وحدث العاقل بما يعقل::: و به يمكن القول ان الانتخابات الديمقراطية في هذه الارضية و بهذه التركيبة و الاجواء و بهذه العقلية لا يمكن ان تاتي بنتيجة في محلها و انما يمكن ان تجسد ما يمكن ان نسميها اضداد الديمقراطية وهي اخطر من الدكتاورية التي كان هذا البلد يعانيها منذ مدة و لامد طويلة.
اذن, فان كانت الانتخابات مظهرية و شكلها غير معلوم المعالم اصلا , فنتائجها غير مضمونة من حيث هدف و جوهرما يقصده المفهوم و ما يفرز منه. اي فان ممارسة العمل الديمقراطي لا يمكن ان تبدا بانتخابات في مثل هذه الظروف الموضوعية و الذاتية للشعوب التي تؤلف المجتمع العراقي المعلومة التركيب.
باختصار، انها اي الديمقراطية هنا في هذا البلد دون غيره, وسيلة جميلة و مرضية جدا لتجسيد الواقع الموجود و المعروف فيه, بانه منقسم عرقيا و مذهبيا الى حد يمكن ان تؤدي الى الخراب اكثر منه الى تنفيذ ارادة الشعوب نفسها
تترقّب الأوساط السياسية والشعبية في العراق صدور النتائج الأولية للانتخابات البرلمانية، التي جرت أمس الأحد، بمشاركة متباينة من قبل المواطنين بين محافظة وأخرى. وأشارت تسريبات أولية إلى أن بعض القرى والنواحي القريبة من المدن شهدت إقبالاً أكبر من سكان بعض مراكز المدن، في إشارة إلى وجود استقطاب عشائري وقبلي واضح في هذه الانتخابات في مدن ومحافظات كثيرة. وتنتظر معظم القوى والأحزاب الدينية الرئيسية النتائج، وسط خشية من تراجع مواقعها برلمانياً في هذه الانتخابات، عقب الاحتجاجات الشعبية التي عمت البلاد في الربع الأخير من عام 2019، واستمرت لأكثر من 14 شهراً، إضافة إلى اعتماد قانون انتخابي جديد قائم على معايير جديدة مغايرة للقوانين السابقة التي جرت على أساسها الانتخابات السابقة. وبموجب هذه الانتخابات سيفوز الأكثر حصولاً على الأصوات فيها، بغضّ النظر عن إجمالي الأصوات التي يجمعها الحزب أو الكتلة، كما كان سابقاً ضمن معادلة رياضية معقدة تعرف بـ”سانت ليغو”، التي خدمت الأحزاب والكتل الكبيرة على خلاف غيرها من كتل ومرشحين مستقلين.
وبعد انتصاف نهار أمس الأحد، سارعت عدة قوى سياسية بإعلان حصولها على نتائج متفوقة على منافسيها الآخرين في نفس الدوائر الانتخابية، بينما دخلت بعض مراكز البحوث واستطلاع الرأي والمنظمات غير الحكومية، المشاركة في المراقبة، على خط الماكينة الدعائية لقوى وكيانات سياسية متنفذة، مستبقة إعلان النتائج الأولية، المتوقع صدورها مساء اليوم الإثنين، بحسب تصريحات سابقة لمفوضية الانتخابات، والتي قالت إن النتائج الأولية ستعلن بعد 24 ساعة على إغلاق صناديق الاقتراع.
سجلت مفوضية الانتخابات مخالفات انتخابية كبيرة
وباستثناء القوى العلمانية والمدنية الصغيرة التي قررت المشاركة في الانتخابات مثل حركة “نازل آخذ حقي”، و”امتداد”، و”مد”، و”وعي”، مخالفة توجهات حلفائها المقاطعين، مثل الحزب الشيوعي العراقي، و”البيت الوطني” وحركة “عمل” و”حقوق”، وحركة “تشرين”، سجلت مفوضية الانتخابات مخالفات انتخابية كبيرة. وهي مخالفات تورطت بها كتل وأحزاب مختلفة نافذة، تضمنت عمليات ترويج داخل المراكز الانتخابية وتوزيع بطاقات شحن هواتف وتزوير بطاقات مراقبين محليين وافتعال مشاكل مع أفراد الأمن، واقتحام مرشحين عدداً من مراكز الاقتراع مع مسلحين يتبعون لهم.
وكانت أبرز التجاوزات من الأجنحة السياسية التابعة لفصائل مسلحة تشارك في هذه الانتخابات، وشهدت ديالى وبغداد ونينوى وبابل وصلاح الدين أعلى معدل في تلك المخالفات، حسبما كشف مسؤولون في المفوضية ومراقبون محليون لـ”العربي الجديد”.
