بسمهِ تعالى:(وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ ).
إنّ الحديث عن شهيد المِحراب( قده)، يحتاج إلى مؤلفات من الكتب، فلا يكفي أن يكتب عنه مقالات، فضلا عن مقال واحد! فالسيد الشهيد آية الله، محمد باقر الحكيم( طاب ثراه)، حياته مزدحمة ومفعمة، بالعلم والعمل السياسي، وتاريخ طويل من الجهاد والنضال.
لكننا سنكتب بنمط آخر، ونحكي عنه حكاية من خلالها، تعرفون عظمة هذه الشخصية، وإنه من عجينة العظماء، وقبل البدء بالحكاية، نود أن نروي قصة ذكرها التاريخ، عن أحد أسلاف شهيد المحِراب( قده)، الذين يرجع لهم السيد بالنسب، وهو:(محمد بن زيد بن محمد بن إسماعيل بن زيد أبن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب)، ااذي حكم في دولة العلويين، في طبرستان، وبقي في الولاية ١٧ عاما وبضعة شهور.
قال السيد الأمين في الجزء الخامس والأربعين من الأعيان ص ١٤١ طبعة سنة ١٩٥٩:
(كان محمد هذا إذا أفتتح الخراج نظر إلى بيت المال، وما فيه من خراج السنة الماضية ففرقه في قبائل قريش، ثم في الأنصار، وأهل القرآن والفقهاء، وسائر طبقات الناس، حتى لا يبقى درهم.
وفي ذات يوم جلس يوزع الأموال، فقام إليه رجل. فقال له: من أي قبيلة أنت؟ قال: من بني عبد مناف. قال محمد: من أي عبد مناف؟ قال الرجل: من بني أمية. قال محمد: من أي رجل منهم؟ فسكت. قال محمد: لعلك من ولد معاوية؟ قال الرجل: نعم. قال: لعلك من ولد يزيد؟ قال الرجل: نعم.
فنظر العلويون إليه شزراً. فصاح بهم محمد، وقال: لعلكم تظنون أن في قتله إدراكاً لثأر أبي الحسين؟ إن الله سبحانه قد حرم أن تطالب نفس بغير ما كسبت).
السيد شهيد المِحراب( قده)، له عدة حكايات من هذه القبيل، لكن أبهرتني حكاية، كتبها( الحق المهتضم) في إحدى مقالاته، وسأنقلها عنه، يقول الكاتب:(يوماً صعد شخص على المنبر الذي تشرف بأسم الأمام الحسين عليه السلام في مدينة قم المقدسة، فنال من شهيد المِحراب إلى أن وصل إلى الطعن في عائلته( قده)… وصل التسجيل الصوتي إلى شهيد المِحراب ما أن سمعه حتى إغرورقت عيناه بالدموع وقال:
سامحه الله إذا كان له معي خلاف سياسي لا مانع من إختلافه معي في وجهة نظره ولست بمنكر عليه، ولكن أن يصل إلى التعرض للعلويات فهذا غريب ولا يقبل به أحد!.
وبعد أسبوعين من قراءة هذه القصيدة جاء هذا الشاعر إلى مجلس شهيد المحراب. وما أن وصل هذا الرجل حتى نزل له شهيد المِحراب من منبره إذ كان (قده) ـ في مجلسه الأسبوعي ـ وإحتظنه ولم يسمح له أن يبيع ماء وجهه مع ما قام به من فعلٍ شنيع ليعتذر قائلاً له( قده):
مرحبا بخادم الأمام الحسين عليه السلام، أود أن تشركني في ثواب قصائدك التي تكتبها عن الأمام الحسين عليه السلام.
بهت الشاعر ولم يتمكن من الحديث وأصاب الذهول جميع من حضر عند شهيد المِحراب إذ أن كل من حضر قد سمع القصيدة التي وزعت في قم المقدسة وسمعها كل العراقيين).
هذا هو شهيد المِحراب( قده)، وهذه هي أخلاقه الفاضله، ولا عجب إذا عفا عن هذا الرجل، فمن قبل عفا جده أمير المؤمنين عليه السلام عن ألد أعدائه، فآبائه وأجداده على هذه السيرة الحسنة، وكيف لا ؟! والقرآن يخبر عن جده الأعظم صلواته تعالى عليه وعلى آله:(وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ).