18 ديسمبر، 2024 5:20 م

شهادة الحكيمين و مطبات السياسة

شهادة الحكيمين و مطبات السياسة

“نريد حكومة عراقية وطنية قوية, يديرها أبناء الشعب العراقي” الزعيم الأول للمعارضة العراقية, السيد محمد باقر الحكيم/ شهيد المحراب./

منذ هجرته من العراق, صوب الجمهورية الإسلامية في إيران, كان السيد محمد باقر الحكيم, يدعو ويؤهل أتباعه ويخطط, لبناء الدولة العراقية عن طريق, تشكيل حكومة عراقية صرفه, لأحقية الشعب بحكم نفسه, بعيداً عن التخندقات الإقليمية والدولية.

السيد محمد باقر الحكيم, لم يكن طارئاً على الحوزة العلمية, فهو ابن السيد محسن الحكيم, زعيم الحوزة العلمية الدينية, والتي مقرها النجف الأشرف, تلك الأسرة جُلها من العلماء المجاهدين, ضد الإحتلال البريطاني, وضد الطغاة الذين عاصروهم, وحكموا العراق بالحديد والنار, وقد رحل منهم رعيل ناهز 63 شهيداً؛ إبان حكم حزب البعث المجرم.

مما يتصف به شهيد المحراب, وهي الصفة التي رافقت, السيد محمد باقر الحكيم منذ استشهاده, في النجف الأشرف بُعَيدَ صلاة الجمعة, يوم 29/ 8/2003 بعد أربع أشهر وعشرون يوماً, من سقوط صنم الطاغية صدام, الموافق 1/رجب/ 1424هـ , كان يوماً أفجع العراقيين, فقد كانت الجريمة, لا تستهدف شخص شهيد المحراب, بل إنها استهدافٌ للمقاومة العراقية, ومشروع بناء الدولة العراقية الحديثة, التي كان ينتظرها الشعب العراقي, كما خطط لها السيد محمد باقر الحكيم قدس سره.

عاد السيد الحكيم لأرض الوطن العراق, بعد ثلاث وعشرون سنة, قضاها في أرض المهجر إيران, بموكب مهيب من خلال منذ الشلامجة, ليدخل البصرة فالناصرية والسماوة والديوانية, ليستقر به المقام, في النجف الأشرف, استغرقت رحلة العودة, خمسة أيامٍ متوالية, سادها استقبال منقطع النظير, وما بين قرى تلك المحافظات ومدنها, كان هتاف الترحيب ” وين الحاربك وينه—صدام النذل وينه” يتردد في كل تجمع, يخطب فيه بالعراقيين.

عاصر السيد محمد باقر الحكيم قدس سره, ثلاثة من كبار المراجع العظام, وهُم والده الإمام محسن الحكيم, الذي نال ثقته واعتماده عليه, في الكثير من الأمور, السياسية والاجتماعية والمالية, والشهيد محمد باقر الصدر, الذي وصفه بالعضد المُفدى, وغير ذلك من الصفات, التي تنولها برسالته إليه, والعالم الثالث هو السيد الخميني (رض), الذي وصفه “بالإبن الشجاع للإسلام” لمواقفه الجهادية, وصبره واستقامته تجاه النوائب والمصائب التي مر بها.

رحل شهيد المحراب مضرجاً بدم الشهادة, ليحمل الراية من بعده, أخوه السيد عبد العزيز الحكيم, الذي حافظ على وحدة العراق, وتابعاً مخلصا للمرجعية العليا, وساعياً لبناء دولة العراق الحديث, والمحافظة على الثوابت الوطنية, التي ذهبت من أجلها صابراً محتسباً, مع كثيرٍ من الشهداء, من عائلته والشهداء, الذين رافقوه في طريق الجهاد.

رحل عزيز العراق لجوار ربه, حسب التأريخ الميلادي, بنفس الشهر الذي استشهد فيه, أخيه السيد شهيد المحراب, عام 2009م بعد مَرضٍ عضال ألم به؛ لتكون الوصية لولدهِ السيد عمار, بزعامة المجلس الأعلى, من أجل تكملة المشوار, وتحقيق أمل العراقيين في العيش الكريم, فكان الأمين على الوصية, رغم التشويه والحرب السياسية, من الفاسدين والمنافقين.

رافقت تلك الفترة من الزمن, أزماتٌ ومطبات سياسية, حالت دون تحقيق المشروع ألحكيمي, فقد توالت الحكومات واحد تلو الأخرى, ولم يحصد العراقيون, سوى قلة الخدمات وحالة من اليأس, واستشراء الفساد وكثرة المتشبثين بالمناصب, من أجل الإستثراء لا الخدمة.

” نريد أن يكون شعبنا, شعباً واحدا متماسكاً, بكل قومياته وطوائفه ومذاهبه, يتمحور حول الإسلام” السيد عبد العزيز الحكيم عليه الرحمة والرضوان.

فمتى يتحقق المشروع المنشود, بعد كل النكبات والتَشَرذُمِ الذي عم العراق؛ التي لولا المرجعية, لما كانت رقعة إسمها العراق.