22 نوفمبر، 2024 9:14 ص
Search
Close this search box.

شيزوفرينيا عربية اسلامية

شيزوفرينيا عربية اسلامية

نشأت في بيئة محافظة كانت ولاتزال بقية رواسبها متجذرة في شخصيتي وعصية على الاجتثاث رغم محاولاتي المستميتة وفي ظلها كان الجواب جاهزا في كل مرة على سؤالي الفضولي المتكرر عن الأيزيديين وهو “عبدة الشيطان وأنجاس” فهذه هي الثقافة الشعبية السائدة عن هذه الفئة من العراقيين في المجتمع العراقي ! وأذكر جيدا مطالعتي لكتب التاريخ المدرسي ( والتي أتضح لي لاحقا انها ليست قراءة حقيقية للتاريخ بقدر ماهي رؤية المؤسسة الدينية الرسمية والسياسية الحاكمة لمجرياته) والتي كانت تروي لنا عظمة الفتوحات الاسلامية وبطولات قادتها مع ورود مصطلحات (السبايا) والثلاثية الشهيرة التي خيرت بينها شعوب الدول المفتوحة وهي (الجزية ، الاسلام ، القتل ) في ثنايا تلك المواضيع ، هذه المفردات مرت علي دون أن ادرك معناها الحقيقي لصغر سني تارة وربما لكون الأمر لا يهمني بقدر أهمية حفظي لها ونجاحي في أمتحان المادة نهاية العام الدراسي تارة أخرى ، حتى جاء سقوط الموصل أو “فتحها” حسب أدبيات مايسمى بدولة الخلافة لأرى الترجمة الحرفية لتلك الكلمات التي فارقت كتب التاريخ وتجسدت حقيقة على أرض الواقع فكان قتل الرجال وسبي النساء للأيزيديين والثلاثية الشهيرة المذكورة سلفا من نصيب المسيحيين ، حينها فقط أدركت الجانب المظلم من تاريخنا الاسلامي ومأسي الشعوب التي وقعت ضحية أعمال مشابهة قبل 14 قرنا من الزمان ولعل الكارثة الكبرى تكمن بحجم الاستنكار الاسلامي لهذه الجرائم التي أرتكبت بحق الأقليات العراقية دون اقرار بأن لهذه الجرائم نصوص شرعية وتطبيقات تاريخية ينظر لها من باب البطولة والشجاعة فيما يهاجم تنظيم داعش ويحمل وحيدا هذا الكم الهائل من البربرية والوحشية لأنه أراد فقط أن يكرر ماقام به الفاتحون الأوائل !! مع الاستمرار بسياسة التعامي المتعمد عن الأسباب وغض البصر عن النصوص الفقهية التاريخية المشرعنة لهذه الأفعال وتسليط الضوء على النتائج الأنية فقط في حالة شيزوفرينيا يبدو ان العقلية العربية والاسلامية قد

