قد يكون العنوان يحمل شيء من الغرابة لكني اجده اكثر العناوين انصافا لمجتمع عاش وعلى مدى 35 عاما تحت ظل الحزب الواحد والفكر الاوحد …لتكون نقطة التحول والتغيير هي الاحتلال لتتبعه مرحلة اخرى اشد وطئ …والتي حكمت العراق منذ 15 عام والى اليوم حيث تدار الدولة من احزاب دينية طائفية فاسدة جاهلة …. ذلك التداخل كله كان سبباً في تفشي إعاقة فكرية ونضج عقلي متدني المستوى لدى فئة كبيرة لا يستهان بها ضمن إطار هذا المجتمع…. سأتطرق بأيجاز عن المحاور الثلاث السياسية ...الدينية والامجتماعية ….
لاشك بأننا جميعا ناقمون معترضون متذمرون عن الوضع السياسي الحالي وما ترتب عليه من سلبيات اخرى سحبت على كل المجتمع ولا بد من التغيير وكل التغيرات الايجابية تبتدأ بقرار عقلي لا انفعالي او عاطفي ومن المنطق اننا في بلد يطلق عليه اسطلاحيا بأنه بلد ” ديمقراطي” وان كان الموضوع نسبيا وبدرجة عالية من النسبية لكن لاسبيل للتغيير سوى من خلال الانتخابات والتي مرت علينا من ايام قلائل لكن وكما الحال في سابقتها فأن النسبة الاكبر من المشاركين كانت من النواحي والاقضية و القرى واطراف المدن وبألتاكيد ان مشاركة هؤلاء هي نتاج للبعد العشائري القبلي الخاضع لاشخاص من تلك المناطق من ارتدوا العقال او اصحاب العمائم او سواهم من “الافندية” وهذه المشاركة هي لاتبتعد عن التفسير المنطقي للقرويين الباحثين عن لقمة عيش او وظيفة قد يعدهم بها ابن القبيلة فأن توفر له الطعام ذهب ليكمل سلسلة سعادته الاخرى بالبحث عن النساء وان يختمها بقطعة سلاح ترسم له اجمل ايام الدنيا في قريته كما يرى هو….اما ابناء المدن بمختلف ثقافاتهم فهم ممتازين في النقد بارعين في الاعتراض لكن هو كسول في تقرير مصيره ان كان اختياريا.. يتكلم بالمدنية والتغيير والاصلاح وان ابتدأت لحظة التغيير اما عزف عن الذهاب ليأخذ قيلولته او تحرك من جديد حسه الطائفي وذهب ليصوت للطائفة ….ان من اهم اسباب هذا الواقع اننا دول ناشئة ديمقراطيا وقد نحتاج الى 50 عام اخرى لتنضجديمقراطيتنا بعض الشيء والسبب الاخر بأن جيلا واسعا ولد وترعرع وكبر على حقيقة واحدة ان نذهب للتصويت عنوا لاطوعا فثقافة الحصول على 99 بالمائة في النظام السابق هي حقيقة اساسها الترهيب في قطع لقمة العيش او حتى قطع الاعناق …لذلك فأن اجيالنا التي كبرت هي اجيال تعلمت ان تذهب بالتهديد لا بالديمقراطية او بخطاب العقل وهي بالحقيقة شيزوفرينا واضحة في اننا ندعي الثقافة والسلم والتغيير وتطلع الى الديمقراطة لكن واقعنا شيزوفريني بحت نتحرك بالغة التهديد لا غيرها .
