يعيش شبابنا العرب وضعاً مثيراً للقلق بفعل حالة التغريب الفكري والتسيب والانحدار الاخلاقي والفوضى العارمة الحاصلة في مجتمعنا ، ونتيجة ثقافة العولمة الاستهلاكية الواقدة الينا .
ومن يواكب أوضاع الشباب العرب من الناحية الثقافية يرى بأم عينيه حالة الاسترخاء الثقافي ، والغياب الملموس في الحراك الثقافي والاجتماعي والسياسي العام ، رغم الفرص المتوفرة والمتاحة لهم في ايامنا .
ان شبابنا لا يشاركون في الندوات الثقافية والادبية والسياسية الا النزر القليل ، وجل المشاركين فيها من كبار السن الذين تعودوا على حضور مثل هذه الندوات ، والذين عايشوا التحولات والتغييرات التي طرأت على وضع مجتمعنا ، لكنهم بقيوا على ارتباط وثيق بهذه الندوات كجزء لا يتجزأ من عالمهم وعاداتهم .
الكثير من شباب اليوم لا هم لهم سوى المنافسة على آخر صرعات الموضة دون أي وازع أخلاقي أو معيار اجتماعي ، فترى أمامك البنطلونات الممزقة ، والملابس الخليعة ، والاجساد العارية ، وقصات الشعر والصبغات الغريبة ، وباتت حياتهم تقتصر على الأكل السريع ومشروبات الطاقة وارتياد مقاهي النرجيلة ، ولقاءاتهم تافهة لا تتعدى آخر أنواع السيارات والهواتف النقالة ومباريات كرة القدم في العالم ليس الا ، وعادة تنتهي هذه اللقاءات بشجار ..!!
اننا لا نريد الا شباباً طامحين ، لا يرتضون الا ذرى الجبال مطية لهم ، وجسر التعب ليصلوا الى الراحة الكبرى ، الى رياض الخير والبركة ، وعلى طريق الاخلاق والقيم والهدى .
فرقي الأمم والشعوب في مجالات الحياة كافة يبدأ بالشباب ، فهم عماد الأمة ، وأمل الحاضر ، ورجال الغد ، وتربية الشباب ليست سهلة ، ولا هينة ، وانما تحتاج الى رعاية ومتابعة دقيقة من الآباء والعاملين الاجتماعيين والمستشارين التربويين والاخصائيين النفسيين ، ومن الضروري أن يبدأ الأهل والمربون في اعداد وتهيئة الشباب منذ الطفولة ، والاستمرار في هذا الاعداد السليم والصحيح ، حتى يشتد عود الطفل ويبلغ مداه في مرحلة النضوج الفكري والعقلي والعملي .
وينبغي على المربين تريية طلابهم على اساس خالص من الشوائب ، واول شيء زرع القيم الاخلاقية ، وغرس روح العطاء والتطوع وحب الثقافة والمعرفة في نفوسهم وعقولهم ، وتعزيز الثقة لديهم ، فثقة الطالب او الشاب هي التي تجلب له الاحترام من الغير .
يجب ان يكون طموح شبابنا وتطلعهم الى المثل العليا السامية ، فالشباب بلا طموح كشجرة لا تزهر وبالتالي لا تثمر ، افلم يقل الشاعر :
شباب قنع لا خير فيهم
وبورك في الشباب الطامحينا
ولتسمحوا لي استبدال كلمة ” قنع ” بكلمة ” خنع ” فهي الاكثر وصفاً للكثير من شباب اليوم .
واخيراً ، نريد شباباً ليكونوا قدوة ، ويسيروا على نهج الصالحين ، ويتخذوا من ثقافة الاستنارة سلاحاً لهم يمتشقوه في معارك الحياة الحضارية .