22 ديسمبر، 2024 8:32 م

شهادة الامام الجواد …عنفوان الشباب وقوة الايمان

شهادة الامام الجواد …عنفوان الشباب وقوة الايمان

نحن امة ابتليت بحكام جهلاء لا يعرفون قدر العلم والعلماء ، امة فضلت ان تتبع الحاكم وتعيش في تقاليد موروثة بالية لا ننتفع بها ولا تقدمنا مترا الى الامام ، فضّلت الخضوع الى حكام حمقى على ان تعيش في حضارة الدين والاسلام وفي نور العلماء من آل محمد الاتقياء بدءً من التسلط الاموي ، العباسي ، العثماني الى الانظمة التسلطية الحاكمة في الوقت الراهن، فاخفقت في الدفاع عن علمائها ، ذخرها الوفير وحصنها الحصين فبقيت مكشوفة للقاصي والداني ، حدودها وثروتها مباحة وارواح ودماء الناس مهدورة فطمع فيهم السلجوقي والمغولي والعثماني الى ان شحذ العدو السيف في رقابنا فصار مصير الامة بيد البلهاء ، والنساء ، والمخانيث ، فكانت مذقة الشارب ونهزة الطامع وقبسة العجلان وموطئ الاقدام فوصلت الى ما وصلت اليه من مستوى يبكي عليه الشريف دما ويتمزق قلب الحكيم الحليم الما ، كل ذلك بسبب الابتعاد عن الدين واهله ، والادلاء عليه ، واقطاب الارض ، ائمة الهدى وسفينة النجاة من ال محمد وبسبب جور السلطة الظالمة من اجل البقاء على الكرسي المشؤم، فبدل ان تقدمهم السلطة وتستفيد من علمهم في توعية الامة وتهذيبها ، وتثقيفها ، وتعليمها ، وتنويرها ، وتطويرها ابعدتهم واوقعت فيهم القتل المريع والموت الذريع .

عاش امامنا الجواد في هذه الظروف الحرجة ، والوضع المرتبك ، فاستدعاه المعتصم العباسي الى بغداد ليكون تحت السيطرة ولتضييق الدائرة عليه ولينفذوا ضده المؤامرة الخبيثة التي حيكت من قبل المثلث المشؤم المعتصم ، وجعفر ابن المامون ، وام الفضل بنت المامون زوجة الامام .

لقد فضح هذا الامام الشاب انحراف السلطة ونفاقها بعد ان رصدت له كل ما من شانه ان ينقص وزنه الاجتماعي وسمعته بين الناس فبقي ، صلدا قوي الايمان والبطولة في تحدي السياسة المنحرفة ، فخرج فائزا بالايمان وخرجوا خاسرين بالذل خرج بدليل آخر على امامته وخرجوا بدليل على جهلهم عندما دفعت الدولة علمائها المنحرفين لاحراجه بأسئلتهم التي ظنوا بانه سيقف عاجزا امامها لكنه اجابهم اجابة الانبياء

والاوصياء فجعلهم جذاذا حيارى سكارى لم يملكوا الا الرضا بها والاقرار بالهزيمة امامها ، واظهر محدودية علمهم ، وضآلة تفكيرهم امام بحر علمه الخضم ، فاثبت امامته وعصمته ، فكانوا كالطلاب امام استاذهم فحملوا عليه الحقد الدفين واوغر صدورهم عداوة ولؤماً .

لقد نذر هؤلاء العباد الصالحون ارواحهم في الدفاع عن الاسلام في كل ادوار حياتهم كبارا وصغارا وشبابا ، فها هو الامام الجواد يحارب ويتصدى في ميدان العلم لاسئلتهم وهو ابن التاسعة ويسقط شهيدا في ساحة الدفاع عن العقيدة مغدورا بالسم وهو ابن الثالثة والعشرين قال الامام الرضا { إنا اهل بيت يتوارث اصاغرنا اكابرنا القذة بالقذة } .

لقد جُسِدت حياة الائمة الاطهار في معركة الطف الفجيعة حيث شارك اولاد الرسالة في الدفاع عنها في كافة ادوار حياتهم حتى الطفل الرضيع سقط شهيدا بين يدي ربه ، هم للشيعة كالروح للجسد لولا دمائهم وتضحياتهم لما عرفنا الحقيقة ولالتبست علينا الامور ولعشنا في ظلمات الجهل ، انتم الاسلام الصحيح والعين التي نرى بها الدين ولا نراه بعيون الاخرين ، دمائكم دليل على انحراف الحاكم الجائر وعلى صدقكم و شيعتكم ، اعدائكم اقزام امام علمكم وتقواكم ولم يتمكنوا ان يكونوا اندادا لكم في المناظرة والدليل فسقطوا امامكم ولم يجدوا بدا من قتلكم وهو سلاح العاجز الفارغ الذي لم يقارع الحجة بالحجة والدليل بالدليل فلم يجدوا الا السيف حلا للعجز امام عظمتكم وهذا هو ديدن المنهزمين ، ففازوا بدنيا ذليلة وفزتم بآخرة خالدة ولعمري لقد مثل هؤلاء الاخلاص باعلى قيمه ومستوياته .

انتم للانسانية منهج وطريق تعلمونها الحياة الكريمة والاستقرار والسلام والحياة المحفوفة بالدين والاخلاق والقيم . فما اقدسكم واقدس حلمكم وعلمكم وحكمتكم . سلام على رضاكم بقضاء الله وقدره وسعيكم اليه بكامل الاطمئنان والقبول ، سلام على تلك النفوس الكبيرة والارواح الطاهرة المطهرة ، قال الامام الرضا عليه السلام بشان ولده : { يقتل غصبا فيبكي له وعليه اهل السماء ويغضب الله تعالى على عدوه وظالمه ، فلا يلبث الا يسيرا حتى يعجل الله به الى عذابه الاليم وعقابه الشديد}.

وجاء دور المؤامرة الخبيثة ، ودست ام الفضل له السم في العنب بدفع من المعتصم واخيها جعفر الذي استغل غيرة اخته من السيدة والدة

الامام الهادي وسولت لها نفسها قتل الامام وعندها بكت فدعى عليها الامام {بفقر لا ينجبر وبلاء لا ينستر} فضُربت بناسور في جسدها صرفت عليه كل اموالها وطلبت الاسترفاد فلم تبرأ فماتت بسببه واما جعفر فوقع ومات في البئر سكرانا وهكذا انتهت حياة هؤلاء الاشرار هذه النهاية السوداء ولم تنتهي حياة هذا الامام وبقي خالدا تهفو اليه القلوب زائرة ضريحه الشريف تحت قبة تناطح السماء . انتم فخر الانسانية على مدى التاريخ ، وزينة السماوات والارض ، سلام على نفوسكم الابية الراضية المرضية ، وعلى جودك وكرمك .