ألنهر ألممتد من غربته الى طول ضياعه يتفجر دما,,ويتعرج ثم ينحدر ولكن الى أين؟ أوقفوه وسألوه ….
– ألى أن أنتهى عند نقطة ستوقفني أو أتوقف عند نقطة وأنتهي
أين مائك؟ –
– لم تمطر السماء بعد….
– أين اسماكك؟
ماتت ..هي لاتعيش بماء في هيئة دم… –
– اين الحشائش وألأدغال التى نبتت على جرفك؟
– ذبلت واصفرت فلم تاتى معي فتركتها هناك..
– تخليت عنها ؟
– لا , بل السماء لم تمطر بعد,,,,,
– اني أنا النهر انبسط وعلى الارض امتد واغرف من عمقها قعرا لي يسع مائي ويتحمل احشائي ليرتفع الى اعلاي مكونا جرفين يمتدان معي وليحضناني ويحميان المنبسطة مني ان غضبت,,أني انا النهر انبسط وامتد واعرج ثم انحدرحذاري,, سوف افيض دما ,,اسماكي ماتت واللون الأخضر غادرني وجرفي بدأ يتحطم أو اعيدوني كرتي ألأولى..اعيدوا احشائي الجميلة ,,فضة لوني اعيدوا لي ترنيمة مجراي ..لتمطرني السماء وتسكبني ماء ..لا اريد وهج الشمس,,ولم أغير مجراي,,,,,,,,,,,,,,,,
من نجاويف الليل وانهمارات المطر,,من وراء الشمس وحتى انسكابات ضوء القمر,,من التوائات الأزقة المنسية و انين البشر,, خفيفة ومنتظمة هي ألأصوات وصلت حاملة نغمة تنطق بالحذر,,,,
انه النهر,
هو غاضب,
ليس هو من غير المجرى,
انه غاضب ,
اتها الشمس ,,ابحثوا عن الشمس,
هو وهجها,
ابحثوا عن وهجها,
النهر غاضب,
غاضب,
– لماذا تضايقين النهر وتعذبيه بوهجك؟
– هكذا اوقفوا الشمس وسالوها,,
شمس أنا,, جبارة أنا في تسلطي..حارقة هي أشعتي,,لهب عيني يحرق,,وتختلط الروائح احيانا تحت وطئتي,,رائحة ألأسفلت بالجسم المشوي,ولكن,,
– قولي الحقيقة ,لكن ماذا؟
– لم اغير مجرى النهر ولم اعطه اللون ألأحمر,واني انا الشمس أعيش مع الكل وأنفذ الى الكل عبر النوافذ,,ومن مسامات الجلد ,,من عطش الحيوانات ,وجفاف شفاه البشر,,هم يحبونني عند الصباح ويتجنبونني عند المنتصف,,نبضهم يتسارع ,,قلوبهم تتلضى ,,كل صباح أأتي الى النهر ,,اداعبه,,وفي الصباح الذي مضى وجدت النهر يبتعد,,يبتعد,,الى اين ,,,,وانا الشمس الان قررت ان احرقهم ,,اجلدهم باسواطي علهم يهرعون الى النهر ليبردوا جلودهم وليرووا عطشهم ويزيلوا اثار اسواطي من على ظهورهم و وجوههم,,حتى اذا افتقدوه,, نادوا اين النهر ,,وليبحثوا عنه,,
اني انا الشمس اعلن اختفائي بعد هذا الدهر لأختفاء النهر,,وان لم اختفي ساجفف ألأرض ويموتوا البشر بعد اختفاء النهر,,
تناهت ألأصوات مرة اخرى الى ألأسماع تحمل الوعيد وتتضاعف نغمتها منتظمة,,
انها الشمس غاضبة,,
ليست هي من غيرالمجرى,
ليست هي
هي غاضبة,
غاضبة,
يقولون البشر ,,انهم البشر من اغتصب النهر, وقتل ألأسماك وحفف التهر ثم غير مجراه,,يقولون انهم البشر جريئون جدا واذكياء,,يمتلكون انياب الذئاب وشراسة الوحوش,,الوحوش,,هكذا يقولون,,قد جائت الوحوش ليلا الى النهر وفي وسطه دفنت كل غنائمها وذبحت كل فرائسها,,وهكذا امتلأ النهر بدم فرائسهم,,نبشت الوحوش النهر باظافرها وحفرته وغيرت مجراه ,,النهر الآتي من منبعه ستصب وتتجمع دماء فرائسهم في وسطه ,,ورسموا ألأرض من جديد وذهبوا في عتمة الليل ولم يرهم احد,,ذهبوا الى هناك ,,الى البعيد,,في النقطة ألأخيرة من الرسم ليقيموا طقوسهم ويهللوا لمجيء السلسبيل اليهم,,
