رحلة بدأت منذ طفولته؛ كان مميز في إخلافه الحميدة, وصفات السامية, أنيس لأصدقاه, قريب من الجميع, ما جعله محبوب بين أهله, وأبناء جيله, طامحاً في نيل المعالي, ساعياً للوصول الى الدرجات الرفيعة, عندما بلغ الكبر؛ أخذ تفكيره يكبر, فأختار الحق, وركب جادته, وسار فيها, رغم المخاطر, حتى نال درجة الشهادة.
ذلك هو صديق العزيز, والأخ الغالي, الشهيد السعيد حسين عجمي البركي؛ عاصرناه منذ طفولته؛ ترعرعنا سوية في الحياة شاقة صعبة, فكان نعم الخليل الواعي, والشاب المهذب, ولد في محافظة السماوة, ناحية السوير, بين ظهراني عشيرته “الكواشي”, عام 1975, الأبن السادس لأبيه, فأنشى يحمل النباهة والإقدام, تزوج من بنت عمه, فرزق منها خمسة أطفال, أكبر أبناءه “علي” ذو أثنى عشر عاماً.
منذ مقتبل عمره, كان متمسك بمبادئ أهل البيت “ع”, واثقاً بمنهج المرجعية الدينية, رغم مصاعب الحياة, وضيق مصادر العيش, بالتسعينات من القرن الماضي, لم تؤثر على تربيته, ونمو مداركه العقلية, أجبرته الحياة المعيشية على السفر الى الاردن, عندما أصبحت الهجرة جماعية, طلباً للرزق, وهرباً من بطش النظام السابق بالعراق, حتى التغيير عام 2003, عاد ليبدأ حياته من جديد في وطنه.
بعدما فتحت وزارة الداخلية, أبوابها كان من أوائل المنتسبين لها, طيلت ثمان سنوات, لكن ما حدث بعد سقوط الموصل صيف عام 2014, لم تقيده التعليمات الوظيفية, كان سباقاً في تلبية نداء المرجعية الدينية, التحق بقاطع حزام بغداد, تحديداً في معارك تحرير الضابطية والشيخ عامر, مع سرايا عاشوراء, فترك بصمة يعتز فيها كل من عرفه عن قرب, لاسيما مجاهدي فوج المثنى.
عندما حاصرت زمرة من الارهابيين مقر المجاهدين, الذين كان معهم في أحد الليالي, وأحرقوا الطريق السالك بينهم وبين مقر الفوج, كان الشهيد حسين؛ صاحب البطولة, والموقف الجريء, بفك الطريق لزملائه, وإخراج من كان بمعيته, بدون أن يصاب احداً منهم, وعندما حاول الارهابيين إيقافه, بعدما خدعوه بكلمة السر, تمكن من التخلص منهم بأعجوبة, وهناك مواقف مشرفة كثيرة, خلال مشاركاته بمعارك التحرير.
شارك في معارك تحرير بيجي, والصينية وجزيرة الخالدية والصقلاوية, واخيراً في معارك تحرير الموصل, ضمن قاطع لواء العصائب بمنطقة تل عبطة, كان قائد لمجموعة من المجاهدين, لتحرير القرى المتاخمة لتلعفر, وأثناء إداء الواجب المقدس, تصادمت مجموعته مع إفراد من الزمر الارهابية, وبعد تحرير العديد من المنازل, وقتل الارهابيين وهروب أخرين, وخلال تلك العملية, أصيب بإطلاقة أستشهد على أثرها, مضرجاً بدمائه.
ليرحل بعد عمر أفناه بالكفاح من أجل مواجهة مصاعب الحياة, وجهاد مدافعاً فيه عن العقيدة والوطن, تلبية لنداء الإمام السيستاني؛ هكذا كان من تربى على الولاء لدينه ومذهبه, محامياً عن أرضه وعرضه, كبير في تفكيره, واسع في مخيلته, طالباً للشهادة, فدون أسمه بسجل شهداء العراق, بكل فخراً واعتزاز شهيد الفتوى.