23 ديسمبر، 2024 6:48 م

 فلقد رموهم في أتون إرهاب وسوء إدارة .فعمَّ العراق القتل والتفجير.والشعب مذعور يستجير بمن ينقذه.بعد أن فقد الأمل بسلطة يستجير بها. و تأكد إنه كمن يستجير من الرمضاء بالنار. فعجزُ السلطة عن توفير الأمن واضح ومؤكد.ولكن لا شجاعة عند من بيده القرار ليتأسف للشعب ويعتذر. ويعترف بالفشل ويعيد الكُرَةَ للشعب ليتخذ القرار.
لقد إرتكبت أمريكا أخطاء فادحة في العراق أهمها حل الجيش والقوات الأمنية .مما أدى الى إنزلاق العراق للفوضى ووقوع شعبه في مستنقع الأرهاب.وتفجيرات الثلاثا ء السابق خير دليل على إنهيار الأمن في البلاد.وكانت شهادة وفاة للعملية السياسية والديموقراطية العرجاء في العراق.ودليل إنهيار الدولة العراقية المؤسساتية المدنية الحديثة.
لم يكن لدى أميركا أي تصور صحيح لما سيجري في العراق بعد التغيير. وكيف ممكن أن يُبنى العراق الديموقراطي ؟ولم تكن لها خططات أوبرامج لما بعد التغيير. ولا علم لها  ولا فكرة عمَّن سيبنيه .هل ستبنيه الشلة السياسية التي أمامه في المشهد؟ وهل هذه الزمر تمثل الشعب العراقي؟ وهل هيَّ مؤهلة لهذا؟فكانت تجربة مريرة قاسية للشعب ,حيث رُميَّ في يمٍّ من الأرهاب والفساد وسوء الأدارة .فتولى شأن البلد أُناس لا خبرة لهم ولا كفاءة ولا تجربة,بل العكس. فهمُّهم الأستحواذ على المناصب لخدمة أغراضهم و مطامعهم الشخصية أو الطائفية أو العرقية.ولم يتورع بعضهم من الولوغ في دماء الأبرياء, عندما تورط بعض الساسيين بأعمال إرهابية أو بفسادٍ مالي كبير.
إستغل هؤلاء الساسة غضب العراقيين من ممارسات النظام السابق القمعية للفكر وحملةِ الرأي المضاد.و النكسات التي مرت بها البلاد جراء خوض حروب لا ناقة للشعب فيها ولا جمل.و التضحيات الجسام التي قدمها الشعب ثمناً لرعونة سياسات العهد السابق. وما لحق بالمجتمع من ضنك عيشٍ جراء الحصار وقرارات مجلس الأمن الجائرة, التي تضرر منها العراقيون     لا النظام .فسعى البعض للشحن الطائفي وإذكاء نار الفتنة .ومع تأكيد الحكومة ومن يأتلف معها على مشروع المصالحة الوطنية, إلا إنها لم تفلح بهذا. فكانت مجرد مسألة إعلامية لم تتحقق على أرض الواقع. فالمفترض بمن يسعى للمصالحة أن يَعرِف أولا ويحدد مع مَنْ يتصالح.وأن تُعَرَّفُ المصالحة. وأسباب العداء وبين مَنْ تتم؟.فهل كان هناك عداء بين طوائف الشعب حتى تتصالح؟وهل كان مثل هذا بين قومياته؟كلا لم يكن هناك عداء ولا نزاع ولا صراع بين عرب وأكراد. ولم تكن هناك حرب طائفية بين سنة وشيعة.فلم يتقاتل أهل العمارة مع أبناء الأنبار, ولا أهل السليمانية مع أهل البصرة.ولم تكن أية كراهية أو بغض بين أي مكون عراقي وآخر.بل كان هناك تسلط من شخص واحد على الشعب كله .لم يَعرفْ العرب بسنتهم وشيعتهم حقداً أو عداءً لأخوتهم الكرد.ولم يعرف السنة والشيعة عداءً بينهم . بل كان النظام هو من يحاول زرع هذه الفتنة ويوحي بها.
فمع مَنْ تكون المصالحة وكيف؟لكي يستقر العراق يجب أن نعرف هذا. لأنه على شفا حفرة من نارالأنفجار؟ بعد أن إكتسح الأرهاب العراق من أقصاه لأدناه.فلم يسلم مكان من القتل والدمار.والدولة لا حول لها ولا قوة.
السياسة هي فن إحتواء الخصم أو تحييده. فمن هو الخصم, ولماذا الخصومة؟ ومَنْ يمكننا تحييده.
علينا أن نقولها بصراحة دون حياء, لا صراع بين السنة والشيعة كشعب. ولكن السياسيين هم من يخلق هذا, ويدفع له. وهم المتصارعون. وهم من يدفع للفتنة ويزرع الأحقاد.أما الشعب فيرفض هذا.فلا نزاع بين سنة وشيعة ولا بين عرب وأكراد, بل بين ساسة فقدوا الوطنية. يعزفون على أوتار مشروخة صاخبة الأصوات مستنكرة, فمصلحة العراقيين عرباً وأكراداً وقومياتٍ أخرى, سنة وشيعة, وديانات أخرى,تكمن في قيام عراق موحد بحكومة لا مركزية قوية واضحة السلطات, ودستور تنفصل فيه الدولة عن الدين.بعد تعديله, وتعديل قانون الأنتخابات ليضمن التمثيل الشرعي لكل الشعب.فحينذاك سيستقر العراق ويتحقق الأمن فيه,وتدور عجلة النماء.
هناك جهات وشخصيات وجماعات من داخل القطر وأخرى إقليمية ودولية لا تريد مصالحة حقيقية بين النظام الجديد الذي أؤسس كبداية للحكم الديموقراطي التعددي وبين من يعادي هذا النظام. وعلينا تفويت الفرصة والتصرف بوطنية وحكمة وإجراءالمصالحة الحقيقية بعد تشخيص الطرف الذي لا يريد إستمرار العملية السياسية ونجاحها, ومن ثمَّ التصالح مع يمكن التصالح معه لتحجيم كم ونوع المعارضين, والرافضين للتحول  الديموقراطي.وتحديد طريقة وإسلوب مكافحتهم كإرهاب.إن إستمروا بحمل السلاح والعنف ولم يرتضوا بالمعارضة السلمية التي يكفلها الدستور والأحتكام لصناديق الأقتراع .بعد أن نعدَّ لهم الأجهزة الأمنية المهنية الكفوءة الوطنية الأنتماء الغير مسيسة, المدعومة بإستخبارات وطنية عالية المهنية ولاؤها للوطن لا للطائفة أو القومية. فمن غير المعقول ترك الأمور كما هيَّ. والناس تقتل كل يوم.نحن بحاجة لتجديد جوهري في العملية السياسية على أسس وطنية غير طائفية أوعرقية بعيدة عن المحاصصة.
فمتى نستقر وكيف؟ سؤال للشعب كله.
[email protected]