كما شهدت عملية الاقتراع العديد من المشاكل الفنية والإدارية، مرتبطة بصعوبة تعرّف أجهزة التصويت على بصمات المقترعين أو عدم ظهور بياناتهم، خصوصاً كبار السن والنساء، فضلاً عن تأخر افتتاح عدد من المراكز وانقطاع التيار الكهربائي والإنترنت. وهو ما تسبب في توقف التصويت فترات عدة خلال النهار، إضافة إلى صعوبة وصول المواطنين في عدد من المدن في شمال العراق وغربه إلى مراكز الاقتراع، بسبب التشديدات الأمنية المتخذة حولها من قبل قوات الجيش العراقي، تحسباً لوقوع اعتداءات مسلّحة، عقب نشر بقايا تنظيم “داعش” تهديدات مختلفة عبر منصات تابعة له في تطبيق “تلغرام”، بشأن الانتخابات وتكفير من يشارك بها.
واعتقلت قوات الأمن العراقية عدداً من ممثلي الكيانات السياسية والمرشحين المتنافسين خلال عمليات الاقتراع، قالت إنهم حاولوا التأثير على الناخبين خلال عملية التصويت.
وخلافاً للتوقعات لم تفرض القوات العراقية، ضمن خطتها لتأمين العملية الانتخابية، حظراً على التجول، إلا أنها اتخذت إجراءات أمنية مشددة، شملت إغلاق المطارات والمنافذ البرية، ومنع التنقل بين المحافظات.
واعتبرت المتحدثة باسم مفوضية الانتخابات جمانة غلاي، في حديث مع “العربي الجديد”، أنه “من الممكن القول إن انتخابات 2021 كانت ناجحة، على الرغم من حصول بعض المشاكل الفنية في عمل أجهزة التصويت في بعض المحافظات، لكن المفوضية تمكنت من حلّ هذا الإشكال بوجود نحو 100 فني متعاقد مع المفوضية”. وأوضحت أن “القوات الأمنية واصلت عملها من أجل منع أي تجاوزات أو تأثيرات على إرادة الناخبين تقوم بها بعض الجهات السياسية والحزبية”
أن “الساعات الخمس الأولى لم تشهد أي خروقات في مراكز الاقتراع وسط مدينة بغداد، لكن على أطراف العاصمة وقعت أكثر من مشكلة بين قوات الأمن وممثلي كيانات سياسية، سعوا إلى الترويج عند مداخل المراكز الانتخابية، على الرغم من أن ذلك ممنوع، وتحديداً في مدينة الصدر والغزالية والعامرية والشعلة والكاظمية”. وقال أحدهما إن “مراكز الاقتراع داخل مدينة بغداد لم تشهد إقبالاً واسعاً، على عكس المناطق الأبعد عن المركز”. أما الثاني فقد أشار إلى أن “العملية الانتخابية تسير بانسيابية، لولا تعطل بعض أجهزة التصويت، وهي أعطال فنية اعتيادية”.
وإن “خروقات عدة حصلت في يوم الاقتراع العام، منها التجاوزات الحزبية التي مارستها الكيانات السياسية على مستوى استخدام مواقع التواصل الاجتماعي للترويج والدعاية للمرشحين، على الرغم من الصمت الانتخابي الذي يُفرض على الأحزاب حتى آخر ساعة من الانتخابات، إضافة إلى استخدام بعض المرشحين فرقاً من الشبّان للترويج لهم عند مداخل بعض مراكز الاقتراع”. ولفت في حديثٍ مع “العربي الجديد”، إلى أن “أحد المراكز سجل مشاجرة عشائرية في محافظة البصرة بالقرب من مركز اقتراع، بسبب التدخلات في الحديث مع المواطنين عن انتخاب أحد المرشحين دون آخر، فيما لم تتدخل قوات الأمن لحل الشجار”.
و أن “الإقبال على الانتخابات في المحافظات الجنوبية كان أكثر من محافظات الوسط والغرب، ومعظم الوافدين على مراكز الاقتراع حتى منتصف نهار الأحد، هم من جماهير الأحزاب، كما ظهر عليهم، إذ أتوا وانتخبوا ثم عادوا إلى منازلهم. لكن في النصف الثاني من عمر النهار، ظهر المواطنون غير المتحزبين وتوجهوا إلى مراكز الاقتراع”. وبشأن نسب التصويت في الانتخابات، بيَّن الموسوي أن “من الصعب التوصل إلى نسبة واضحة، لكن يبدو أن الانتخابات الحالية تشهد قبولاً أكثر من الانتخابات السابقة في عام 2018، ونتوقع أن المشاركين فيها سيصلون إلى 40 في المائة من عامة الذين يحق لهم التصويت”.
