الشيعة هو اسم يطلق على ثاني أكبر طائفة من المسلمين، وهم الذين عرفوا تاريخيًا “شيعة علي” أو “أتباع علي. وغالبًا ما يشير مصطلح الشيعة إلى الشيعة الإثنا عشرية لأنها الفرقة الأكثر عددًا. يرى الشيعة أن علي بن أبي طالب(ع) هو وأحد عشر إماماً من ولده من زوجته فاطمة(ع) بنت النبي محمد (ص) هم أئمة مفترضو الطاعة بالنص السماوي وهم المرجع الرئيسي للمسلمين بعد وفاة النبي. ويطلقون عليه اسم الإمام الذي يجب أتباعه دون غيره طبقًا لأمر من النبي محمد في بعض الأحاديث مثل حديث المنزلة، وحديث الغدير، وحديث الخلفاء القرشيين الإثنا عشر، وحديث الثقلين المنقولة عن النبي محمد بنصوص مختلفة والذي يستدلون به على غيرهم من خلال وجوده في بعض كتب بعض الطوائف الإسلامية التي تنكر الإمامة وهو كالتالي: (إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي ; أحدهما أعظم من الآخر ; كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي ولن يتفرقا حتى يردا على الحوض فانظروا كيف تخلفوني فيهما).
يؤمن الشيعة أن التشيع هو الإسلام ذاته، ويتبناه الشيعة أنفسهم ، حيث يرون أن المذهب الشيعي أصلا لم يظهر بعد الإسلام. ويرون أن المسلم التقي يجب أن يتشيع ويوالي علي بن أبي طالب (ع)، وبالتالي فإن التشيع هو ركن من أركان الإسلام الأصيل وضع أساسه النبي محمد(ص) نفسه على مدار حياته، فعندما نزلت الآية الكريمة :
إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ من سورة البينة آية 7.
ورد في تفسير الطبري بأن عليّ وشيعته خير البرية، فقد جاء في تفسيره الجزء الأخير من الآية ما نصه:
يَقُول : مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ مِنْ النَّاس فَهُمْ خَيْر الْبَرِيَّة. وَقَدْ : حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد، قَالَ : ثنا عِيسَى بْن فَرْقَد، عَنْ أَبِي الْجَارُود، عَنْ مُحَمَّد بْن عَلِيّ ﴿أُولَئِكَ هُمْ خَيْر الْبَرِيَّة﴾ فَقَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) : أَنْتَ يَا عَلِيّ وَشِيعَتك) وأكده قبل موته في يوم غدير خم حينما حج حجة الوداع، حيث جمع المسلمين وكانوا أكثر من مئة ألف، وأعلن الولاية لعلي (ع)من بعده حيث ورد في الحديث بعبارات مختلفة أن النبي (ص)قال: من كنت مولاه فعليٌّ مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه .
كما يرى الشيعة أن الطوائف الإسلامية الأخرى هي المستحدثة وتأسست بعد رحيل الرسول(ص) ، وإنَّ الإسلام الذي أراده النبي محمد في الأصل هو الذي ولد في بيت محمد (ص) وتتلمذت عليه عترته الطاهرة بالمعاشرة والعيان . كما يستدل الشيعة بآية 67 في سورة المائدة ،من أن النبي (ص) بلـّغ المسلمين بولاية أمور المسلمين لعلي (ع) …
يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ
إذن ؛ فالتشيع لم يكن غريباً على الإسلام،وليس كما يرى بعض المؤرخين أن بذرة التشيع بدأت بعد وفاة الرسول محمد (ص) حيث اجتمع الصحابة في سقيفة بني ساعدة لاختيار الخليفة في غياب وجوه بني هاشم أمثال علي بن أبي طالب (ع) والعباس بن عبد المطلب اللذان كانا يجهزان النبي للدفن أثناء انعقاد السقيفة، وحسب المؤرخين فإن السقيفة انتهت باختيار أبو بكر بن أبي قحافة خليفة حسب إجماع من المجتمعين في السقيفة من المهاجرين والأنصار. بعد السقيفة بدأت مجموعة صغيرة من الصحابة منهم أبو ذر الغفاري وعمار بن ياسر والمقداد بن عمرو والزبير بن العوام تجتمع في بيت علي بن أبي طالب معترضة على اختيار أبو بكر، ويعتبر الشيعة الصحابة الذين يرون أحقية علي بن أبي طالب هم أفضل الصحابة وأعظمهم قدرا.
هي لمحة خاطفة عن التشيع في التاريخ الإسلامي ..