أصيبت بها منذ ان أتهمت السهروردي وابن رشد وابن سينا والفارابي بالمروق عن الدين قبل أن يغدو فجأة من أعلام الفلسفة الاسلامية !!! ولعل تجنب مراجعة النصوص القديمة المثيرة للريبة والتنصل من تبعاتها والاكتفاء بادانات فورية لم يقتصر على الطائفة السنية فقط فيما يتعلق بأحكام السبي وقتل المخالفين والجزية بل تعداها للطائفة الشيعية والتي يتضمن فقهها أيضا تلك الأحكام وبشكل مقارب جدا لماهو موجود لدى نظيرتها السنية بالاضافة لمسألة سب الصحابة و الطعن ببعض زوجات النبي والتي يدمنها متطرفوا الشيعة رغم وجود فتاوى لكبار مراجع الطائفة وعلمائها في الوقت الحالي تحرم هذا الأمر وعلى رأسهم السيد الخامنئي في ايران والسيد السيستاني في العراق والسيد المرحوم محمد حسين فضل الله في لبنان ولذات الأسباب وهو ان الشيعي المتعصب لايجد حرجا أو ضيرا في سب وشتم رموز الطائفة الأخرى لأن كتب مذهبه المعتبرة في الفقه والحديث تعج بالروايات الطاعنة بهؤلاء الرموز والمحرضة عليهم والمشككة باسلامهم أصلا !! لذا يرى الشيعي نفسه ملتزم كليا بتعاليم مذهبه اذا ماهاجم تلك الشخوص ومضطر لاهمال فتاوى حديثة العهد صدرت لأغراض سياسية !!! (كما يعتقد) لأن مصدرها من العلماء وعلى شاكلة نظرائهم السنة وقفوا موقف المتفرج والعاجز وتجاهلوا معضلة النصوص التاريخية “المقدسة” ولتكون النتيجة الوقوع في تناقض غريب يوالي فيه الشيعي أهل بيت النبي بتعصب شديد ويطعن في آن واحد في بعض زوجات ذلك النبي نفسه بحدة قوية !!! تعتبر داعش فرصة ذهبية للبدء بعملية اصلاح ديني حقيقي شريطة توفر الارادة الحقيقية والنوايا السليمة ( غير موجودة لحد الآن) ، لا نتحدث هنا طبعا بشكل غير واقعي كتقديم اعتذار عن المأسي التي وقعت أثناء الفتوحات لأن غالبية البلاد المفتوحة أنذاك قد أصبحت اليوم ضمن خارطة العالم الاسلامي ولأن الفاتيكان نفسه لم يعتذر ولغاية يومنا هذا عن الفظاعات التي ارتكبت أثناء الحروب الصليبية ومحاكم التفتيش !!! بل عن جرأة تضمن عدم تكرار مثل هذه الجرائم بحق الأقليات في عصرنا الحديث من خلال مراجعة الكثير من النصوص الدينية والقبول بمبدأ الدولة الوطنية وجواز قيام أكثر من دولة مسلمة ونبذ مفهوم الخلافة بشكلها الملكي التسلطي والذي أغرق المسلمين في بحور من الدماء طوال قرون والايمان بالتعايش السلمي وحقوق الانسان والقبول بالرأي الأخر والأهم من ذلك وبالنسبة للعلماء حصرا هو الحرص على رضوان الله لا الخوف من ردة فعل عباده ازاء عملية الاصلاح والتحرر من فكرة الخوف من ارتكاب المعصية والوقوع بالأثم اذا ماتجاوزنا بعض الخطوط الحمراء لانقاذ البشرية من هذه الهمجية والوحشية وتذكروا جيدا ان “عاهرة” من بنى اسرائيل دخلت الجنة فى كلب سقته والحليم تكفيه الإشارة ! ودون ذلك سوف تستمر حملات التكفير والاتهامات المتبادلة بالطائفية وبالتالي ديمومة حمامات الدم واستمرارية مأسي الشعوب مع فقدان العلماء والمراجع والفقهاء الجادين لدورهم وتأثيرهم تدريجيا لمصلحة قوى التطرف والظلام مادام هناك من يحارب الارهاب نهارا ويدعمه مساءا ومن يدين الطائفية علنا ويحرض عليها سرا .

شيزوفرينيا عربية اسلامية
نشأت في بيئة محافظة كانت ولاتزال بقية رواسبها متجذرة في شخصيتي وعصية على الاجتثاث رغم محاولاتي المستميتة وفي ظلها كان الجواب جاهزا في كل مرة على سؤالي الفضولي المتكرر عن الأيزيديين وهو “عبدة الشيطان وأنجاس” فهذه هي الثقافة الشعبية السائدة عن هذه الفئة من العراقيين في المجتمع العراقي ! وأذكر جيدا مطالعتي لكتب التاريخ المدرسي ( والتي أتضح لي لاحقا انها ليست قراءة حقيقية للتاريخ بقدر ماهي رؤية المؤسسة الدينية الرسمية والسياسية الحاكمة لمجرياته) والتي كانت تروي لنا عظمة الفتوحات الاسلامية وبطولات قادتها مع ورود مصطلحات (السبايا) والثلاثية الشهيرة التي خيرت بينها شعوب الدول المفتوحة وهي (الجزية ، الاسلام ، القتل ) في ثنايا تلك المواضيع ، هذه المفردات مرت علي دون أن ادرك معناها الحقيقي لصغر سني تارة وربما لكون الأمر لا يهمني بقدر أهمية حفظي لها ونجاحي في أمتحان المادة نهاية العام الدراسي تارة أخرى ، حتى جاء سقوط الموصل أو “فتحها” حسب أدبيات مايسمى بدولة الخلافة لأرى الترجمة الحرفية لتلك الكلمات التي فارقت كتب التاريخ وتجسدت حقيقة على أرض الواقع فكان قتل الرجال وسبي النساء للأيزيديين والثلاثية الشهيرة المذكورة سلفا من نصيب المسيحيين ، حينها فقط أدركت الجانب المظلم من تاريخنا الاسلامي ومأسي الشعوب التي وقعت ضحية أعمال مشابهة قبل 14 قرنا من الزمان ولعل الكارثة الكبرى تكمن بحجم الاستنكار الاسلامي لهذه الجرائم التي أرتكبت بحق الأقليات العراقية دون اقرار بأن لهذه الجرائم نصوص شرعية وتطبيقات تاريخية ينظر لها من باب البطولة والشجاعة فيما يهاجم تنظيم داعش ويحمل وحيدا هذا الكم الهائل من البربرية والوحشية لأنه أراد فقط أن يكرر ماقام به الفاتحون الأوائل !! مع الاستمرار بسياسة التعامي المتعمد عن الأسباب وغض البصر عن النصوص الفقهية التاريخية المشرعنة لهذه الأفعال وتسليط الضوء على النتائج الأنية فقط في حالة شيزوفرينيا يبدو ان العقلية العربية والاسلامية قد

