18 ديسمبر، 2024 8:37 م

شيزوفرينيا سياسية

شيزوفرينيا سياسية

قرأت مقالا لاحد السياسيين العراقيين وهو يتحدث عن التكافل في زمن كورونا ، ويستذكر التاريخ ليقدم نماذج اسلامية إنسانية في معرض مدحه للعراقي الشهم الذي يعطف على الفقراء ، وهو يعلم انه لا ينتمي الى هذا العراقي عندما تناسى كونه سياسي ووزير في حكومة سابقة دون ان يبدي اي مساعدة او فعل خير للعراقي الذي يستذكره الان . وهو بذلك لايختلف عن عرابه الذي يتهم الحكومة الجديدة بانها لاتلبي طموح العراقيين ، وكأنه لبى طموحات العراقيين عندما بدد مليارات الدولارات خلال حكمه ، دون بناء مدرسة واحدة او مستوصف . ومثل هؤلاء لايختلفون عن رئيس الوزراء المستقيل الذي كان يكتب مقالات طموحة في الادارة والاقتصاد وعندما استوزر تنكر لابناء جلدته وسلم مقدرات العراق للاجنبي .
ان هؤلاء المتأسلمين يعضون بمكارم الاخلاق قولا دون ان يقدموا اي نموذجا للمسلم الحق . ولو كانوا مسلمين حقيقيين لتمسكوا بقوله تعالى( ياايها الذين امنوا لم تقولون مالاتفعلون . كبر مقتا عند الله ان تقولوا ما لاتفعلون ).
وهم عندما يعترفون بعجز الدولة عن تقديم الخدمات الاساسية للمواطنين ، لايحاولون تخطي ممارساتهم اللااخلاقية واللاانسانية تجاه العراقي الذي عانى ماعاناه نتيجة فسادهم واهمالهم وعمالتهم . بل مازالوا في غيهم يعمهون .

انهم يدعون ولائهم للشخصيات الاسلامية العظيمة ولكنهم لا يقتدون بها ، فهم بعيدون كليا عن نهج المسلمين الأوائل واخلاقهم الحميدة . واذا احيت جائحة كورونا في العراقيين قيم الجود والاثرة والتكافل الاجتماعي فان هؤلاء الساسة يتحدثون عن هذه القيم دون التأسي بها ، او السير على خطى العظام الذين ساروا عليها ، بل انهم يعطون نموذجا سيئا للشخصية الاسلامية ، بتمشدقهم ورياءهم اللامحدود .

انهم يطرحون شعارات تتعكز على الدين والمذهب ، ولكنهم عمقوا الشرخ الاجتماعي للشعب العراقي ، واستغلوا السلطة لسنوات طويلة، ولم يبالوا حتى بجمهورهم ، فنهبوا اموال الدولة والفقراء ، وعطلوا المصانع والمزارع ، ولم يقدموا حتى الحد الادنى من الخدمات العامة او البنى التحتية . وها هو المواطن العراقي يقع فريسة الجوع والحرمان والبطالة ، نتيجة ظلمهم وارتكابهم كل الاعمال المنافية للقيم الانسانية .
ان سياستهم المعادية للشعب قد انتجت كل هذا الكم من مشاعر النفور والبغض لدى المواطن العراقي ، والذي ترجم بحركات احتجاجية تطورت يوما بعد يوم الى انتفاضة شعبية عارمة في وجه الاحزاب الدينية الحاكمة ، هذه الاحزاب التي لاتملك سوى الخطاب الديني الكاذب والمخادع ، لتغطية فشلها وفسادها وعمالتها ، والذي يعبر عن فصام سافر بين الاقوال والافعال ، وادى الى فصام مع الشعب لارجعة فيه .

فلاتغرنكم الشعارات الكاذبة ، والكلام المنمق . فساسة الاحزاب الاسلامية وداعش وجهان لعملة صدئة واحدة . فكلاهما عاثا في الارض فسادا وشوهوا الدين الحنيف الذي كنا نعرفه .