19 ديسمبر، 2024 9:24 ص

شهيد المحراب.. زرع فكره في أعماقنا مشروعاً

شهيد المحراب.. زرع فكره في أعماقنا مشروعاً

الإنسان؛ وما يحويه من مميزات تقنية، تفوق كل المخلوقات، تتفاوت هذه الميزات من خلال قدرته العقلية، التي تدير مكنون هذا الإنسان، وما يترتب عليها، من نتائج فكرية عميقة، توظف لخدمة المجتمع والإنسانية.
بدأ نبوغه العلمي، وهو في مقتبل عمره، وهذا ما توقعه أساتذته الكبار، تتلمذه على يدهم، وتلقى تعليمه الحوزوي على يد أساطين المذهب، وأستنار بنورهم وعرفانيتهم الجليلة، أوقدّت في قلبه نار الثورة، ضد الظلم والاستبداد، على خطى أستاذه السيد محمد باقر الصدر(قدس)، لم تكن حركته تنفرد بالجانب الجهادي فقط، بل تخطاها إلى جوانب فكرية وعقائدية، إيماناً بمشروعه الإنساني والإسلامي، الذي يضمن حق الجميع، في العيش بسلام.
لم يسلم من السجن، والمطاردة من قبل أزلام البعث، كما هو الحال مع طلبة العلوم الدينية، في عهد النظام الدكتاتوري الصدامي المجرم، أنطلق إلى الجمهورية الإسلامية في إيران، ليؤسس مشروعه السياسي الجديد، منطلق من رؤية المرجعية الدينية العليا، في بناء المجتمع وتحصينه عقائديا وسياسيا، بعد ظهور عدة حركات عقائدية وسياسية منحرفة، أستقطبت كثير من الشباب، وأثرت فيهم سلبا، وحرفتهم عن طريق الحق، بأكاذيب ونظريات بعيداً عن الواقع الإسلامي الصحيح.
تبنّى رؤيا سياسية، ناضجة الفكر وذات بعد عقائدي، منبثقة من أروقة المرجعية الدينية، لبناء مجتمع محصن عقائديا، وناضج فكريا، ومتطور علميا، يسهم في بناء دولة إنسانية عادلة، تحترم الفكر المعتدل، وقادرة على إنتاج إنسان ديناميكي حر، لا ينخدع بأوهام المتأسلمين، وأفكارهم الضالة، وكان مشروعه
(قدس) ذا نضرة مستقبلية واقعية مبنية على عمق الرؤية ومتانة الفكرة، قوة البصيرة التي أمتلكها، فكر شهيد المحراب (طاب ثراه) أدهش العقول، وفاقة التصورات.
لكل مرحلة رجالها، وكان سيد الحكيم(قدس) حقا رجل الرؤيا والمستقبل، وسبق تفكيره عدة أجيال، أتضحت رؤيته العميقة، من خلال الخطط التي رسمها في بناء الدولة، ورسم سياسات وطن يشمل الجميع، وتأكيده في أول كلمة ألقاها على مسامعنا، حيث أكد على التمسك بالمرجعية، وإتباع نهجها الأبوي، وأشار إلى “أن من أول الأولويات لدينا، هي وحدة كلمتنا، فمراجعنا متحدون، ونحن في خدمة مراجعنا” حيث وضع نقطة الانطلاق إلى النجاح، هو السير على طريق الذي ترسمه مرجعيتنا الرشيدة، وما لها من بعد أنساني وفكري واسع النطاق.
كان وما زال ينبض فكره فينا، مشروعا كبيراً، بكبر جراحاتنا، رحل شهيداً- تناثرت أشلاءه على أعتاب، ضريح جده أمير المؤمنين (عليه السلام) -وبقى الأمل ينمو فينا، يوما بعد يوم، قرب وقت الحصاد، وها هي ثماره تتدلى من عبق أغصان شجرته الطيبة، تنذر بوقت الحصاد، فطوبى لمن تبنى فكر شهيد، وطوبى لمن عمل بإخلاص، وما نار فقده إلا شعلة نصر، تضيء طريق الأفق، ورجال آبية، تفني عمرها لغايات سامية، وحدتنا، مرجعيتنا، عراقٌ واحد.

أحدث المقالات

أحدث المقالات