يمثل شيعة العراق نسبة عالية من سكانه تقدر بحوالي 45% واغلبهم من العشائر العربية التي سكنت العراق بعد الهجرة والنزوح من الجزيرة العربية بحثا عن العشب والمياه.
والشيعة في العراق شكلوا علامة بارزة في تاريخه النضالي ضد المستعمر البريطاني وكانت لهم مواقف عظيمة شاركوا فيها ابناء عمومتهم من العشائر العربية السنية والعشائر الكردية والمسيحية والصابئة واليزيدية وابلوا بلاءا حسنا في تلك المواجهات التي اجبرت المحتل البريطاني على الانسحاب المخزي من العراق انذاك.
تغيرت توجهات الشيعة العرب بعد ان وجدوا ان السنة العرب سيطروا على مقاليد الحكم منذ قيام الدولة العراقية عام 1921 وحتى سقوط نظام البعث في 2003 وهيمنوا على القرار السياسي العراقي لفترة طويلة ورغم ان الحكم السني في العراق لم يحرم المناطق الشيعية ويهملها اجتماعيا او اقتصاديا كما يشيع البعض وهي تتركز على الاغلب في وسط وجنوب العراق الا ان التوجه والرغبة الشيعية كانت دائما ترنو نحو المشاركة الحقيقة في السلطة والقرار السياسي العراقي وانهاء تهميش القوى والتيارات السياسية الشيعية وذلك لانهم يشكلون النسبة العالية من اهل العراق وبالتالي يجب ان تاخذ تلك القوى دورها الحقيقي في قيادة البلد كما يطالب اليوم السنة العرب بمشاركة حقيقية في السلطة وعملية اتخاذ القرار التي يحتكرها رئيس الوزراء الشيعي نوري المالكي ويحاول الاسئثار والانفراد بالقرار لوحده ومن دون الاخذ باراء المكونات الاخرى المشاركة في العملية السياسية.
ان الشيعة العرب في عراق اليوم يعانون من ازمة هوية حقيقية فهم منقسمين ما بين تشيعهم وولائهم الى الملالي في طهران وقد يكون ولاءهم لايران هذا قهري ناتج عن عدم القدرة على مواجهة نظام الملالي في ايران بما يمتلك من امكانيات لتصفية اي خصم شيعي حقيقي يظهر على الساحة يؤثر على نفوذه وما بين عروبتهم التي تعاني من جروح عميقة اثارها التنكر العربي لهم ولاحتضانهم ايام معارضتهم للدكتاتورية الصدامية وغلق اكثر الدول العربية ابوابها بوجههم باستثناء سوريا مما جعل ايران وجههتهم المفضلة والتي يجمعهم معها التشيع ويفرقهما الانتماء العرقي.
ما زال التوجه الشيعي مبهم وغامض ويلفه التخبط في العديد من القضايا على صعيد العراق والمنطقة وهو بذلك التخبط يضيع فرصا حقيقية من اجل رسم دور مؤثر وايجابي في ذلك الخصوص فهم يمتلكون من الادوات والاوراق ان احسنوا استخدامها سوف يكونوا من اللاعبين الابرز في المنطقة ولكن على ان يوفقوا توفيقا حسنا ما بين تشيعهم وعروبتهم في ان واحد وان يحاولوا خلق الاعتدال والموازنة في كلا الجانبين وان لا يفضلوا جانب على اخر وان لا يدعوا لتجاربهم التاريخية المرة وما عايشوه من ايام عصيبة تؤثر في سياستهم فهم الان في وضع مختلف وموقف افضل. فعلى سبيل المثال موقف الشيعة العرب تجاه سوريا لم يكن موفقا تمام التوفيق فهم اصابوا حينما رفضوا قرار الجامعة العربية في فرض العقوبات وكسبوا بذلك الشعب السوري واخطاوا لانهم ما زالوا داعمين لنظام البعث هناك رغم اختلافهم مع بعث العراق ومحاولتهم اجتثاثه والى الابد وهم اعطوا للاخرين هنا انطباعا بانهم يدافعوا عن نظام علوي اكثر مما هو بعثي ويحاولون اسناده وانقاذه من السقوط املا في بقاء الهلال الشيعي صامدا بمواجهة الهلال السني المرتقب والقادم في تلك المنطقة.
التغيرات السياسية الحاصلة في المنطقة واستلام الاخوان المسلمين لدفة مقاليد الحكم في اكثر من دولة عربية مؤثرة سوف تترك وبالتاكيد اثرا كبيرا على الوضع في العراق وهناك المزيد من الاسئلة تلقي بظلالها هنا وهي اين سنتهي المطاف بشيعة العراق فيما لو سقط نظام الاسد في سوريا وانهيار الهلال الشيعي ؟ وما هو مصير شيعة العراق فيما لو هوجمت ايران من قبل الناتو وسقط النظام الاسلامي هناك وهو مشروع على طاولة البحث وينتظر الاقرار ؟ وكيف سيتعامل شيعة العراق مع الدول العربية وحكومات الاخوان المسلمين المتشددة ؟ اسئلة نترك اجاباتها الى القادم من الايام لانها حبلى بالمفاجئات ؟؟؟ !!!