أن “الانتخابات الحالية تعتبر أهم حدث عقب انتفاضة أكتوبر/تشرين الأول 2019، والمشاركة فيها هي فعل احتجاجي لاستمرار المطالبة بالإصلاح وتحقيقه عبر سلسلة من الحوارات والإجراءات السياسية، لذلك فهي تعتبر أيضاً أهم انتخابات بعد الاحتلال الأميركي”. وأن “مراكز الاقتراع في عموم مراكز المدن شهدت إقبالاً خفيفاً على التصويت، عكس أطراف المدن ومناطق الأرياف، لأن سكان مراكز المدن عادة ما يقصدون مراكز الاقتراع بعد الظهر. لكن بطبيعة الحال تبدو المشاركة الحالية أوسع من الانتخابات السابقة، على الرغم من تسجيل خروقات، ومنها عدم التزام المراقبين المحليين الذين وظفتهم الكيانات السياسية مقاعدهم داخل غرف التصويت، بل تجولوا فيها من أجل التأثير على إرادة الناخبين ومحاولة إقناعهم باختيار مرشحين على حساب مرشحين آخرين”. وأكد أنه “قدّم شكوى لمفوضية الانتخابات عن هذا الأمر”.
تتشكل البرلمانات أو المؤسسات التشريعية في الأنظمة الديمقراطية عادة من حزبين أو أكثر، يعبر عنها بممثلين يمثلون جميع شرائح المجتمع في هذه الهيئات، بعد أن تقدم الأحزاب للهيئة الناخبة مرشحين صالحين لتولي المهام النيابية، لتؤدي هذه الأحزاب مهامها الأساسية في تحقيق التنمية والتقدم، وحماية مصالح الأفراد والمجتمع الاقتصادية وأهدافه الاستراتيجية والسياسية والأمنية وبنيانه الاجتماعي وهويته الثقافية والحضارية.
ومن خلال ما تقدم فإن الأحزاب كمؤسسات اجتماعية-سياسية لا غنى عنها فهي التي توفر للنظم الديمقراطية التنسيق الفعال بين الحاكم والمحكومين، إذ تقوم بذلك على أنها تنظيمات اجتماعية-سياسية -دستورية مهمتها تلبية حاجات الأفراد وحل مشكلاتهم، فهي تعمل على تحويل الأخيرة إلى برامج عمل واضحة وخطة محددة لأجل إيصال مطالبهم إلى صناع القرار ليأخذوا بها ويسعوا لتنفيذها.
تشكل الحكومة من الحزب الفائز في النظام الحزبي الثنائي، أو من ائتلاف حزبي في النظم الحزبية المتعددة إذ يصعب على حزب واحد أن يحوز على أغلبية من أصوات الهيئة الناخبة تمكنه من تشكيل حكومة بمفرده، بينها تذهب الأحزاب الأخرى غير المشتركة في الحكومة إلى المعارضة، لتمارس دورها في توجيه ونقد الحكومة وكشف أخطائها وتحديد مسؤولياتها، بمعنى أن أحزاب المعارضة تراقب الحكومة وتنتقدها وتستعد للحلول محلها، وتقدم معلومات هامة للمواطنين عن نشاط الحكومة يتعذر عليهم الوصول إليها بوسائلهم الشخصية، وعليه فإن دور المعارضة لا مكان له إلا في ظل أنظمة ديمقراطية حقيقية، أي ثمة تلازم وثيق بين الحكم النيابي الديمقراطي وبين التعددية الحزبية، بما تعنيه من ممارسة سلطة ومعارضة.
بعد هذه المقدمة العامة عن النظم الديمقراطية وأهمية الأحزاب السياسية فيها، سواء أكان في مشاركتها في الحكومة أو في حصولها على مقاعد تمكنها من قيادة المعارضة في البرلمان، تمارس دورها وتسعى لتحقيق أهدافها في الوصول إلى السلطة وتنفيذ برامجها، ننتقل إلى الوضع العراقي، إذ تأسست الدولة العراقية في العام 1921 كدولة ملكية، بعد انتهت حقبة الدولة العثمانية باحتلال بريطانيا للعراق ودخول الجنرال مود بغداد في العام 1917.
