23 ديسمبر، 2024 7:24 ص

شوائب الحشد الشعبي ” صناعة الرموز القلقة مثالا”

شوائب الحشد الشعبي ” صناعة الرموز القلقة مثالا”

مثلما كتبنا بأخلاقية الواجب الديني والوطني عن دعم الحشد الشعبي ومؤازرته فكريا وماديا ورددنا التهم التي توجه اليه وأولها الطائفية , وهي تهمة يسوقها حواضن عصابات داعش ومن في نفوسهم مرض , ومشاركة أبناء العشائر في صلاح الدين وألآنبار في الحشد الشعبي كفيل بنفي تهمة الطائفية لمن يفكرون بعقول منفتحة , كذلك رددنا تهم ما ينسب للحشد الشعبي من أعمال عدائية تجاه المواطنين وممتلكاتهم في مناطق المواجهة مع عصابات داعش , وفرقنا بين طريقة التعامل مع البيوت المفخخة وما يمليه واجب الحذر ألآمني لحماية الجيش والشرطة والحشد الشعبي , وبين ألآخطاء الفردية التي تقع من أفراد الحشد الشعبي أثناء المواجهة التي تحتدم فيها المشاعر حد الجزع , فيسيئ الجازع وهذا ما لانريده وهو محرم شرعا , ألآ أن المتربصين بالحشد الشعبي من المتصيدين بالماء العكر يحسبون كل صيحة عليهم قاتلهم الله أنى يؤفكون , فهؤلاء يقول عن تفجير البيوت المفخخة بأنه هدم وحرق لمنازل المواطنين ويؤولون ذلك طائفيا , ويجعلون من ألآخطاء الفردية لبعض أفراد الحشد الشعبي كموقف رسمي للجهات التي تقف وراء الحشد الشعبي ولا يبرئون المرجعية الدينية من تلك ألآخطاء الفردية التي طالما حذرت منها المرجعية الدينية ووصاياها في هذا المجال لايمكن أنكارها وهي من الوضوح بحيث لاتحتاج الى مزيد من البيان .

ومن يكتب عن الحشد الشعبي بطريقة فكرية فقهية  مؤازرا يتحمل مسؤولية شرعية وأخلاقية في أن يكتب عن الشوائب أن وجدت ويحذر منها , قال تعالى ” وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم أذا رجعوا اليهم لعلهم يحذرون ” – 122- التوبة –

وبعيدا عن ألآخطاء الفردية التي تظل مدانة ومراقبة بحرص لعدم تكرارها , ألآ أن هناك وفي أجواء الحماسة التي يتطلبها أعلام الحشد الشعبي والمحاطة بحشد كبير من فضائيات لم تكتمل تجربتها ألآعلامية ومن مراسلين ومقدمي برامج تنقصهم الثقافة ألآعلامية , ومن جمهور عاطفي ينتمي لمجتمع فيه الكثير من ألآمراض السلوكية مما جعل الفساد مستفحلا لآن كل أعمدة وهياكل التنظيم المجتمعي مصابة بتلك ألآمراض وفي مقدمتها بعض القضاة وأحالة ” 121″ قاضيا ومدعيا عاما على لجان التحقيق من قبل مجلس القضاء ألآعلى يؤيد ما نقوله , أما الحديث عن ألآطباء وتدهور مهنة الطب أخلاقيا وعلميا فهو حديث الناس ونفس الشيئ يقال عن المهندسين والمحامين وألآستاذة والضباط والتجار والمهنيين وكثير من ألآحزاب والسياسيين , وعندما يكون أفراد الحشد الشعبي من هذا المجتمع المصاب بأمراض سلوكية ونفسية منها عدم ألآهتمام بالنظافة حتى أصبحت القمامة ظاهرة مرئية وأصبح التلوث يشكل خسارة أقتصادية يعرفها أهل ألآختصاص , لذلك نتوقع أن يكون هناك أتجاه لصناعة رموز لاتستحق معنى الرمزية , ويصار الى المناداة بقادة لايمتلكون شخصيات القيادة كما يجب , فالقيادة هي أستعداد نفسي متوازن ومحتوى فكري قادر على معالجة ألآمور وألآزمات , مثلما يكون صاحب الشخصية القيادية رقما سياسيا وأجتماعيا بمؤهلاته الفردية قبل أن يسلط عليه الضوء ألآعلامي الذي قد يكون متحيزا فلا ينصف الناس عندما يضع ألآنسان غير المناسب في المكان غير المناسب , ولقد تعرضت ترشيحاتنا ألآنتخابية لظاهرة تسويق غير المؤهلين فدفعنا ثمنا باهضا في خسران ألآنتخابات كصيغة ديمقراطية وخسران العملية السياسية كمشروع تنمية للفرد والمجتمع والحكومة والدولة , مما جعل الدولة تفقد وظيفتها القانونية وتتحول الى مقاول صفقات وراعي أمتيازات وهذه الطريقة هي التي أنتجت الفساد وصنعت الفاسدين أفرادا وأحزابا وهيئات ؟