اما دينيا فأن جوامعنا وحسينياتنا وخصوصا ما بعد التغيير هي اصبحت وبنسب كبيرة مدارس لطرح الافكار المتطرفة وان لم تكن علنا وان تركنا حقبة 2007 وما ولدت هذه المساجد من شباب وافكار كانت سبب في تقاتل طائفية لا يختلف عليه احد والحقيقة الواقعية بأننا ندعي بأن الدعاة والشيوخ والمساجد في العراق هي رمز الاعتدال في الحقيقة هي كذب او انفصام ديني واضح لو راجعت قليلا مايحصل اليوم من تعصب وتهريج بالدين وطرح افكار بعيدة كل البعد عن الهداية تجد ان مساجدنا ومجتمعنا الديني بدا يقترب من المجتمع الباكستاني او الايراني او حتى السعودي لو لا اختلاف البيئة لكنا متعصبون بأمتياز ….حتى خطب المساجد ومشايخها ومن يدعون بأنهم درسوا الدين فقها واكاديميا تجد ان خطبهم اما تجير لاقرب مناسبة دينية لتأريخ الخطبة او للحديث عن الحجاب بأساليب تهريجية تحريضية تبتعد كليا عن اسلوب الهداية او ايصال الافكار او طرح الخطبة بطرق موضوعية ..بل هو حديث اشبه بطيش مراهق يحاول ان يمارس ما بدا يشعر به من شعور ذكوري على عائلته لا تختلف كثير عن هذه اللغة …لذلك تجدها مملة بدرجة كبيرة مستهلكة اما طائفيا او موضوعيا ….ولو اخذنا بعض الدول على سبيل المثال المنغلقة نوعا ما لتجد ان جوامعهم ومساجدهم اكثر تفتحا في طرح الافكار وشد الجمهور في خطبهم …حضرت عشرات خطب الجمعة في سلطنة عُمان وهي على الاغلب موحدة تنتطلق الخطبة من الادارة الدينية للدولة لتتوزع على جميع المساجد لا تجد بها الا التوحد والطرح السلس والافكار الجمعية على الرغم من وجود مصلين من مختلف المذاهب اطلاقا لم ولن تجد فردا واحد ينطق باسم مذهب او يتعصب لفئة ومن العجائب الغرائب بأننا في العراق حتى مساجدنا تغلق بأنقضاء وقت الصلاة وهي سابقة خطيرة تنطلق من نوع من التعصب الاخر وهو ان تصلي في وقت الصلاة او فأن ابواب مساجدنا اغلقت …والحقيقة الصحيحة بأن ابواب المساجد هي مفتوحة على مدى اليوم وهي بيوت الله نصل اليها في اي وقت وبالحقيقة كانت المساجد هي للصلاة ومحطة راحة لنا عند السياقة في الطرق الخارجية وان بيوت الله وجدت لراحة المسلم المؤمن في اي وقت لا ان تصلي جماعة او اذهب فأبوابنا اغلقت…..وكل هذه يوضح بتناقض ادعاءات كل شيوخ المساجد والحسينيات ومن يتبعهم بتعصب في ان الدين المعتدل والغير متعصب في العراق… اطلاقا هذه كذبة او انفصام شخصي واضح اصابوا به انفسهم وبدوا ينشرونه للجمهور المتدين في العراق …وبالتاكيد هي ليست قاعدة عامة لكنها منتشرة بصورة كبيرة جدا
وفي الجانب الاجتماعي الشامل والذي بألتاكيد لايشمل المجتمع العراقي حصرا ولكن قد يكون المجتمع العربي في العموم هو مصاب بلوث شيزوفريني نسبي وهو امتداد للشيزفريني الدينية في بعض الاحيان فتجد ان كثير من ادعو التعصب الديني يتعصبون اجتماعيا باراء لاتمت للدين الحقيقي بأي صلة وهي نتاج التعصب الفكري الديني …ولكن الحقيقة الواحدة او العلاج لتناقضاتنا الداخلية في التعامل مع الناس هي التجرد من الثأر الشخصي ” Nothing Personal ” – لا يوجد شيء شخصي- بالحقيقة هي علاج لكل مشاكلنا الاجتماعية لان الاشخاص هم نتاج بيئة وثقافة واخلاق معينة وهي ترتبط جذريا بشخصهم او طريقة تعاملهم وان ابتعدنا قليلا عن هذا الواقع وانصرفنا لان نبادل الاشخاص المشاعر بغض النظر عن البيئة المحيطة بالشخص سنعود بألتأكيد لنواجه هذه الامور مستقبلا ولو فكرت كثيرا وليس قليل ستكتشف بأن التفاهم والالتقاء الفكري والبيئي هو اساس لربط الناس اجتماعية في علاقة ابدية ولو عكسنا الجواب وافترضنا جدلا ان المشاعر الاهم سنجد العكس فأن الواقع يدحض هذه النظرية لان المشاعر لا تولد الاندماج الواقعي الحياتي بعكس الالتقاء الفكري والبيئي …وبألتأكيد فأن البعض سيذهب الى اسباب تفصيلية كثيرة وحالات شواذ لا تستند الى قاعدة لكن الاصل في ان نتزن في واقعنا الاجتماعي وعلاقتنا هو ان ننضج لغة العقل ونتخذ القرارات وأن تأخرت ونواجه الاخر بالنظرية الوضحة بأن خلافاتنا لاشخصية ولكن نحن غير متفقون فأن اختلفنا عشرات المرات لن نتفق لو عشنا سوية طول الدهر ….كل هذه الامور التي اثرت على واقعنا الاجتماعي وجلعتنا لا نأخذ قرارات او نتردد في قراراتنا هي اثر شيء واحد باننا نتجاوز الواقع بداخلنا ونعطي الفرص و في الحقيقة يجب ان نتبع نفس نظرية المجرب لايجرب التي لن تنضج في المجتمع العربي ….ان العلاج لكل ما تكلمن عنه هو العقل فكر بعقلك واعلم بأن الحزن و التعصب و الهم النفسي هي امراض انت من ستتأثر بها عالج نفسك فلن ينفعك احد ولكن ستساهم في مضرة المجتمع وان لم تحاسب من ضميرك فسوف يحاسبك الله في ما قدمت لبلدك ودينك ونفسك ……
وفي النهاية كلنا مرضى نفسيين …..ولو الى حين…..