أصيبت بها منذ ان أتهمت السهروردي وابن رشد وابن سينا والفارابي بالمروق عن الدين قبل أن يغدو فجأة من أعلام الفلسفة الاسلامية !!! ولعل تجنب مراجعة النصوص القديمة المثيرة للريبة والتنصل من تبعاتها والاكتفاء بادانات فورية لم يقتصر على الطائفة السنية فقط فيما يتعلق بأحكام السبي وقتل المخالفين والجزية بل تعداها للطائفة الشيعية والتي يتضمن فقهها أيضا تلك الأحكام وبشكل مقارب جدا لماهو موجود لدى نظيرتها السنية بالاضافة لمسألة سب الصحابة و الطعن ببعض زوجات النبي والتي يدمنها متطرفوا الشيعة رغم وجود فتاوى لكبار مراجع الطائفة وعلمائها في الوقت الحالي تحرم هذا الأمر وعلى رأسهم السيد الخامنئي في ايران والسيد السيستاني في العراق والسيد المرحوم محمد حسين فضل الله في لبنان ولذات الأسباب وهو ان الشيعي المتعصب لايجد حرجا أو ضيرا في سب وشتم رموز الطائفة الأخرى لأن كتب مذهبه المعتبرة في الفقه والحديث تعج بالروايات الطاعنة بهؤلاء الرموز والمحرضة عليهم والمشككة باسلامهم أصلا !! لذا يرى الشيعي نفسه ملتزم كليا بتعاليم مذهبه اذا ماهاجم تلك الشخوص ومضطر لاهمال فتاوى حديثة العهد صدرت لأغراض سياسية !!! (كما يعتقد) لأن مصدرها من العلماء وعلى شاكلة نظرائهم السنة وقفوا موقف المتفرج والعاجز وتجاهلوا معضلة النصوص التاريخية “المقدسة” ولتكون النتيجة الوقوع في تناقض غريب يوالي فيه الشيعي أهل بيت النبي بتعصب شديد ويطعن في آن واحد في بعض زوجات ذلك النبي نفسه بحدة قوية !!! تعتبر داعش فرصة ذهبية للبدء بعملية اصلاح ديني حقيقي شريطة توفر الارادة الحقيقية والنوايا السليمة ( غير موجودة لحد الآن) ، لا نتحدث هنا طبعا بشكل غير واقعي كتقديم اعتذار عن المأسي التي وقعت أثناء الفتوحات لأن غالبية البلاد المفتوحة أنذاك قد أصبحت اليوم ضمن خارطة العالم الاسلامي ولأن الفاتيكان نفسه لم يعتذر ولغاية يومنا هذا عن الفظاعات التي ارتكبت أثناء الحروب الصليبية ومحاكم التفتيش !!! بل عن جرأة تضمن عدم تكرار مثل هذه الجرائم بحق الأقليات في عصرنا الحديث من خلال مراجعة الكثير من النصوص الدينية والقبول بمبدأ الدولة الوطنية وجواز قيام أكثر من دولة مسلمة ونبذ مفهوم الخلافة بشكلها الملكي التسلطي والذي أغرق المسلمين في بحور من الدماء طوال قرون والايمان بالتعايش السلمي وحقوق الانسان والقبول بالرأي الأخر والأهم من ذلك وبالنسبة للعلماء حصرا هو الحرص على رضوان الله لا الخوف من ردة فعل عباده ازاء عملية الاصلاح والتحرر من فكرة الخوف من ارتكاب المعصية والوقوع بالأثم اذا ماتجاوزنا بعض الخطوط الحمراء لانقاذ البشرية من هذه الهمجية والوحشية وتذكروا جيدا ان “عاهرة” من بنى اسرائيل دخلت الجنة فى كلب سقته والحليم تكفيه الإشارة ! ودون ذلك سوف تستمر حملات التكفير والاتهامات المتبادلة بالطائفية وبالتالي ديمومة حمامات الدم واستمرارية مأسي الشعوب مع فقدان العلماء والمراجع والفقهاء الجادين لدورهم وتأثيرهم تدريجيا لمصلحة قوى التطرف والظلام مادام هناك من يحارب الارهاب نهارا ويدعمه مساءا ومن يدين الطائفية علنا ويحرض عليها سرا .

أحدث المقالات