10 أبريل، 2024 5:53 ص
Search
Close this search box.

شهادة الحياة : الاهانة السنوية للمتقاعد

Facebook
Twitter
LinkedIn

شارفت السنة على نهايتها و حان موعد اعداد و تقديم شهادة الحياة للمتقاعدين امثالي. انا اعيش مع ابنتي و زوجها خارج العراق وانا رجل كبير و مسن على ان اسافر كل سنة الى العاصمة و اتكبد العناء و المشقة و المصاريف حيث يترك زوجي ابنتي عمله ومصالحه كي يرافقني في هذه الرحلة المريرة للحصول على حقي و راتبي التقاعدي. سفر طويل و شاق لرجل مسن ،المبيت في فندق لمدة يومين، ثم الرجوع الى البيت. معاناة و مرارة و انتظار لساعات طويلة امام باب السفارة لحين انجاز المعاملة. هذه معاناتي -و معاناة امثالي من المتقاعدين كل سنة- كي اثبت اني مازالت على قيد الحياة : معاملة سخفية غير قانونية و لا شرعية. الهدف منها جمع معلومات عن الجالية العراقية خارج العراق. هذا هو اصل و تاريخ هذه الشهادة السخيفة التي ابتدعها صدام المقبور لجمع المعلومات عن المعارضة في وقتها.
سؤالي لماذا تبقي الحكومة العراقية الحالية على هذه المعاملة السخيفة؟ القانون المدني العراقي النافذ ينص على ان الأصل في الانسان الحياة بمعنى ان الانسان حي يرزق الى ان يثبت العكس. و في حالة وفاة المتقاعد فان القسام الشرعي الذي يتم عن طريق المحكمة يمنح الراتب التقاعدي الاولاده وورثته. فلماذا يتم اذلال المسنيين ممن خذموا العراق افضل خدمة للحصول على حقهم؟ ألا يكفي معاناة الشيخوخة و الاحساس المرير بكون المتقاعد عالة على الاخرين والله لا انسى ابدا منظر العراقيين و هم يتزاحمون كل عام امام ابواب السفارة يشخذون شهادة الحياة في حين متقاعدي باقي الدول العربية معززين مكرمين في بيوتهم ينعمون بالدفء وراحة البال و يصلهم راتبهم التقاعدي بكل يسير و سهولة.
و لا ينتهي الامر عند استكمال شهادة الحياة بل لابد من تكبد عناء ارسالها بالبريد للعراق و دفع مبلغ يزيد على مائة دولار لضمان وصولها. هذا مع صعوبة الارسال فكل شركات البريد تمتنع عن قبول ارسال الرسائل الى العراق. ثم الانتظار لما يزيد على اربعة اشهر دون راتب لحين تصديقها من الخارجية و ارسالها للتقاعد! كيف يعيش المتقاعد دون راتب خلال هذه الفترة؟ يشحذ؟ ماذا عن ادويتي ؟ ماذا عن حاجتي اليومية؟ يشهد الله ان ابنتي و زوجها لا يكلون و لا يملون و لكن ألم يوجد الراتب التقاعدي لهذا الغرض؟ و الله انظر الى اصدقائي المتقاعدين من دول اخرى و هو يستلمون راتبهم كل شهر معززين مكرمين ! بل ان احدهم سخر مني عندما سمعني اتكلم عن شهادة الحياة و معاناتها!
لماذا كل هذا التعقيد؟كنا نفهم ايام صدام انه يريد جمع المعلومات و الآن ما هي الحجة؟ هل المتقاعد مجرم يجب عليه اثبات براءته ام هو شخص خدم العراق و الراتب التقاعدي حقه المكتسب نظير هذه الخدمة ؟ و بل يستحق التكريم و العناية و هو في ارذل العمر!
أطالب من المجلس القضائي الاعلى النظر في دستورية هذا الاجراء فالاصل في الانسان الحياة و الاصل في الذمة البراءة مبادئ ثابتة يقررها اي قانون و اولها القانون المدني النافذ و قانون الاثبات النافذ
كما اطالب من دائرة التقاعد الغاء هذا الاجراء المهين و العمل تسهيل حصول المتقاعد على حقه و ليس العكس.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب