15 نوفمبر، 2024 5:32 ص
Search
Close this search box.

شيخ هادي احوج

واصل هذا ان رجلين كانا يدرسان في النجف الاشرف، وكانا متلازمين، والشيخ هادي هو احدهما، وكان طلبة العلم آنذاك يعتاشون على المعونات من الموسرين، فاجرى احد هؤلاء الموسرين للشيخ هادي وزميله ليرتين ذهبيتين في كل عام، وفي مرة صادف الموسر الشيخ هادي فاعطاه ليرة ذهبية له، واخرى لزميله، وبعد فترة صادف الموسر زميل الشيخ هادي في السوق، فعاتبه وقال: ياحاج لم ترسل ليرتي الذهبية هذا العام، فصمت الموسر واعطاه ليرة اخرى، ولكنه ذهب للشيخ هادي وقال له: انك لم تعط ليرة زميلك، فقال: (مولانه الشيخ هادي احوج)، ونحن الآن في عشية التهديد باحراق كتب الشاعر العراقي سعدي يوسف، لقصيدة بسيطة جدا، نوه فيها الى ان العراق عجمي، والعجمة لاتعني الفرس بالضرورة، لكن الشاعر الكبير قصدها، ولاتثريب عليه، فالعراق عجمي مثلما هو سعودي واميركي وقطري، وهناك آلاف الاطنان من الكتب تحتاج الى عيدان ثقاب الاخوة في شارع المتنبي، وليس تاريخ سعدي يوسف المعطر بتراب الارض الجنوبية.

لم يكن سعدي يوسف ( ذبّاب جرش) كما يقولون في اللغة العشائرية، انه عراقي اصيل، احرقوا منتجكم الموبوء في البداية وبعدها حققوا جيدا في قصيدة سعدي، ستجدون ان محاكم التفتيش التي ارادت حرق ابداعات المبدعين ذهبت، وبقي الابداع حيا يملأ العالم نورا وروعة، اياكم وتدنيس الشارع العريق والشاعر العريق بترهات تصوراتكم المريضة، العراق بقي تحت حكم الفرس لقرون، والفرس بالمقابل لم يتنازلوا في يوم من الايام عن ان العراق هو ضيعة من ضياعهم، فلماذا الاستفزاز الذي لامبرر له، انا ارى ان كتبكم هي احوج للحرق كما هو الشيخ هادي احوج لليرة الذهبية.

مما جادت به الديمقراطية علينا كثيرا من المفسدين واللصوص والقتلة، ومعها جاءت بحرية الرأي التي لم تكن مكفولة مئة في المئة، لكننا نمني انفسنا اننا امام حرية رأي نسبية ربما، الرجل طورد وسجن وتعذب كثيرا ، وغادر العراق مرغما فماذا تريدون؟ هل يكتب نشيدا وطنيا يقرأ من على احدى القنوات الفضائية التابعة للدولة، ام يضع كوفية وعقالا ويخرج في ساحات الاعتصام ليردد اهازيج تندد بداعش والقاعدة، انه رجل وطني ودائما وقف ضد الحكومة، منذ بداية مجيء حزب البعث، ولايرى مكانه سوى في الاعتراض على ما يقوم به السياسيون، انه شاعر

متمرد يرى الاستسلام للرأي موتا حقيقيا، في حين انكم ترون ان الوطنية هي العزف بابواق المدح والتمجيد، التمرد الذي يحياه سعدي يوسف مقننا نظيف اليد، وواضح غير ملثم، لقد كتب وقال، في حين ان السياسيين يكذبون ويقتلون ويرسلون الناس الى الموت، احرى بجماهير المتنبي ان تحرق سياسيي العراق بلا استثناء في العراق السعودي والعراق القطري والعراق الفارسي، اننا مخترقون شئتم ام ابيتم، الوطن يضيع ويهمش يوما بعد يوم، وانتم تستهجنون قولا قاله شاعر صادق اراد ان يشير الى الحقيقة من هناك من بعيد من لندن الضباب، لايستحق اي كتاب من كتب الشاعر الكبير ان يحرق، بل ان يكتب بماء الذهب ويوضع في اعلى المكتبات فخرا بشاعر ومناضل كبير لم يساوم يوما ولم يداهن في ظروف ساوم الكثيرون بها، وتعرض لما تعرض له من غربة ونفي، الحاج هادي احوج، وكتب المتملقين احوج لعيدان الثقاب.

أحدث المقالات

أحدث المقالات