لذلك علينا الحذر كل الحذر من ألآنشغال بصناعة الرموز أفتعالا , فالرمز يولد بعفوية وهدوء وبمضمون حقيقي يعبر عن نفسه بتلقائية  وبدون ضجة وأفتعال كما هي رمزية ألآنبياء , ورمزية ألآئمة ألآطهار , ورمزية الصالحين المؤمنين الذين جعل رسول الله “ص” لهم مائة وثلاث صفات : أولها جوهري الفكر , متواصل الذكر , وهذه الصفات التي يذكرها رسول الله “ص” هي ترجمة لصفات المؤمنين التي ذكرها القرأن الكريم في سورة المؤمنين وهي سبعة وقد يعتبرها البعض ثمانية وهي تبدأ بالخشوع في الصلاة وتنتهي بالمحافظة على الصلاة مرورا بألآعراض عن اللغو ومنه الغناء , وأداء الزكاة وهي تنظيم أقتصادي , والمحافظة على الفروج وهي العفة , وأداء ألآمانة وهي شرط لتنمية بشرية ولمجتمع أمن مستقر .

فعلى الذين يهمهم نجاح الحشد الشعبي في دحر داعش وعصابات التكفير ألآرهابي أن يوجهوا عنايتهم للآخلاص في العمل وأتقان فن المواجهة من خلال دراسة نفسية وتوجهات الخصم , ومن خلال أتقان العدة الحربية وتقنياتها الحديثة , وأن يشيعوا المحبة فيما بينهم وتنظيم صفوفهم  , وعلى مسؤوليهم أن يترجموا مقولة ألآمام علي بن أبي طالب وهي مشروع عمل لكل سياسي ورب عمل : أتركوني كأحدكم أكون أطوعكم وأسمعكم ” وبهذه ألآطروحة تبنى الدولة,  لا بالتنافس المشوب بمظاهر الدنيا وفتنتها ولا بالغلبة التي لاتدوم لصاحبها فكل مافي الدنيا ذاهب الى فناء .

أن التركيز على نشر صور بعض مسؤولي الحشد الشعبي مع دعاية تغري العامة من الناس بالتحيز لهذا الطرف أو ذاك هو عمل فيه الكثير من المخاطرة على مصادرة رأي الناس بطريقة غير منصفة وغير حقيقية مما تكرس لنا فشلا مستقبليا كما كرسته في تجارب سابقة , ظهر للناس أنهم خدعوا ولكن بعد فوات ألآوان , لنحسن الظن بالجميع وندعو لهم بالتوفيق , ولكن لنترك القيادة والرمز لتعبر عن نفسها بتلقائية المضمون الحقيقي الذي يعبر عن نفسه كما قال المتنبي :-
وأذا أستطال الشيئ قام بنفسه .. وصفات ضوء الشمس تذهب باطل