23 ديسمبر، 2024 9:41 ص

-1-
بمقدور الانسان أنْ يكون خيراً من المَلَك ..!!،

الذي يُضرب به المثل نقاءً وطُهراً وسمّواً

والسؤال الان :

كيف يكون ذلك ؟

والجواب :

إنّ المَلَك عديمُ الشهوات ، فانتصاره على ذاته أمرٌ ليس بالصعب العسير..

أما الانسان المُشبع بالغرائز والشهوات ، فانتصارُه على ذاته الموّارة بالشهوات المحمومة والرغائب المتعددة أمرٌ بالغُ الصعوبة ، وحين يتجاوز بارادته الصلبة، ووعيه العميق ، وكبحه لجماح نفسه، كلَّ المغريات والعوامل التي تشدّه الى الطين ، يعلو على الملك مكانةً ورفعة ويكون القمة السامقة .

فهناك اذن :

الانسان – المَلَك

والانسان – الشيطان ، الذي غلبت حيوانيتُه انسانيتَه …

-2-

من هنا :

جاء التعّوذ من شياطين الإنس والجن .

والبشرية عموماً مبتلاة بالشياطين الذين لايكفّون عن ايذائها والاعتداء عليها ، فهي مثخنة بالجراح جرّاء تلك الأفعال الشيطانية الخبيثة .

-3-

والعراق الجديد بوجه خاص ابتلى بعصابات من العفاريت، لاتتورع عن الدنايا ، ولا يهمها الاّ الاستحواذ على المال الحرام ، وممارسة مختلف ضروب الاجرام .

-4-

وتعددت فصول الانتهاكات الفظيعة للقيم والموازين الدينية والاخلاقية والانسانية والسياسية والاجتماعية والعلمية .. وشكلّت بمجموعها (ملفّاً) يصعب ان يُقارن بأسوء الملفات في البلدان الأخرى .

إنّ هرب المئات من عتاة المجرمين من السجون العراقية يمّر دون أنْ يتحمل مسؤوليتَه أحد ..!!

لا من الكبار ، وفيهم من يقول للشعب العراقي

( أنا المسؤول التنفيذي الأول )

ولا من غيرهم ..!!

وعلى هذه فقس ما سواها ..!!

في حين أن هرب مجرم واحد يكفي لاستقالة الحكومة بأسرها في البلدان الاخرى .

-5-

ويتوالى اصدار العفو عن المختلسين والمزورين للشهادات الدراسية ، وكأنهم لم يقارفوا إثما ولا جرما ..!!

-6-

ولقد بدأنا مؤخراً نلمس معالم الحزم في قرارات رئيس مجلس الوزراء ، وفي إبعاد العديد من القيادات العسكرية عن مواقعها ، وفي مصادرة الاسلحة في الطائرة التي حطّت بمطار بغداد بعد ان امتنع مطار السليمانية عن القبول بهبوطها، والأمر بمباشرة التحقيق في هذه القضية من قبل وزير الدفاع .

كما أُعلن عن موافقة هيئة رئاسة مجلس النواب على استجواب المسؤول عن ايصال المساعدات للنازحين … فتسرب الكثير منها الى جيوب الفاسدين …

ورحلة الألف ميل – كما يقولون- تبدأ بخطوة …

والمأمول أنْ تتواصل اجراءات المحاسبة الدقيقة لكل الفاسدين والمقصرين في مختلف أجهزة الدولة ومؤسساتها .

-7-

دفعني الى كتابة هذه المقالة خبر جاء فيه :

( استردت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية اكثر من 4 مليارات دينار من المتجاوزين على اموال شبكة الحماية الاجتماعية في بغداد والمحافظات لغاية نهاية شهر تشرين الأول الماضي )

-عدا أقليم كردستان –

( وتم اعادتها الى دائرة الحماية الاجتماعية لتوزع من جديد بين المستحقين )

انّ الشياطين الذين استحوذوا على هذه الأموال المخصصة للضعفاء والفقراء ، ركلوا بأقدامهم كل المعاني الانسانية والأخلاقية فضلاً عن الضوابط القانونية .

انهم يتلذذون بسرقة الأموال المخصصة للفقراء مِمَنْ يتضورون من الجوع والفاقة ، ويصطلون بنيران الحرمان والحاجة، غير مبالين ولا مكترثين بهذه الشريحة المسحوقة .

وبَدَلاً من ان يهبّوا لتقديم العون والمساعدات لها ، سارعوا الى الاستحواذ على ما خُصص لها من أموال، بكل صلف وقسوة ووقاحة ودناءة، وباءوا بالأثم العظيم .

-8-

ان هذا الرقم هو المكتشف من المنهوبات حتى الآن، ولا يعني ذلك انه الرقم النهائي لما استحوذ عليه الشياطين مما خصص للفقراء .

ولا بُدَّ لوزارة المعل والشؤون الاجتماعية الا تكتفي باسترداد الأموال فحسب ، بل ملاحقة هؤلاء اللصوص واحالتهم الى القضاء لينالوا جزاءهم العادل، وليكونوا عبرة لكل المحتالين الساقطين من عديمي المروءة .

-9-

مَنْ أمن العقوبة أساء الأدب

هكذا جاء في الأمثال

فالمطلوب من مجلس النواب العراقي تفعيل دوره الرقابي على الأجهزة التنفيذية كلها ،

والمطلوب من كل الدوائر الرسمية ملاحقة المتلاعبين والمتجاوزين واسترداد المال العام المنهوب منهم، واحالتهم الى القضاء دون ان تأخذ احد بهم هوادة

إنّ غض النظر عنهم، أو التهاون في محاسبتهم، انما هو لون من ألوان التشجيع العملي لهم على اقتراف جرائمهم، وهذا مالا يسوغ بكل المعايير السماوية والأرضية .

-10-

انّ الشعب العراقي ينتظر أنْ تحال رؤوس الفساد الكبيرة الى القضاء، مهما تلبست بعناوين ضخمة ، وألقاب فخمة، ومناصب دسمة ..!!

ومن دون ذلك ، فلن يكون التغيير حقيقياً .

فالمطلوب العلاج الجذري ، لا بضع جُرَعٍ من المُسكِنّات .
*[email protected]