كما دخل العراق كأول دولة عربية تنال استقلالها من بريطانيا في العام 1932 عضواً في عصبة الأمم.
شهد العراق نظاماً ملكياً برلمانياً-نيابياً تعددياُ في إطاره العام، وحتى سقوط الملكية في انقلاب 1958 الذي تحول إلى ثورة لاحقاً بفعل تأييد شعبي كبير، بدأت التعددية الحزبية تشهد تراجعاً ملحوظاً انتهت بوصول حزب البعث إلى السلطة، خاصة في عهد صدام، وتشكيل دولة الحزب المسيطر أو المهيمن إذ تواجد معه بعض الأحزاب العراقية الأخرى منها الحزبين الكرديين.
وبعد احتلال العراق من قبل الولايات المتحدة وحلفائها في العام 2003، شرعت دولة الاحتلال في زعمها لتشكيل نظام ديمقراطي تعددي، ودولة دستورية، فكتب قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية الذي حكم من خلاله الحاكم المدني بول بريمر البلاد، الذي ترأس سلطة الائتلاف المؤقتة، ومن ثم تم كتابة دستور جمهورية العراق في عام 2005 والنافذ في العام 2006، بعد الموافقة عليه في الاستفتاء الشعبي العام، ونشره في الوقائع العراقية وتشكيل الحكومة بموجبه. وبالرغم من إن المادة الأولى من هذا الدستور تنص على أن نظام الحكم جمهوري نيابي ديمقراطي، إلاّ أن التطبيق العملي على أرض الواقع جاء بديمقراطية توافقية، عززت من المحاصصة السياسية تعدت مبدأ التوافق والمشاركة.
إن من طبيعة الديمقراطية التوافقية أن تكون هناك تعددية حزبية مفرطة في اغلب الأحيان، وهذه تفرز حكومات ضعيفة وغير مستقرة سياسياً، وتشهد مخاضات عسيرة ومساومات كثيرة لتشكيلها، وهذا ما شهده العراق في جميع حكوماته السابقة، وما قد يأتي أيضاً في المستقبل وفق طبيعة هذا النظام.
ولم يوفق هذا النظام السياسي التوافقي من أداء فاعل يحقق طموح وآمال الشعب، وأسهمت الأحزاب والكتل السياسية فيه وعرقلت أي نجاح يصبو إليه، فكانت الأخيرة جميعها تشترك في الحكومة ولم يذهب أي منها لتشكيل معارضة لتراقب وتنتقد وتقوم أداء الحكومة، مما أدى إلى اشتراكها بسوء الإدارة والفساد، وعدم تقديم أي منجز حقيقي يلتمسه المواطن، إنما عزز هذا الأداء، الضعف في كفاءة النظام السياسي وقدراته، وزاد من عجزه في مواجهة المشكلات وحل الأزمات التنموية والأمنية، حتى انتهت في العام 2014 أن تحتل مجاميع ما يسمى بتنظيم الدولة الإسلامية (داعش) لعدة محافظات عراقية، بما قدر بثلث مساحة العراق تقريباً، مما استلزم التضحية بموارد بشرية ومادية باهظة لاستعادتها.
وحتى بعد هذا التاريخ استمرت هذه الأحزاب بذات النهج، ولم تغير زعاماتها من سياساتها، أو تقوم بمراجعة شاملة لتقييم وتقويم مسارها، ومعالجة نقاط الخلل والفشل، ووضع خطط وبرامج علمية وفعلية فاعلة، تخدم في بناء الدولة وخدمة المواطن، أدى بالنتيجة الى حالة من التذمر والقنوط الشعبي الواسع، من أي عملية إصلاحية أو تصحيحية.
يعيش المجتمع العراقي عموماً، مرحلة انقسام عمودي حاد، فالغالبية العظمى تميل نحو العزوف عن المشاركة في انتخابات العاشر من تشرين الأول، كرد فعل على ما تقدم من أسباب، وثمة شريحة أخرى منه تتجه نحو المشاركة، بدافع انتماء حزبي أو مصلحي، ومنها نتيجة لدعوات من بعض المؤسسات الدينية المؤثرة أو بعض المؤسسات الأكاديمية، أملاً منها في إحداث شيء من التغيير.
