18 ديسمبر، 2024 9:05 م

شهادة تذكرنا بالآخرة

شهادة تذكرنا بالآخرة

الصراع يحتاج الى موقف، والموقف يحتاج الى رؤية، وخطة، ورجال، ثلاثة أشياء كانت مهيئة لتغزل خيوط الشمس، وتنسج لنا يوماً للمحراب، فأمام هؤلاء الرجال مسؤولية جسيمة ومهمة عظيمة، والإستعداد لتنفيذها يتطلب قرباناً، يؤمن بأن مواجهة الطاغية لا يكمن في كثرة العدد والعدة، بل وجود عمائم عظيمة تلبي إمتحان الباريء عز وجل، إما النصر أو الشهادة، وقد نال الشهيد محمد باقر الحكيم (قدس سره) هذين الحسنيين، ثأراً لكرامة العراق والعراقيين، فالشهادة فعل خفي لايناله إلا المخلصون.

لو كان الإمام الحسن (عليه السلام) يفضل خيار الإستسلام حاشاه ذلك، لكان قد قال: خذوا الشام ونحن نبايع، ويلقي حبلها على غاربها، وكل واحد يذهب لبيته، وسيعطى الإمام من الوجاهة والإمتيازات، ولعاش في راحة، لكن هل هذه هي حياته ورسالته؟ لا وألف لا، لقد عمل السيد محمد باقر الحكيم، على جمع الأمة المسلوبة الحقوق، ولم يتخلَ عنها أو يخذلها، بل حمل همومها والصراع كان بين معسكر الحق والباطل، فإنتفض أصحاب الرؤية، والخطة، والرجال ليتكامل المشروع.

لقد قدم شهداء العراق تضحيات كبيرة، دفاعاً عن الأرض، والعرض، والمقدسات، وكلٌّ قالها على طريقته، تارة في غياهب السجون والطوامير، وتارة أخرى  في عظام المقابر الجماعية، ومرة المواجهة المباشرة مع الطاغية، لذلك خافوهم لأن نجاح المشروع الإسلامي، يُمكنهُ من قيادة العالم وتحقيق السلام العالمي، وهذا لا يرضي قوى الشر والظلام، ولهذا أرعبت القيادة المحنكة للسيد محمد باقر الحكيم (قدس)الجبناء والشياطين، فإغتالوه في جمعة الأول من رجب، فتمنيت الشهادة قطعة قطعة، فلله دركَ يا شهيد المحراب!

مصادرة حرية الشعب العراقي وطنياً، وفكرياً، ودينياً، والتضييق على المشروع الإصلاحي، الذي جاء شهيد المحراب من أجل تنفيذه بعد عام 2003 ،كان من أبرز الأسباب التي دعت العصابات الإجرامية، للإقدام على إغتياله لما يمثله من ضمانة للعراق والمنطقة، وثقله المرجعي، والوطني، والعربي، والإقليمي، وحتى الدولي، فرضوانه تعالى عليه لم يطلب يوماً مساعدة من الخارج لمواجهة الطاغية، فجرأته وشجاعته نادرة، حيث أعلنت الفئة القليلة المؤمنة إنتصارها، على الفئة الكثيرة الضالة، وما النصر إلا من عند الله.

محراب الإمام علي (عليه السلام) كان رمزاً لإستشهاد يعسوب الدين، علي بن أبي طالب، فيذكرنا بعظم الفوز الأخروي الذي إستحقه أبو الحسنين، عندما أقدموا على شج رأسه الشريف، كذلك هو الحال لشهيدنا أبي صادق (قدس)، فلقد شاءت الأقدار الربانية، أن يكون مكان إستشهاده محراب علي(عليه السلام)، إنها شهادة ملكوتية تذكرنا بالآخرة، فالشهيد الحكيم (قدس سره)، يرى الصراع لأجل الدين والعقيدة، بحاجة لوقود طاهر يصنع الإنجازات، فكانت دماء شهيد المحراب وأنصاره، ذلك الوقود المقدس وأولئك المقربون!