لا تبدو مفاوضات 5+1 لبحث الملف النووي الايراني تتجه الى حلول نهائية ، ما دامت حتى اليوم تجري على قاعدة المساومات الظرفية ، حيث يعد الانتقال من محادثات الكواليس الى طاولة المفاوضات لوضع الاتفاقات على الورق ، اصعب مراحل المساومة لإصدار قرار توافقي في مجتمع دولي يبحث كل طرف فيه عن مغانمه من التوصل الى هذا الاتفاق، لذلك تفشل الجهود الدولية عادة في جبر هذه المعادلة الانية بحلول موضوعية يمكن ان ترضي جميع الاطراف لان النتيجة المتوخاة تعتمد على موافقة جميع الاطراف وما يمكن ان تنتهي نتائجه على الارض .
والسؤال المطروح اليوم حول جوهر هذه المفاوضات ما بين الرفض الدولي لتخصيب اليورانيوم في الاراضي الايرانية وبين تفسير مضمون الفتوى التي يقال بان المرشد الاعلى للثورة الايرانية اية الله علي الخامنئي قد اصدرها بعدم رغبة بلاده الحصول على السلاح النووي واستخدام مفاعلاته النووية للأغراض السلمية ؟؟
وتظهر هذه المقاربة بين النفي الايراني والرفض الدولي ملامح التوافقات الدولية ، فالروس يوافقون على الدور الثالث في ضمان التخصيب على الاراضي الروسية لمفاعلات قاموا ببنائها لصالح طهران، مقابل الرفض الفرنسي واشتراطهم بان يتم التخصيب على الاراضي الفرنسية، فيما تكمن الرغبة الاميركية في دفع ايران باتجاه سياسات جديدة تخدم مصالحها الاقليمية واعادة امجاد الدور الشاهنشاهي ولكن بثياب ولاية الفقيه ، في توظيف متجدد للصراع الديني المذهبي يجعل اغنياء المنطقة يلجئون الى رجل الاطفاء الاميركي لإنهاء حرائق المنطقة الطائفية .
مثل هذا الجهل بالسياسات الدولية يتطلب من الدول العربية والاسلامية ان تتوقف عن لعبة غرس الراس في الرمال الإقليمية المتحركة وتنشط تعزيز العلاقات البينية ، وايجاد قواعد عمل اقليمية عبر منظمات حوارية مشتركة تبدأ بالمشتركات الجغرافية والدينية ، افضل من انتظار نتائج 5+1 وانعكاساتها على الملف السوري والعراقي لاسيما بعد ان سعت دول بعينها الى مد النزاع الى لبنان بتفجير السفارة الايرانية في بيروت فانتهى الامر الى تحريك صواريخ ما يعرف بجيش المختار وهو مليشيا يقودها رجل الدين غريب الاطوار واثق البطاط لقصف مواقع حدودية سعودية .
وهنا يمكن ان نتذكر مقولة موشية ديان وزير حرب اسرائيل عام 1967، حينما قال بان “العرب لا يقرأون وان قرأوا فانهم لا يفهمون”، لذلك على العرب اليوم اعادة قراءة وثائق اتفاقية سايكس بيكو، وتفاصيلها، لان ما يراد كتابته في اتفاقات 5+1 العن منها بكثير .