وبالفعل حصل هذا الأمر ما أدى الى توقع في زيادة نسب المشاركة في هذه الانتخابات. لاسيما بعد بيان مكتب سماحة المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني (دام ظلّه) الصادر بتاريخ 29/9/2021، الذي أكد على: (إن المرجعية الدينية العليا تشجّع الجميع على المشاركة الواعية والمسؤولة في الانتخابات القادمة، فإنها وإن كانت لا تخلو من بعض النواقص، ولكنها تبقى هي الطريق الأسلم للعبور بالبلد الى مستقبل يرجى أن يكون أفضل مما مضى، وبها يتفادى خطر الوقوع في مهاوي الفوضى والانسداد السياسي. وعلى الناخبين الكرام أن يأخذوا العِبَر والدروس من التجارب الماضية ويعوا قيمة أصواتهم ودورها المهم في رسم مستقبل البلد، فيستغلوا هذه الفرصة المهمة لإحداث تغيير حقيقي في إدارة الدولة وإبعاد الأيادي الفاسدة وغير الكفوءة عن مفاصلها الرئيسة، وهو أمر ممكن إن تكاتف الواعون وشاركوا في التصويت بصورة فاعلة وأحسنوا الاختيار، وبخلاف ذلك فسوف تتكرر إخفاقات المجالس النيابية السابقة والحكومات المنبثقة عنها، ولات حين مندم).
إن التغيير والإصلاح هو أمل وحلم كل فرد عراقي يتطلع لبناء دولته، وليعيش بكرامة وأمن وسلام، لكن السؤال الذي يثيره كثير من دعاة المقاطعة الانتخابية، كيف يكون ذلك (التغيير)، في ظل ذات الأحزاب وزعاماتها، وقلة حظوظ المستقلين بالفوز، أو إذا ما فاز بعضهم، فإن عددهم سيكون قليل وتأثيرهم أقل منه، كما أنه ليس بينهم اتفاق مسبق على برنامج عمل أو لعدم اتحاد رؤاهم الأيديولوجية أو منطلقاتهم الفكرية أو الثقافية، مع وجود أحزاب وكتل لديها من مقومات القوة العددية والمادية والإعلامية الشيء الكثير؟
ومهما يطرح من أسئلة أو حث من هنا وهناك، فإن الإجابة عليها أو الاستجابة لها ستكون من مؤشرات المهمة التي تحدد نسب المشاركة وفاعليتها، ومدى ما تعطي ما يلزم من مشروعية قانونية وشرعية سياسية حقيقية لنظام يعيش حالة من التصلب وعدم القدرة على المرونة والتكيف للاستجابة لحاجات ومتطلبات بيئته الداخلية والخارجية على السواء من الناحيتين الأمنية والتنموية.
سجلت الانتخابات التشريعية للدورة البرلمانية الخامسة في العراق، أدنى نسبة مشاركة منذ عام 2005.
وأعلنت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات العراقية، الإثنين، أن نسبة المشاركة الأولية في الاقتراع العام والخاص (الجمعة، الأحد) بلغت 41 بالمائة.
وبلغت نسبة المشاركة في الانتخابات 59 بالمائة عام 2005، وعام 2010 وصلت 62.4 بالمائة، فيما بلغت 60 بالمائة في انتخابات عام 2014، بينما في انتخابات عام 2018 بلغت 44.52 بالمائة.
وبهذا الصدد، قال أحمد الياسري الخبير في شؤون الانتخابات العراقية، للأناضول، إن “تدني نسبة المشاركة في الانتخابات الحالية، مؤشر على معاقبة الشعب للطبقة السياسية، من خلال عدم الذهاب إلى صناديق الاقتراع، وهو دليل على الرفض الشعبي للنظام السياسي”.
وأوضح الياسري أن “تدني المشاركة في الانتخابات متوقع بسبب الوضع الاقتصادي وحالة الاحتجاجات المناهضة للطبقة السياسية”.
وأغلقت السلطات العراقية صناديق الاقتراع الخاصة بالانتخابات البرلمانية المبكرة مساء، الأحد، الساعة 18: 00 بالتوقيت المحلي (15: 00 ت.غ).
وتشير أرقام المفوضية إلى وجود 24.9 مليون ناخب من أصل نحو 40 مليون نسمة.
وتنافس 3249 مرشحا، يمثلون 21 تحالفا و109 أحزاب، إلى جانب مستقلين، للفوز بـ 329 مقعدا في البرلمان.
وجرت الانتخابات بمشاركة 1249 مراقبا دوليا وأجنبيا على الأقل، إضافة إلى آلاف المراقبين المحليين، وفق المفوضية.
وجاءت الانتخابات قبل عام من موعدها المقرر بعد احتجاجات واسعة غير مسبوقة شهدها العراق، بدءا من مطلع أكتوبر/تشرين الأول 2019، واستمرت لأكثر من سنة، وأطاحت بالحكومة السابقة، بقيادة عادل عبد المهدي، أواخر 2019.
