23 ديسمبر، 2024 5:23 ص

شيعة العراق… لامناص من المصالحة

شيعة العراق… لامناص من المصالحة

لا رحمة في الخلافات والمناكفات ولانتائج محمودة في استمرارها ، جاءت هذه القناعة هذا من خلال التجربة السابقة في السنين العجاف الماضية ، صحيح أن السياسة فن الممكن كما قالوا لكن على السياسين أن يعلموا أن هذا الممكن ينطلق من المعطيات الواقعية وليس من الإمنيات والأحلام الفارغة ، فالذي يبتغي تحقيق أهدافه السياسية عليه أن يتعامل بشكل براغماتي محض لا أن يتبع سياسات مرتبكة ويقدم أجندة لا علاقة لها بالواقع…! مع الأسف هذا ما قام به بعض زعماء الشيعة ومنهم تحديدا السيد عمار الحكيم والسيد مقتدى الصدر.. إذ كان عليهما وهما في بداية طريقهما السياسي أن يركبا المركب السهل السائر في المسلك الصحيح وصولا الى أهدافهما بدلا من ركوب الصعب ليجمح بهما في الطريق الوعر ويدخلهما في متاهات وينهي حياتهما السياسية..! كان عليهما تربية عناصرهم الشابة على ثقافة التهدئة واستيعاب الآخر والتعامل بواقعية مع الأحداث بدلا من إشاعة ثقافة الإستفزاز والمناكفات وإثارة التشنجات أو زقهم بمفاهيم لاتستسيغها الأمة مما تكون سببا في نفور الأغلبية عن تياريهما. لم تجنِ الأمة ثمارا طيبة من سياسة المناكفة والمماحكة هذه غير الفرقة والتشنج وتعكير الأجواء وتضييع الوقت وعرقلة التشريعات القانونية وقلة تقديم الخدمات للأمة…!

لا نجد سببا مانعا لتصفير الأزمات الشيعية الشيعية أي بين الصدر والحكيم من جانب وبين المالكي من جانب آخر، بل كان الأجدر أن تنتهي هذه المناكفات والإتهامات والأصوات النشاز الداعية الى فرقة الأمة الشيعية يوم إنتهاء الإنتخابات وقبول النتائج وتقديم الطعونات بشكل قانوني بعيدا عن الضجيج الإعلامي والإتهام بلا أدلة وتصعيد الأزمة التي عمت شرائح الأمة جميعها ولازالت آثارها موجودة…!

اذا كان السيد المالكي قدم عرضا في زيارته الجريئة الى السيد عمار لإشراكه في الحكومة القادمة ، فعلى السيد عمار الحكيم قبول العرض دون تردد واستثمار الفرصة والعودة بكوادر المجلس الأعلى تحديدا وليس الدخلاء عليه ، العودة بهم الى إدارة الدولة فالأمة قبل السيد عمار الحكيم بحاجة الى تدريب هذه الكوادر و إعدادها للمستقبل وعدم الإصغاء الى أصحاب الأفكار الموبؤة والحالمة بالسلطة دون استحقاق ، كما يتوجب على السيد المالكي الوفاء بتعهداته والإستعانة بكوادر المجلس الأعلى الأصيلة التي شاركته تاريخ الجهاد لما يتمتعون به من تاريخ نظيف وإخلاص للأمة الشيعية في العراق.. واذا كان هذا الجناح استجاب لمبادرة السيد المالكي فعلى تيار الأحرار أن لا يجمحوا بعيدا عن المشاركة في الحكومة القادمة ولا يخسروا مواقعهم لما إكتسبوه من خبرة في إدارة الوزارات خلال الفترة الماضية وتأسيس قاعدة بيانات هامة في الإدارة كما أن وجودهم في الحكومة يشارك في تعزيز المكانة الأقتصادية لشريحة مهمة في المجتمع الشيعي ، فخروجهم من الحكومة وإبتعادهم عن المناصب يعتبر خسارة للشيعة جميعا بذهاب مناصبهم أما للكرد أو للسنة وهذا ما لانأمله منهم ولا نريده أن يحصل ،

فكما بادر السيد المالكي بتقديم عرضا للسيد الحكيم أن يبادر بتقديم عرضا آخر لتيار الأحرار أيضا ليكتمل الأداء ويضمن الأستمرار بالعمل بشكل أقوى لرفع الحيف عن شيعة العراق.

واذا كان السيد المالكي يسعى للمصالحة مع المحافظات الغربية ويسعى لعقد مؤتمر المصالحة الوطنية في الأنبار وهذه بشائر خير ينتظرها الشعب العراقي لما يدخل السرور والفرح والبهجة على القلوب ولما فيه حقنا للدماء وصيانة للثروات والحقوق ، فأن المصالحة الشيعية الشيعية أصبحت ضرورة ملحة في هذه المرحلة ، ونقترح أن تكون هذه المصالحة في مؤتمر يحضرة الجميع وبإشراف المرجعية الدينية ويكون موعده ليلة الخامس عشر من شهر شعبان المبارك وفي صحن الأمام الحسين عليه…! فبدلا أن يذهب المالكي الى الأنبار بلا جناح أو بجناح واحد فما أقواه وما أحلاه وهو يذهب بجناحين قويين ، نعم يذهب وهو محاطا بإخوانه وأبناءه ليزداد قوة ويضمن النجاح في مهمته ، نعم في هذا المؤتمر تتلاحم قوى الأمة وتتناسى خلافاتها فتغسل القلوب بعبق الحضرة الحسينية المطهرة المباركة وتتنزل عليهم الرحمة ويحضون برضا الأئمة المعصومين الأطهار عليهم السلام وتعود الأمة موحدة يجمعها الولاء للحسين والمصلحة العليا للمذهب والوطن لتلتف حول قيادتها فيسير الركب آمنا يحرسه الجميع وترتفع أيادي الصلحاء والفضلاء والأخيار بالدعاء لتحقيق الأهداف المشروعة ويعم الخير الجميع ، فلا مناص من مصالحة الشيعة مع أنفسهم أولا وقبل المصالحة مع الآخرين.
*[email protected]