والحالة هذه ؛ والعالم اليوم يعيش التقارب العلمي ، والتواصل الثقافي ، وتتطلع المنظمات الإنسانية إلى تعزيز أواصر التآخي الإنساني ، والتوافق بين بني البشر ، بعيداً عن تفرق أبناء المعمورة على أساس ديني أو عرقي أو جغرافي أو طائفي ، فبعد مرور ملايين السنين على وجود الإنسان على هذه الأرض، وبعد تعاقب الأديان السماوية ، وتتابع الرسل في أدوارهم التي كلفتهم بها السماء، وكانت كلها أدوار تسعى لبناء العقل والنفس البشريين لهذا المخلوق الناطق العاقل ، لكي يعمر الأرض و يحيا عليها ، نرى أبناء المذهب الواحد مختلفين ، ونرى أبناء الدين الواحد مختلفين، ونرى أبناء الوطن الواحد مختلفين، فكيف نأمل إذن ! من أبناء الأمّة الواحدة أن يتوحدوا، وأبناء القارة الواحدة أن يتوحدوا، وأبناء اللغة الواحدة أن يتوحدوا، وأبناء الدنيا الواحدة أن يتوحدوا…!!؟
لقد حدثت أسباب ـ عبر التاريخ ـ أدت إلى تكوّن المذاهب الإسلامية ، تكوّنت مذاهب إسلامية عديدة ، وتكوّنت فرق إسلامية متعددة، وتكوّنت مدارس وفلسفات إسلامية متعددة، لكن ! .. لم يتكون حد اللحظة قرآنٌ غير القرآن الكريم ، ولم تتكوّن قبلة ٌ غير الكعبة المشرفة، ولم يتكوّن صومٌ في شهر واجب ٍ غير رمضان ، ولم يتكون عيد ٌ غير الفطر والأضحى يعيّد فيهما جميع المسلمين .
المأساة الحقيقية التي يعاني منها المجتمع العالمي ، هي مأساة الاختلافات العقائدية، وهي التي أحدثت التناحر بين اليهود والمسيحيين ، وهي التي أحدثت التناحر بين الصليبين والمسلمين ،وهي التي أحدثت الصراعات العقائدية بين المسلمين والهندوس ، وهي التي أحدثت الصراعات بين الأرمن والمسلمين …
المأساة الحقيقية الأخرى ! التي يعاني منها المجتمع العالمي ، هي مأساة الاختلافات القومية ..
المأساة الحقيقية الأخرى ! التي يعاني منها المجتمع العالمي ، هي مأساة الاختلافات السياسية و الأيديولوجية ..
المأساة الحقيقية الأخرى ! التي يعاني منها المجتمع العالمي ، هي مأساة الاختلافات في الموارد الاقتصادية ..
المأساة الحقيقية الأخرى ! التي يعاني منها المجتمع الإسلامي ، هي مأساة الاختلافات في الفهم الحقيقي لحاجة الإنسان المسلم من الإسلام ، وليس حاجة الإنسان الحنفي ، ولا حاجة الشافعي ، ولا حاجة المالكي ، ولا حاجة الحنبلي، ولا حاجة الشيعي من مذهبه .
المأساة الحقيقية في المجتمع الإسلامي ، إنَّ كلَّ مَنْ يرى ما يراه هو يعني ما يراه الله، جاهلاً أن الله يريد ما يراه الله، وليس ما يراه العبد.والذي يريده رسول الله (ص) هو ما يريده الله سبحانه وتعالى. والذي يريده الأئمة هو ما يريده النبي .والذي يريده المراجع هو ما يريده الأئمة . ولا نعلم ـ نحن المسلمين ـ ماذا يريد من يختلف ؟!!
المجتمع العراقي الشيعي ؛ ومنذ عام2003 وهو يعاني من ديمقراطية مفاجئة،غير متعود عليها،غير مدرك لاستعمالات ما يحتاجه منها، غير واع لما يجب أن يستلهمه من عقيدته الإسلامية لأجل الاستفادة منها . فهو مجتمع عراقي يؤمن بمذهبه الشيعي الواحد ، لكنه ! لا يؤمن بوحدة وجوده في هذا المذهب الواحد،لا يعرف كيف يجب أن يعيش شيعياً عراقياً مسلماً.. إنساناً كونياً ، وسياسياً وطنيا.يتصارع الشيعة فيما بينهم لأسباب سياسية ، تماماً مثلما يتصالحون على شعائرهم، فلماذا لا يتصالحون على برامجهم السياسية مثلما يتصالحون على شعائرهم ؟!!
والحالة هذه ؛ والعراق اليوم مشحون بالمتضادات الطائفية والقومية والدينية والعرقية والسياسية ، فلنكن على أقل تقدير متوحدين مذهبياً . ولو توحد الشيعة لتوحدت طائفة من طوائف العراق واستقرت، فصارت قدوة لغيرها من الطوائف.
أتألم كثيراً ؛ لحظة أرى الصراعات بين جيش المهدي و عصائب أهل الحق. أتألم كثيراً؛ لحظة أرى الانشقاقات بين منظمة بدر والمجلس الإسلامي الأعلى. أتألم كثيراً ؛ لحظة أرى الجعفري يؤسس لحزب الإصلاح الوطني وهو القيادي المخضرم في حزب الدعوة الإسلامية. أتألم أكثر؛ لحظة أرى أكثر من اسم لحركة الدعوة الإسلامية التي أفرغ الصدر الأول دمه على مذبح العقيدة لأجل أمل الأمّة فيها . أتألم أكثر؛ لحظة أرى الشيخ اليعقوبي يؤسس حزب الفضيلة وهو التلميذ الأمين للصدر الثاني الذي سالت دماؤه ودماء ولديه على أرض النجف الأشرف .. مدينة أمير المؤمنين عليٍّ عليه السلام إمام الشيعة .