وندد المحتجون بالطبقة السياسية المتنفذة المتهمة بالفساد والتبعية للخارج، وطالبوا بإجراء إصلاحات سياسية، بدءا من إلغاء نظام المحاصصة القائم على توزيع المناصب بين المكونات الرئيسية، وهي الشيعة والسُنة والأكراد.
ويرجح مراقبون أن نتائج الانتخابات لن تحدث تغييرا كبيرا في الخارطة السياسية القائمة في البلاد.
لا نغالي اذا ما قلنا ان ظاهر الحال لا يبشر بخير او بامكانية تغيير الوجوه المتسلطة، وان النتيجة الاكثر توقعا هي استمرار نفس الكتل والاحزاب في التواجد في البرلمان، ربما ببعض الوجوه الجديدة التابعة لتلك الكتل، وبالتاكيد بنفس الرغبة الطاغية في نهب المال العام ونفس نمط الفساد الذي انتهجوه لاكثر من ثمانية عشر عاما. هناك احتمال بسيط جدا جدا في ان تتغير بعض النتائج، اذا ما حدثت هبة شعبية كبرى مفاجئة تحدت السلاح المنفلت وجماعات الضغط المتمثلة بالفصائل المسلحة وادلت باصواتها بحرية. فقط اذا ما حدث ذلك، ربما تنجح بعض الوجوه الجديدة في الوصول الى البرلمان، ويبقى السوال الاهم هو هل ستكون هذه الوجوه افضل من سابقتها ام ان نظام الفساد سيحتويها ويدخلها ضمن مؤسسته؟ وتصبح عند ذلك المقولة الساخرة (سئمنا الوجوه الفاسدة القديمة ونريد وجوها فاسدة جديدة) حقيقة واقعة.
اذا ما صح التوقع ان العملية ستكون مكررة فان النتائج ستاتي متقاربة هذه المرة ايضا، ولا يوجد ما يشير الى امكانية حصول كتلة على الاغلبية، وبالتاكيد ان هذه الحالة ستُضعِف الحكومة المركزية القادمة اكثر مما هي ضعيفة الان. وسيستغرق امر اختيار رئيس وزراء جديد وتشكيل حكومة جديدة اكثر مما استغرقته العملية في المرات السابقة (خمسة اشهر في انتخابات 2005 وحوالي ثمانية اشهر في انتخابات 2010 وثلاثة اشهر تقريبا في انتخابات 2014 وسته اشهر في انتخابات 2018).
الشيء او العامل الجديد الذي ظهر هو ان النفوذ الخارجي الذي كانت تتقاسمه الولايات المتحدة مع ايران في التدخل في الشؤون العراقية، قد ظهر من يحاول ان ينافسه بقوة. فلقد قرر الرئيس التركي رجب اردوغان ان يتخلى عن دعمه الصامت السابق، ويجاهر علنا بدوره في التاثير في الشأن العراقي، حيث حرص على التوفيق بين شخصين يمثلان مكونا معينا، الامر الذي اذا ما نجح، ممزوجا بالتاثير المادي الكبير الذي يتمتعان به، فانه سيجعل من تكتلهما ذا تاثير اكبر في البرلمان القادم. هذا النفوذ يحظى ايضا بدعم عدد من دول الخليج بدعوى موازنة النفوذ الايراني عن طريق دعم اطراف لمواجهة تلك التي تدعمها ايران.
ولو من الامور التي تثير السخرية ان الشخصين الذين حاول الرئيس التركي ان يوفق بينهما، يمدان خطوط وصل مع الجانب الايراني، على الرغم مما يصرحون به بين اتباعهما.
اما التكتل المقابل الذي يعول من يقودونه على اصوات ابناء المحافظات الجنوبية لامتلاك الاغلبية فيبدو ان الانشقاقات والمنافسات والتناحرات في داخله قد تضاعفت واضعفته، وان سبيله الوحيد سيبقى هو المليشيات المسلحة للتاثير على التصويت، والدعم الايراني الكبير لاغلب اطرافه. ولكن هذا التكتل، كما حدث في السابق، سيكون للدافع الطائفي اثر في توحيده ولو لفترة قصيرة عند تحديد الكتلة الاكبر التي يحق لها تسمية رئيس الوزراء المقبل.
