مابرح الفكر يتأمل بما يدور من حوله ومازال القلم يقطر أحرفه على صفحات لن يغفلها التأريخ ولن يمزقها النسيان فالأرض لا تزال تواقة لحمرة الدماء ولم ترتوي حتى اللحظة ما دامت نفوس أغلب البشر لم ترتقي لمنازل الإنسانية وتحوم بين ظهرانية البهيمية المتصارعة على متاع لا يدوم لها وإن سفكت من أجله كل دماء الأحياء . كل أرض في العراق لها تأريخ ولكل شهيد فيها له حكاية لا تتصورها المخيلات ولا تستوعبها الأفكار ولا تدونها الروايات فأعداد الشهداء كثيرة وكثيرة جدآ منذ زمن ليس بالقريب ومازالت سجلات الشهداء تسطر ملاحمها في كل يوم وبطبيعة الحال ستكون قصصهم بعدد ارواحهم التي صعدت الى عليين وإزدحمت بهم بوابات السماء لتبقى رسومهم شاهدآ على أنوار حياتهم في الدنيا ومقابرهم شاخصآ لرحيلهم طواعية متقلدين وسام البطولة في مواجهة الظلم والظالمين والأعداء والمعتدين ، راودتني هذه الكلمات بصمت اللقاء مع والد المهندس الشاب الشهيد البطل السيد (عزيز هاشم ) الذي إلتحق بفرقة العباس ع القتالية ملبيآ نداء المرجعية الرشيدة في الذود عن حياض الوطن والدفاع عن الأرض والمقدسات مطلقآ الدنيا وزخارفها وبهرجتها وإغواءات شياطينها وليكون في مقدمة ركب المقاتلين لتحرير قرية البشير من دنس الدواعش الإنجاس وهوى صريعآ شهيدآ مضرجآ بدماءه العزيزة وبقي جثمانه في أرض المعركة حيث المواجهات على أشدها ومرت الأيام ولم يعرف مصير جثمانه الى حد الآن وبالتأكيد هناك جثامين لشهداء آخرين معه تم إخلائها من أرض المعركة وسلمت جثامينهم الى أهلهم وهناك جثامين بقيت في ساحات الوغى لإستمرارية القتال والعمليات العسكرية ولم تصل الى ذويهم ليواروهم الثرى وتهدأ نفوسهم على شهدائهم بتشييعهم وأيضآ ليجعلون لهم شاخصآ معلومآ يتوافدون لزيارة قبورهم بين الحين والآخر . والد الشهيد السعيد كان جبلآ شامخآ للرضا بقضاء الله سبحانه وحصنآ للإيمان بما قدر له الله عز وجل وينبوعآ للصبر وتلقي التعازي برحيل ولده ولسانه كان لهجآ بالشكر لله تبارك وتعالى ، فجأة حطم جدار الصمت في لقائي معه مردفآ القول (( لدي إخوة إثنين كانوا ضحية للنظام القمعي السابق وأعدموا ولم نستلم جثامينهم مما جعلني أبني لهم قبرين وهميين في النجف الأشرف أزورهما كلما حططت الرحال لأتشرف بزيارة المولى أمير المؤمنين علي (ع) ، فقط لدي سؤال هل أستلم جثمان ولدي عزيز لأواريه الثرى كبقية عوائل الشهداء الذين تزف لهم جثامين أولادهم ويحملون على أكتاف أهلهم وأحبتهم وأصدقائهم ليشيعونهم الى مثواهم الأخير أم سأقوم ببناء قبر وهمي ثالث بأسم ولدي الشهيد السيد عزيز قرب أعمامه …… !! ؟ ))