مهلهلاً مقطع الأوصال يعاني الفرقة والتشرذم والشتات تعصف به الأوبئه ويستشري فيه الفساد وقتل العباد و…لا شك أن إيران هي أكثر المستفيدين من إسقاط أميركا لألد عدوين إقليمين لإيران هما حكومة طالبان الأفغانية التي تتنبى فكراً إسلامياً سُنياً متشدداً ونظام صدام حسين الذي يتبنى فكر وعقيدة حزب البعث العربي الإشتراكي المناوئ للتوجهات الشعوبية الفارسية والداعي لوحدة الأمة العربية من المحيط الأطلسي إلى الخليج العربي  وإعتناق التوجه العروبي الوحدوي الذي يضم تحت جناحيه كل الأديان الأسلام والمسيح والصابئة و…. فضلاً عن المذاهب الإسلامية على مختلف أسمائها ومسمياتها وهذا ما يحول دون تنفيذ حلم ( الإمبراطورية الفارسية ) لذا لم تتوانى من تقديم كل شيء من أجل إسقاط العراق العدو اللدود خاصة وأن إيران لن تنسى في يوما من الأيام أن بغداد كانت عاصمة لإمبراطورية فارس (الحلم القديم الجديد المتجدد) ولن تنسى ثأر السنين الثمانية … لذا إستثمرت إيران إحتلال العراق لتكون القوة الإقليمية المهيمنة في المنطقة بل وفي الشرق الأوسط ولم تنسى أن تأخذ بنظر الإعتبار أن إيران ربما ستكون هي الهدف التالي لأمريكا بعد العراق خاصة إذا تعاظم دورها ونفوذها في المنطقة الأمر الذي جعلها تسهم في إغراق أمريكا في مستنقع العراق من خلال دعم الجماعات المسلحة المناوئة للإحتلال على شتى مشاربها وجعل أمريكا تفكر ألف ألف مرة قبل أن تقدم ثانية على أي عمل عسكري في المنطقة …. معلوم أن لكل شيئٍ ثمن لذا كان السعي الحثيث أن يتولى زمام قيادة العراق الأحزاب المؤمنة آيدلوجياً بولاية الفقيه من الأحزاب والحركات المسلحة التي نمت وترعرعت في إيران ليشهد واقع الحال أن إيران هي من تحكم العراق (بالوكالة) ولضمان أن تكون إيران بمنأى عن أي تدخل أمريكي عسكري مستقبلاً فقد كرست الدور الكبير الذي تلعبه في الساحة العراقية وإظهرت مقدرتها على تحريك الأحداث لتفرض رؤيتها على الإدارة الأميركية من خلال إحراجها داخل الساحة العراقية وتوظيف تداعيات الأحداث لخدمتها الأمر الذي جعل واشنطن تخشى من أي تدخل عسكري في إيران لإعتبارات نوجزها في عدة احتمالات:

1.         إن الشيعة في العراق وعلى الرغم من الخلافات المذهبية مع المرجعيات الدينية الإيرانية بإعتبار أن إيران تؤمن (بولاية الفقيه) والمرشد الأعلى للثورة الإسلامية ممثلاً بــ(السيد علي الخامنئي) وشيعة العراق يتقاطعون مع هذا التوجه بنسبة كبيرة ، يضاف إلى ذلك تعدد المرجعيات الدينية في العراق وإختلاف وجهات النظر لدى المرجعيات ، إلاّ أنه ربما ستعمد المرجعيات إلى فرض جمهورية إسلامية على غرار الجمهورية الإسلامية الإيرانية خاصة وأن حزب الدعوة والمجلس الأعلى من المؤمنين بنهج ولاية الفقيه ولديهم الكثير من أوراق الضغط التي بالإمكان اللعب بها في هذا الإتجاه على الرغم من تأكيدات المرجع الديني الأعلى السيد علي السيستاني بمنع أي دور سياسي لرجال الدين لكن هذه الفتوى تم تسويفها كونها لا تواكب توجهات من يمسك بزمام المبادرة

.2.         تخشى أمريكا من إن شيعة العراق سيكونون تحت نفوذ و سيطرة إيران الأمر الذي يجعلهم دائرين في فلك التوجهات والسياسات الإيرانية.

3.          حرص إيران على توطيد علاقاتها مع المراجع الدينية الشيعية في العراق والذي سيتأتى عنه الإفتاء في أن لا تقوم على تخوم إيران أي دولة علمانية تدخر قدراً كافياً من التقاطع أو العداء لنهج ولاية الفقيه الذي يحكم إيران ويأتي هذا التخوف الإيراني من قيام دولة علمانية للأسباب التالية :