23 ديسمبر، 2024 7:42 ص

شيخوخة ليلٍ طويلٍ يرشقُ الأحلامَ بــ الشخير …

شيخوخة ليلٍ طويلٍ يرشقُ الأحلامَ بــ الشخير …

العودة للغة كأداة مهمة في النص الشعري اصبحت من الامور الاساسية لجودة المنتج الادبي وخاصة في مجال كتابة الشعر كوحي انساني مؤثر..ومن يتمكن من تحصين وترصين بناء الفكرة الفلسفية بتراكيب لغوية حاذقة ..تجعل المتلقي يشعر بعذوبة ومتعة وفائدة الجمل الشعرية..بحيث  تكون للكلمة الواحدة فعل قصيدة كاملة..وهكذا أرى الشاعر العراقي كريم عبد الله ..يمتعنا بما لذ وطاب من لغة اصيلة امتزجت بنفس الحداثوية المفعمة بالحس الموسيقي..بعيدا عن التسويف والتطويل الذي يفتح لنا طريق المتاهات بدل الوصول لغاية الهدف الاسمى..وهو جمال النص..التنسيقية الادبية مهمة شاقة تحتاج لدراية لما يقع على المتلقي من فعل حسي يلهمه التفاعل الجاد مع تتابع القراءة الموضوعية والعميقة
يغرّدُ الدوري …….
بأناملٍ كانتْ مخشوشنة على شغافِ الفؤاد تعتنقُ زينتي ..
/ لوزها يمضي مهتضماً وجعَ الضجر ..
/ ترسمُ المصيرَ بحائطي وتنخلُ القصائد متأنقةً بالكلماتِ تدوّنُ في دفاترها وجهي ../
تغسلهُ بالبحرِ المتدفقِ في صوتِ نعاسها ..
/ تحتوي فجريَ الملغوم ترفعُ أسواريَ الثاكلة ……………..
لمْ تغادرني عذوبة.. المتدفقِ في صوتِ نعاسها ../
التتابع الفكري لسرد النص حالة امتاز فيها شاعرنا..فهو يعرف من أين يبدأ..والى أين ينتهي..تلك المهمة التي حملها لنا بصدق..تجعلنا بحتمية أن نكمل ما بدأ به..دون ملل..وهنا تدخل حرفية الشاعر..في أن يصف لنا الحدث حتى نكاد نعيشه..
../ أطرّزها تنسابُ لحنَ نشوةٍ تهزُّ مراكبي ../
وارفةً تُموسِقُ أشرعةً تتناسلُ في عينيها ………….
لهبٌ متوردٌ يعتصرُ دوّامةَ الرجاءِ ../
 يرذرذُ كشلاّلاتٍ قُربَ نُهيرٍ مهجور ../
 فتجرفنا رائحة النعناعِ
ثم ينقلنا بتدرج مريح لوصف الحالة الحسية لمن يحب..وصف جسدي ..فيه تأكيد لجمالية فعلها
فمها الشاردَ باجنحةِ خمرةِ الهمسات ../
 يُكحّلُ أهدابَ ستائرها المبلّلة …………..
غصنٌ صوتها يتمرّجحُ على شاطىءِ الوقت ..
/ تنحني إرتعاشاتُ ظلّها بشموسِ الوفاءِ
أن الخطوط الواثقة وصولها حتمي نظرا لامتدادها في افق معلوم..ونرى هناك تفاصيل لحالة مأساوية خلقتها دوافع خارجية ساهمت في تخريب كل البنى التحتية للانسان اولا ومن ثم لواقعه المادي في البناءالحضاري الذي يمتد لاف السنين في بلد ساهم في صنع التاريخ الانساني..لكنهم تجاوزوا عليه..خارج كل سياقات الشرعية الدولية وحدث ما حدث من رعب وخوف طال الجميع…
الشوارعُ تحيضُ.. ..::
تمسحُ أحذيةَ الغزو نشازٌ متسمّرٌ في لوحِ صباحاتٍ مزمنةٍ بالذهول …
/ شيخوخة ليلٍ طويلٍ يرشقُ الأحلامَ بــ الشخير …/
 وعقربٌ أرعنٌ نحوَ الهاويةِ يتجهُ بــ المواعيد ..
الأيامُ المنتفخة.. مكدّسةٌ بلا مأوى ..
تنتهكها طاحونة جائعة …./
ويمضي في الوصف لفعل الكارثة في بلد حل فيه الخراب بعد ان دخله الغرباء..وهم يسحقون كل النبلاء..وتحل القسوة والدم بدل الرحمة والوورد..والانا بدل الجماعة والجشع بدل القناعة
…/ وأشجارُ النخيلِ عانساتٌ للآنَ العراجينَ تتشاجرُ بصوتٍ عال ………….
هذا الأفق تحاصرهُ مخالبٌ تعتصرُ فاكهةَ اليقين …
/ فتّنتها تأسرُ الطبّالينَ بــ السيئاتِ الناضجةِ خلفَ نواعيرِ النفايات …
/ لا خرائطَ للتواريخِ وسيقانها غارقةً بـــ وحلِ الشموخ
 نحن اما شاعر غرف من الواقع صور متعدده في ظل زمن تجاوز فعلة من الاعتيادي الى الدموي بمخطط محسوب لكن نتائجه كم كبير من جماجمنا ..التي يحلو للغزاة أن يقيموا حفلاتهم الماجنة عليها..تبا لهم
…./ يائسُ هو الزنبقُ إبتسامتهُ متصدّعةً بـــــــ التشظّي …………….
حاصرَ الأبوابَ إخطبوطٌ متدرعٌ يحملُ الخرافةَ …
/ متّكيءٌ شزراً على ناصيةِ الغدرِ …..
/ يحوكُ مسبحته الفيروزَ وخرزاتها جماجمٌ فتيّةٌ ……………………………………….::::: منَ البعيدِ جاءَ مبتهلاً يزرعُ الألغامَ الغامضةَ
وما تزال الحروب تزرع نكساتها على الغالبية العظمى من الفقراء فهم وقودها في كل الازمنة ..بينما ينعم تجار الحروب بنعيمها..هكذا هي معادلة الشيطان التي رسمها لنا غزاة اليوم والامس..فيموت الطفل دون بكاء..وتغتصب المرأة دون حياء..هو زمن التشظي والمفاهيم الجديدة للديم..قراطية..التي لم نذق منها الا طعام مر..وسماء سوداء..
…/ هرولَ يحتطبُ فاتكاً عثراتَ المتسوّلينَ ……..
/ ويمسحُ زجاجَ العيونِ بــ قضمةِ نزوحٍ جماعي
 يوزّعُ مفاتيحَ وقاحةَ النكبةِ المريضة …
/ ويقدّمُ في صحونِ الجوعِ ولولةَ الضغائن ………
/ ويمسحُ فمَ الهتافاتِ المشروخةِ بــ منديلِ الحرائق
كريم عبدالله عندما يكتب بهواء اسمه العراق..فهو يكتب لتاريخ وحضارة وبلد جميل كان وسيبقى منارة للمثقفين والعلماء والطيبين ..
هكذا نراك يا عراقنا ابيض الوجه لأنك انت من علمت البشرية كيف تفكر حين تقرأ بامعان..