يقولون الوحوش ومنهم من يقول البشر؟ ,,,جائت ألأصوات بتساؤلها,,,
اين هم البشر,
من هم الوحوش,
من هم البشر,
اين البشر,
بطوله الذي يفوق الرمحين جاء,,هو كل البشروكل البشر هو,,خطواته لا هي حيرى ولا ثكلى,,يخيف ولا يخاف هكذا يبدوا للوهلة ألأولى ,,اوقفوه وسألوه,
– أ أنت البشر؟
– أنا من البشر,,
– من انت؟
-انا ألأنسان ,,
– قالوا انك طاولت رأسك حتى بلغت مجدك؟ ,,لماذا غبرت مجرى النهر؟
– أي نهر؟ ,,
انا واقف هنا ومنذ اول الدهر,,منذ نهضتي ألأولى ادركت ان علي الكثير لأقوم به,,الجبال لاتتحرك ولكني حفرتها بيوتا لي ونقشت جدرانها بأيامي,,حملتها على اكتاقي,,من وعورتها قدماي للجروح صارت مخبأ,,ولكني نسجت الحياة من ألأرض والجبل وأذقأت برودتها بنار أفكاري وحفرت يداي انهارا الى ان جرت فيها الحضارات ,,نهضت ولم اسأل,,حملت اسمي ولم اتذمر,,بنيت ولم اتعب,,اخذ رأسي حكمة الماضي ونثرت بذوري على سطح أرضي وبنيت امتي ,,وهاهم اليوم اولادي واحفادي يتكاثرون ويتكاثرون,, على شاطيء النهر رموا طفولتهم وشبوا,,بطين النهر أنظر ستجد فيه آثارهم واسمائهم,,الجبل والنهر والوادي ومابين اولادي واحفادي قف وانظر وتمعن ستجد بعض الطين فيهم ومن بعضهم من الطين ,,فأي منهم هو الذي غير المجرى وأغتصب النهر؟,,,,
– والوحوش واللون ألأحمر؟
– لا اعرف وحوشا غير التي اصدتها في اول الدهر لأغذي اولادي واقتات,,صعب هو مراسها وألأصعب هو مراس الانسان,,شيء من الجبل في رأسي,,اصدتها وعلى الاكتاف حملتها ولم اعرف دما غير دمائها ,,لم يكن هنالك شيء وبالعكس ,,كل شيء كان هناك,,النهر,,الحشائش,,الورود,,ألأزهار,,الطبيعة حسبتها امي الطيبة التي تقف لي ومعي وفي كل مكان,,وحتى الشمس والقمر,,وكهفي كان هناك عند المنحدر,,,,
– أقف اليوم ,,أرى كهفي وقد انهجر,,والجدران بلا نقوش تقف فارغة , صامتة,,واولادي تناسلوا وتكاثروا ولكن بالحظ قد تعاثروا,,
– ماذا تريد ان تقول؟
– بسبب الكثرة قد صارت الغفلة ومن الغفلة قد دخل الشر,,,
– الشر,,؟
– نعم ,,للاسف,,تسلق الجدران,,دخل البيوت,,امتلك القلوب,,اولادي هجروا كهفي ونسوا قلوبهم هناك,,جاء الشر متسللا,,مكان القلب فارغ,,فوجده خير مأمن,, والان هو في كل مكان,,
ألأصوات لاتبرح المكان,,قلقة ألأصوات هذه المرة ,,خائفة,,تنذر بشيء ومن هوله تخاف البوح به,,وصرخت,,
ألأنسان هو البشر,
البشر هو ألأنسان,
لم يعتصب النهر,
ولم يغير المجرى,
هو مجروح,
ألأنسان مجروح,
النهر غاضب,
الشمس غاضبة,
لاتسوية
لاتسوية,
لاتسوية,
انتهت.
سيدني
[email protected]