18 ديسمبر، 2024 3:43 م

شهيد المحراب والخط السوي

شهيد المحراب والخط السوي

” نحن نرفض الهيمنة الخارجية, على مقدرات العراق وثرواته, وفقدان السيادة الوطنية” السيد شهيد المِحراب.

قاد السيد محمد باقر الحكيم, نضالاً مريراً ضد الدكتاتورية, لضحت تلك العائلة المجاهدة, أكثر من ستين شهيد, ما بين عالم وأستاذ وطفل وسيدة, من قبل الحكومة البعثية, التي اتصفت أنها حكومة, جمعت كل إجرام الطغاة عبر التأريخ.

هاجر السيد شهيد المحراب, إلى جمهورية إيران الإسلامية, ليمارس الجهاد المسلح فأسس, المجلس الأعلى الإسلامي للثورة في العراق, بتأريخ 17/ تشرين الثاني/ 1982, وجناحها العسكري منظمة بدر, ليبدأ حقبة جديدة من مناهضة الحكم الصدامي, أملا منه بالتخلص من الطاغوت, الذي جثم على صدور العراقيين.

بعد وقف إطلاق النار, إيذاناً بنهاية الحرب, التي شنها صدام على الجارة إيران, إنتبه طاغية العراق لما فَعله الأعراب, فقد كانت تكاليف الحرب المدعومة, من دول الخليج والأردن, حيث كان ذلك الدعم ديوناً, تقصم جمهورية العراق, ليُعِدَ لحرب جديدة, بدل أن يبني العراق, ويحسن علاقاته بدول الجوار, فدخل الكويت بعملية احتلالٍ, كان نتيجتها تحالفٌ دولي, تقوده أمريكا لتحرير الكويت.

دخل العراق بمرحلة جديدة, فقد وضع تحت البند السابع, لتبدأ معاناة الشعب العراقي, ليلجأ آلافٌ من المواطنين, الى شتى الدول, بعد قمع الإنتفاضة الشعبانية عام 1991, التي كان للمجلس الأعلى الإسلامي, بزعامة السيد محمد باقر الحكيم الأثر الكبير؛ بإسقاط المحافظات الجنوبية, وصولاً الى بابل وقضاء الحي, التابع لمحافظة واسط, وقد نتج عن حرب الطاغية, على الكويت وما تبعها, من حرب التحالف الدولي( عاصفة الصحراء), تدمير الجيش العراقي ومكنته المسلحة, من الدروع وقواعد الصواريخ والآليات, إضافة لما أزهق من أرواح القوات المسلحة.

بعد كل ما جرى للعراق, الذي لم يتعظ حاكمه, من سياسته الخاطئة, وتعنته بعد الإلتزام بالعهود والمواثيق الدولية, فقد شُنت عليه حربُ جديدة, عام 2003 في شهر آذار, أدت لسقوط نظام البعث, في الرابع من نيسان من نفس العام, ليدخل العراق بمرحلة الإحتلال, من قبل جيوش التحالف, تحت قيادة الجيش الأمريكي.

عاد السيد محمد باقر الحكيم, بعد ثلاثة وعشرين عاماً من الهجرة, ليبدأ تلك الرحلة من الجمهورية الإسلامية الإيرانية, ليدخل حدود العراق من البصرة الفيحاء, مرورا بالناصرية والسماوة والديوانية, ليستقر في مدينة جده أمير المؤمنين, عليه وآله الصلاة والسلام, محافظة النجف الأشرف.

كان الشعب العراقي متلهفاً, لقائد المعارضة العراقية وعودته, فاستقبلته الحشود من مدخل العراق, باستقبالٍ منقطع النظير, لم يُستقبل أي زعيم للمعارضة بمثله, وكان قدس سره الشريف, دائم اللقاء بعشائر العراق, أثناء رحلة عودته, التي دامت لخمسة أيام, ليكون أول من صلى الجمعة, بالصحن العلوي الشريف.

رسم السيد شهيد المحراب, أثناء خطبه المتتالة, أسس بناء الدولة العراقية الجديدة, بعد أن كان يكرر, احترامه واتباعه للمرجعية العليا, وحبه للشعب العراقي الصابر, وتهنئته بالخلاص من أكبر حاكم ظالم, جثم على قلوب العراقيين, لثلاثة عقود ونصف العقد, وكان يردد كجده الحسين, عليه وآله الصلاة والسلام” هيهات منا الذلة.

كان شهيد المحراب رضوان ربي عليه, يؤكد على اختيار الشعب العراقي من يحكمه, من قبل جمعية وطنية منتخبه, كما كان من أطروحاته, التأكيد على وحدة العراق, وكتابة دستور عراقي, إضافة لبناء علاقات متوازنة, بين العراق ودول المنطقة, مبنية على احترام المصالح المشتركة.

لم تدم فرحة العراقيين طويلاً, ليأتي الأول من رجب 1424هـ, ليهدم أمل العراق, فما أن انتهت صلاة الجمعة لذلك اليوم, وعلى بعد عدة أمتارٍ, من بوابة الصحن العلوي, دوى انفجارٌ مزق جسد الحكيم الطاهر, ليسود العراق منذ ذلك الحين, حُكمٌ غير مستقر, تشوبه تشوهات عديدة.

لم يسلم ذلك الخط الشريف, من كيد الكائدين, فلازال محارباً بابن أخيه وصهره, السيد عمار الحكيم, حفظه الباري, لثباته على النهج الذي أسسه عمه الشهيد.

فسلامٌ على شهيد المحراب الخالد, يوم ولد ويوم استشهد ويوم يُبعثُ حياً.