23 ديسمبر، 2024 4:33 ص

شوارع بغداد كـ “المرايا”

شوارع بغداد كـ “المرايا”

تجولت في شوارع بغداد بــ كرخها والرصافة ، وحتى مناطقها النائية ، ولم أجد شارعا الا ويموج بانعكاسات ضوء الشمس مكون السراب ، من شدت صقل (التبليط) والاهتمام بمواصفاتها.
وأخذني الحال حتى سرت بسرعة جنونية تجاوزت حدود المألوف ، يحاسب عليها قانون المرور داخل المدن ، والتي شجعتني عليها الشوارع بحسب قرائة عداد السرعة التي ارتفع مع ارتفاع جمالية تلك الشوارع التي تمتاز بها عاصمتنا الحبيبة ، التي لاوجود حتى للمطابات الصناعية فيها.
وهكذا وانا اواصل تجوالي  في شوارع واسعة نظيفة تزين الخطوط البيضاء وسطها ، وتمتد الاشجار والزهور على امتداد جانبيها .. حتى استفقت من غفوة على صوت سائق التكسي التي استقلها بعد عناء يوما من العمل المتواصل ، وهو يصرخ باعلى صوته : (أنعل أبو الأمانة) !! والذي رافقه ضربة لرأسي بسبب (طسة) رفعتني من المقعد الذي أجلس عليه ليرتطم بسقف السيارة البيجو الصفراء التي صار لوني بلونها !!.
ابتلعت تلك الطسة اللعينة ما يقارب نصف اطارات سيارة التكسي ، ومن ثم تلتها طسات ، وتصاعدت كميات كبيرة من الأتربة التي لايسلم من استنشاقها حتى الذي يرتدي قناع الوقاية الذي يستخدم في الحروب ، لم تفاجئني تلك الطسات لأني وسكان العاصمة اعتدنا على مشاهدت منظرها البشع يوميا ، ولكني لعنتها لانها ايقضتني من حلما جميل كنت اعيشه وكأن شوارع بغداد فاقت جمال شوارع باريس.
ومن ثم أخذ سائق التكسي (ستيني) العمر يغرد ، قائلا : (أنعل أبو الوكت الي خلانا نمشي بشوارع وسط العاصمة تفوقها الكثير من شوارع جبهات القتال مع ايران في وقت الهدام !!) ، (أنعل أبو الوكت الي صرفت به مليارات الدولارات ، والشوارع تزداد سوءا) ، (أنعل أبو الوكت الي عاد أمجاد الهدام ، وجعل من الأرصفة هم المسؤولين الوحيد ، حيث تنفذ ومن ثم تصبغ وبعد الانتهاء من صبغها يعاد تفليشها وتنفذ وتصبغ من جديد ، وهكذا حتى صار حالها كرواية والي حلب الي سرق ونهب وحلب الولاية حلب).
يلتفت الرجل الستيني بعد ان استنشق سيجارته بنفس عميق ، موجها لي سؤال : (بالله رحمه لوالديك أريد أسألك الى متى يبقى حالنا هكذا ؟!! ، والى متى يبقى رئيس الحكومة يتحمل النقد من الناس بسبب الأمانة وأمينها ، ومن الكهرباء ووزيرها ، ومن زيد وعبيد والبوك الي اله أول وما اله آخر !!).
التزمت الصمت طبعا دون اجابة ، وأكتفيت بتعليق : الله كريم .. لأني أمتلك من المعلومات بحكم عملنا في السلطة الرابعة ، واتصالنا الدائم بلجنة النزاهة النيابية وهيئة النزاهة والدوائر الأخرى المعنية بذلك ، لو اطلعته عليها وهو بحالته النفسية المضطربة التي لعن فيها أبو (المسـ …..) ، لجن جنونه وزاد في السب والشتم حتى يصلني منزلي.
وأخيرا ودعت سائق التكسي داعيا له بان يمن الله على جميع البغداديين لاسيما سائقي سيارات الأجرة بالقضاء على جميع الحفر والمطبات ، وأن تنهي أمانة بغداد مشاريعها بموجب الفترات المحددة لها والتي أستغرق بعضها عدت سنوات ومازالت تراوح في نفس المكان ، وأن يمن على المسؤولين بالهداية ويرزقهم التوبة ، ويوفق النزاهتين والدوائر المعنية بكشف المزيد من ملفات الفساد لخدمة الشعب المظلوم ، ويعين القضاء على انجاز تلك الملفات الكثيرة والتي تورط بها البعض بـ (شفط) ملايين الدولارات ، وان آخر دعوانا الحمد لله الذي لايحمد على مكروه سواه.