من ناحية اخرى كل المؤشرات تقول ان النفوذ الامريكي قد ازداد ضعفا بين الاطراف العربية المشاركة في العملية السياسية. ويبقى هذا النفوذ، ومعه النفوذ الغربي والاسرائيلي اكثر تاثيرا على الاحزاب والكتل الكردية، وهذه الاحزاب والكتل هي التي ستكون مرة اخرى الطرف المعادل والمؤثر فيما ستتمخض عنه الانتخابات. طبعا الطرف الكردي يعاني هو الاخر من تصدع في تحالفاته، والذي ظهر مبكرا في الجدال حول اختيار رئيس جديد للجمهورية. فالحزب الديمقراطي الكردستاني يصر هذه المرة على ان يكون رئيس الجمهورية منه، وهذا يعني كسرا للاتفاق الذي حصل بين المرحوم جلال طالباني والسيد مسعود البرزاني والذي كان مفاده ان يكون رئيس الجمهورية من حزب الاول ورئيس الاقليم من حزب الثاني. الان يظهر ان السيد البرزاني يريد ان يكسر هذه المعادلة وذلك بالاستحواذ على المنصبين، رئاسة الاقليم ورئاسة الجمهورية وجعلهما للعائلة البرزانية. وهذا الامر يرضي من ناحية اخرى طموحات السيد مسرور بان يصبح هو رئيس الاقليم، اذا ما نجحت خطة اختيار السيد نيجرفان رئيسا للجمهورية. كما سيُمَكن هذا الحل السيد مسعود من تعيين احد ابناءه الاخرين، ربما السيد منصور، لكي يكون رئيس وزراء الاقليم. وهذا الامر اذا ما حصل سيثبت تحكم العائلة بالدولة العراقية وبالاقليم. وهو حال سيجعل كل حكومة قادمة مجبرة على ان تحسب حساب ذلك في تصرفاتها وفي القرارات التي ستتخذها.
في الخلاصة النهائية فان المشهد القادم سيتميز بالتشتت، واذا ما نفذت بعض الكتل تهديداتها التي تقول بان عدم فوزها بالاغلبية يعني ان الانتخابات قد تم تزويرها، واذا ما علمنا ان هذه الكتل جميعا تمتلك فصائل مسلحة تأتمر بامرها، فيمكننا ان نتصور نوع لغة (الحوار) القادمة، بل وحتى اثناء عملية الانتخابات، بين الكتل المتنافسة.
الادعاء بان هناك 1800 مراقب دولي لمتابعة الانتخابات لن يغير من واقع الحال شيئا، ومثلما صادق واعترف المجتمع الدولي، دولا ومنظمات، على نتائج الانتخابات السابقة التي كانت درجة التزوير فيها اكثر من واضحة ومفضوحة، فان هذا المجتمع، الذي فقد الاهتمام اساسا بالعراق، لن يكلف نفسه بالوقوف الى جانب حقوق غالبية الشعب العراقي المسحوقة، وكما صورت هذه الاطراف علميات الانتخابات السابقة على انها تجسيدا (للديمقراطية) التي جلبتها العراق، فانه سيعاود التطبيل والتزمير للمسالة بالقول ان العراق قد نجح في اختبار (ديمقراطي) جديد.
وتبقى الحقيقة تقول ان الطرف الوحيد القادر على تعديل هذه الاوضاع المزرية هو الشعب العراقي. ولكن السوال هو متى يصل هذا الشعب الى قناعة بانه قادر على تغيير كل المعادلات التي اثبتت فشلها.
ان النجاح الاكبر الذي حققه الاحتلال الامريكي، ومن وقف معه، وبالذات بريطانيا واسرائيل، هو ليس في احتلال العراق وتدميره، وانما في زرع الفتنة والتفكير الطائفي والعنصري بين مكونات الشعب العراقي الواحد، بحيث اصبح التلاحم والتماسك بين المكونات امرا مفقودا. ان حل كل ما يعاني منه العراق لن يتحقق الا ببناء كتلة وطنية عابرة للمذهبية والعنصرية، تاخذ على عاتقها وضع دستور جديد للبلاد و اعادة بناء العراق من جديد على مبدا الوحدة الوطنية. وحتى يتحقق هذا الامر فلا امل في ان تتمكن انتخابات او تغير وجوه من حل مشاكل البلاد.
وحدث العاقل بما يعقل::: و به يمكن القول ان الانتخابات الديمقراطية في هذه الارضية و بهذه التركيبة و الاجواء و بهذه العقلية لا يمكن ان تاتي بنتيجة في محلها و انما يمكن ان تجسد ما يمكن ان نسميها اضداد الديمقراطية وهي اخطر من الدكتاورية التي كان هذا البلد يعانيها منذ مدة و لامد طويلة.
