{إستذكارا لدماء الشهداء التي ستظل تنزف الى يوم القيامة، من أجساد طرية في اللحود، تفخر بها أرواح خالدة في جنات النعيم، أنشر موسوعة “دماء لن تجف” في حلقات متتابعة، تؤرخ لسيرة مجموعة الابطال الذين واجهوا الطاغية المقبور صدام حسين، ونالوا في معتقلاته، خير الحسنيين.. الشهادة بين يدي الله، على أمل ضمها بين دفتي كتاب، في قابل الايام.. إن شاء الله}
إقترن مطلع رجب، من كل عام، بذكرى الحادث الاجرامي الفظيع، الذي إهتزت له أركان الهدى، بطويه صفحة من سجل العلم والمعرفة؛ حيث إستشهد آية الله محمد باقر الحكيم، بعد أدائه الصلاة، جوار مرقد جده الامام علي.. عليه السلام، فكان ثاني شهيدا في محراب الصلاة، بعده، وإلتقى الرسول محمد.. صلى الله عليه وآله، عند حوض “الكوثر” في العام ذاته؛ كأنما وجد لأداء تلك المهمة والتواري عقبها، عائدا الى رحاب جنة النعيم.. طاب مثواه.
إمتدت يد الغدر الصدامية اليه؛ لانه البطل الذي عاش محاربا جسورا ضد الطاغية المقبور صدام حسين، قاتله بالعلم والعمل الجدي، ريثما أسهم بفاعلية واضحة ومتميزة، في 9 نيسان 2003، مقدما إنموذجا أمثل للإسلام المنقذ للشعوب، وليس إسلام “داعش” الارهابي.
محمد باقر (8 تموز 1939 – 29 آب 2003) نجل آية الله العظمى.. المجتهد.. إمام الحوزة العلمية في النجف محسن الحكيم الطباطبائي.. المرجع الديني لشيعة العالم قاطبة.
وهو مؤسس المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق والتي تعد من قوى المعارضة، التي عملت ضد نظام الطاغية، حتى أسقطته.
علميته
درّس في الحوزة، منذ العام 1964، شاملا بعطائه كلية أصول الدين في بغداد، مادة علوم القرآن، وفي جامعة الامام الصادق لقسم الماجستير في علوم القرآن / طهران، وفي جامعة المذاهب الإسلامية لعلم الأصول.
كما اشترك مع محمد باقر الصدر في مراجعة كتابيه “فلسفتنا” و”اقتصادنا” فوصفه بـ “العضد المفدى”.
أولى الدراسة الحوزوية في ايران، اهتماماً يتناسب مع حجم انشغالاته السياسية، وساهم في المؤتمرات الفكرية والندوات واللقاءات العلمية والثقافية.. تناولت بحوثه: التفسير والفقه والتاريخ والاقتصاد والسياسة والاجتماع والفكر الإسلامي.
مذاهب
حتى عودته إلى العراق، كان يرأس المجلس الأعلى لمجمع التقريب بين المذاهب الإسلامية، وعضو هيئة أمناء جماعة المذاهب الإسلامية، كما كان يحتل موقع نائب رئيس المجلس الأعلى للمجمع العالمي لاهل البيت “ع” وعضو مؤسس لجامعة أهل البيت “ع”، وصدرت له كتب في مجالات مختلفة على الصعيد العلمي والسياسي وعدد كبير من الأبحاث والكراسات.
نشاطه السياسي
إهتم مبكراً بأحوال المسلمين وأوضاعهم، ولذلك فكان من أوائل المؤسسين للحركة الإسلامية في العراق، وقد كرَّسَ جهده ووقته في مرجعية والده الإمام الحكيم فكان يقوم بالنشاطات الاجتماعية ويزور المدن ويلتقي بالجماهير ويمارس دوره في التبليغ والتوعية، وتحمل مسؤولية البعثة الدينية لوالده الإمام الحكيم إلى الحج ولمدة تسع سنوات حيث كان قد اسس هذه البعثة لاول مرة في تاريخ المرجعية الدينية.
مثّلَ والده في نشاطات دينية ورسمية، وأثناء تصاعد المواجهة بين الإمام الحكيم ونظام البعث الجائر، الذي أخلى الساحة من أغلب المتصدين بسبب السجن والمطاردة لازم شهيد المحراب أباه، مديرا لأعماله، حتى إنتقال المرجع الأعلى إلى جوار ربّه الكريم في 27 ربيع الآخر سنة 1390 هـ.
هجر العراق، خلال تموز بعد إعدام آية الله السيد محمد باقر الصدر يوم 9 نيسان 1980، اي قبل أشهر من اندلاع الحرب التي شنها المقبور صدام على جمهورية ايران الاسلامية.
صعد العمل المعارض ضد النظام، بخطوات اسفرت عن زعامة المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق بعدما كان قد اسس من قبل الإمام الخميني والذي انيط زعامته للسيد محمود الهاشمي. الا بعد قدوم السيد محمد باقر الحكيم وتكريما لال الحكيم عزيت زعامة المجلس الأعلى للسيد محمد باقر الحكيم. انتخب رئيساً للمجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق منذ عام 1986 إلى إستشهاده.
خيريات
عني بإنشاء المؤسسات الخيرية.. “الشهيد الصدر” و”المركز الوثائقي لحقوق الإنسان” و”دار الحكمة” و”مركز دراسات تاريخ العراق الحديث” وسوها من تشكيلات إنتشرت عالميا، مشجّعاً انصاره على تأسيس لجان الاغاثة الإنسانية للشيعه المتضررين من نظام الحكم، والتي قدمت خدمات جليلة للمعوزين والمستضعفين وعوائل الشهداء والمعتقلين.
سلام
عاد إلى العراق في 10/5/2003 باستقبال حاشد في البصرة.. مدخله إلى العراق، ومن ثم في المدن والبلدات التي مرّ بها في طريقه إلى النجف الاشرف، مستقرا فيها.
وبعد اسابيع قليلة اقام صلاة الجمعة في صحن أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب، مواظبا على امامته لها، ومحرضا على مقاومة سلمية للاحتلال وليست مسلحة لأنه كان يرى ان الشعب منهك من ظلم صدام ولذا يجب استخدام طرق أخرى واذا لم تأت بنتيجة سيكون هناك كلام اخر وأوكل، أثناء وجوده في العراق، لأخيه عبد العزيز الحكيم مهمة النشاط السياسي المباشر وتمثيل المجلس الأعلى في مجلس الحكم العراقي المؤقت.وقد قال في صحيفة العدالة التابعة للمجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق. “منهج القوة لا يعتمد إلا بعد استنفاد كافة الأساليب السلمية والكلمة الطيبة والحوار والمنطق وهو ما لم يستنفد بعد.. وعلينا بذل الجهود المشروعة ذات الطابع السلمي لإنهاء الاحتلال”.
اغتياله
في يوم الجمعة الأول من رجب 1424 هـ اغتيل بأنفجار سيارة مفخخة وضعت قرب سيارته بعد خروجه من الصحن الحيدري بعد أداء صلاة الجمعة.. موديا بحياة المئات من المصلين وزوار الامام علي.. فسلام عليه يوم ولد ويوم أدى صلاته الأخيرة وفاضت روحه الى رحاب بارئها ويوم بعث حيا.