أن العتاة إذا لاينتهم صلفوا مثل الصغار إذا دللتهم فسدوا
لا شك أن التراخي والتغاضي والتهاون أشد خطرا، وأبلغ أثرا وضررا وأفدح خسارة من اللين والتدليل. وسياسة إرخاء الحبل أو إلقائه على الغارب أثبتت فشلها في جميع التجارب المحلية والعالمية وما أجدت نفعا في حل مشكلات أو معالجة أزمات بل زادتها تفاقما وتأزما خاصة في مجتمعات الدول النامية والتي دخلت فترة النقاهة منها.
صحيح أن التجارب الديمقراطية تدعو الى إطلاق الحريات العامة، وحوار الأفكار والتعددية والتداول السلمي للسلطات لكنها تضع قوانين صارمة بحق المجرمين والعابثين والمفسدين وتضرب بيد من نار على رؤوس المتلاعبين والمستهينين بأرواح الناس وممتلكاتهم والتجاوز على حقوقهم ومصالحهم، وتحاسب المقصرين من المسؤولين الذين لا ينجحون بأداء الواجبات المناطة بهم، حيث لم نر ولم نسمع في أقدم النظم الديمقراطية وأوسعها انفتاحا أن أقوات الشعب واحتياجاته اليومية والمعيشية والحياتية توضع تحت رحمة الجشعين وبائعي الذمم وعديمي المروءة، دون رقيب أو حسيب، وبلا ردع أو زجر، والتعامل معهم وكأنهم ملائكة بإيكالهم الى ضمائرهم التي أماتها الطمع والجشع والبعد عن مخافة الله بعد أن أمنوا سطوة القانون، ليتمادوا بالإساءة والاستهتار نهارا جهارا وعلى مرأى ومسمع أجهزة الدولة التنفيذية!.
فإذا كان لتدهور الوضع الأمني معاذيره التبريرية، وإذا كان لغياب الكهرباء تخريجاته التخديرية فما مبررات وتخريجات ومعاذير إطلاق يد المتلاعيب بالمال العام وتبديد ثروات العراق اختلاسا وافساد ؟ وغض الطرف عن التجار الجشعين ” في استيراد البضائع الكاسدة والاطعمة التالفة والمنتهية الصلاحيات ؟، وإطلاق يد وكلاء “حصة الإهانة التموينية” في إذلال الناس وسقيهم “بالقطارة”؟!.والتغاضي عن موظفي الدوائر الرسمية في عرقلة انجاز معاملات المواطنين .ومكافئة المقاولين المتلكئين والمخربين ؟!.
ولماذا لاتعلن حالة الطوارئ كما معمول به في جميع دول العالم واخرها فرنسا التي لم تدخل حالة حرب مع الارهاب مثل العراق الذي المذبوح منذ عام 2003
فكما أن للطب، في معالجة المريض، مراحله وأساليبه التي تبدأ بالتشخيص وتنتهي بالمباضع والبتر والكي والتي لا يقصد بها الانتقام من المريض بطبيعة الحال، كذلك فلعلاج الأزمات وتداعياتها مراحل لا يقصد بها الانتقام من مختلقيها بل تخليص فقراء الوطن من شرورهم، وهو حق أجازته الشرائع السماوية قبل القوانين الوضعية.
ولكم في القصاص حياة يا اولي الألباب.