اذن, فان كانت الانتخابات مظهرية و شكلها غير معلوم المعالم اصلا , فنتائجها غير مضمونة من حيث هدف و جوهرما يقصده المفهوم و ما يفرز منه. اي فان ممارسة العمل الديمقراطي لا يمكن ان تبدا بانتخابات في مثل هذه الظروف الموضوعية و الذاتية للشعوب التي تؤلف المجتمع العراقي المعلومة التركيب.
باختصار، انها اي الديمقراطية هنا في هذا البلد دون غيره, وسيلة جميلة و مرضية جدا لتجسيد الواقع الموجود و المعروف فيه, بانه منقسم عرقيا و مذهبيا الى حد يمكن ان تؤدي الى الخراب اكثر منه الى تنفيذ ارادة الشعوب نفسها
تمام تمام قفلت لعبة الدومينو بالدو بارة ومن هناك صاح مغرد ان ورقة الجوكر الذهبي ضايعة وياللحسافة وقلة اللطافة ونسيان السالفة ؟؟؟ نفت مفوضية الانتخابات ما تحدث عنه ائتلاف دولة القانون حول فقدان 4 ملايين بطاقة ناخب “إلكترونية قصيرة الأمد”.
وذكر المتحدث باسم ائتلاف دولة القانون، بهاء الدين النوري، للجريدة الرسمية إن القانون الذي جرى التصويت عليه بعجالة باستخدام البطاقتين (الالكترونية) و(البايومترية) للتصويت، سينتج عملية سياسية مزورة مقدماً في ظل “فقدان 4 ملايين من البطاقات الالكترونية من مفوضية الانتخابات”، مضيفاً أن هذه البطاقات “مجهولة المصير ولا يعرف إذا ما تم توزيعها بين الكتل السياسية أو من الجهة التي استولت عليها”.
واقترح النوري تفادياً لحصول تزوير في العملية الانتخابية أن تجرى فقط “بالبطاقة البايومترية”.
ولتبيان حقيقة البطاقات المفقودة قالت المتحدث الإعلامي الرسمي للمفوضية العليا المستقلة للانتخابات، جمانة الغلاي: لا يوجد مثل هذا العدد من البطاقات المفقودة، والفقدان جرى في انتخابات سابقة، حتى قبل 2018، ولكن حفاظاً على أصوات الناخبين وجهت الادارة الانتخابية بتقديم دراسة بشأن بطاقات الناخبين غير المستلمة والمفقودة وتشكيل لجان تحقيقية لمعرفة ملابسات الحادث ومعرفة الموظفين المقصرين ومعاقبتهم قانونياً، وتم ذلك.
وأكدت أنه تم تعطيل وإلغاء البطاقات المفقودة كافة، ولن تعود صالحة للعمل إطلاقاً، ولا يمكن لغير صاحب البطاقة الرسمي أن ينتخب وذلك لتقاطع البصمة في جهاز التحقق الالكتروني الذي يعتمد على البيانات الرسمية والحيوية (الصورة الشخصية وبصمة الأصابع العشرة)”.
كما طالبت اللجنة القانونية في مجلس النواب تعديل قانون الانتخابات وحصر التصويت بالبطاقة “البايومترية طويلة الأمد”.
وصوت مجلس النواب مؤخراً على المادة 15 من قانون الانتخابات البرلمانية التي واجهت خلافات سياسية تسببت بتأجيل البتّ بمصيرها منذ إقرار القانون أواخر العام الماضي.
وكان البرلمان العراقي قد صوّت على قانون الانتخابات في كانون الثاني الماضي تحت ضغط الشارع، حيث طالب المتظاهرون بتعديله ليتضمن الترشح الفردي والدوائر المتعددة، إلى جانب مطالب أخرى مثل مكافحة الفساد، لكن ظلت هناك فقرات عالقة بسبب الخلافات بين الأحزاب، وخصوصاً بشأن شكل الدوائر الانتخابية.
وكانت المفوضية العليا للانتخابات قد أعلنت استعدادها لإجراء الانتخابات البرلمانية المبكرة، محددة عدة شروط، تتلخص في أن ينجز البرلمان قانون الانتخابات، وتشريع قانون المحكمة الاتحادية على اعتبار أنها الجهة المخولة بالمصادقة على نتائج الانتخابات. ودعت الحكومة لتهيئة الموازنة الانتخابية وتوفير المستلزمات التي طالبت المفوضية بها سابقا من الوزارات المعنية.