في واقعــــــــــــــة مشهورة … حين كان العظيم علي في بيت مال المسلمين يتابع بعض حساباته .. وجاء اليه شخص في أمر خاص .. فبادر الامام باطفاء الشمعة التي تنير المكان الى ان انتهى الرجل من حديثه مع الامام , لكون الشمعة ملكا عاما لكل المسلمين !!
أتساءل اين نحن من هذا الموقف في تعاطينا مع المال العام ؟ وكم نحن بحاجة الى اعادة صياغة ثقافة مجتمعنا ونظرتنا الى الامور وتقييمنا للاشخاص على اساس متين من الصدق والامانة ؟ .. حين اصبح التجاوز على المال العام ليس عيبا , وانما هو نوع من الشطارة , فنحن بحاجة الى اعادة صياغة مفهوم الامانة كمصطلح اخلاقي قبل ان يكون ديني .. وتاصيل فكرة ان تصدّينا للعمل العام وفي اي ميدان من الميادين هو امانة يجب ان نحرص على بذل اقصى امكاناتنا في انجاز مسؤولياتنا ازاءها – لانا نحن قبلنا بذلك – وتصرفنا خلاف ذلك خيانة للامانه وللشعب الذي حمّلنا اياها .. ولقد ورد عن علي : ” اتقوا الله في عباده وفي بلاده , فانكم مسؤولون حتى عن البقاع والبهائم ” فالمتصدي لشان عام لايستطيع ان يؤدي مسؤلياته هو خيانة لامانة المسؤولية .
هكذا يجب ان نحرك مفهوم الامانة في افعالنا وحتى في اقوالنا .. فقد لا يختلف اثنان حول قيمة الامانة .. لكن ما العمل حين ُ يحوّر مفهومها ليصبح شيئا آخر .. فاليوم ينظر الى الامانة على انها مشكلة للشخص الامين , وعائق امام وصوله الى المراكز والمناصب .. فالمشكلة اليوم : ان الشطارة تقتضي انعدام الامانة وان يكون المرء بارعا في كيف تؤكل الكتف وبغض النظر عما يسمى امانة .. لقد اولى الاسلام التدابير التي تقطع الطريق على الفاسدين اهمية قصوى .. لهذا حُرمّت الرشوة ومهما كان هدفها {{ اياكم والرشوة فانها محض الكفر }} ولايخف على احد ان الرشوة قد تلبس اكثر من لباس ( هدية .. دعوة مجاملة .. تسهيلات .. خدمات ) .. ولا ننس المحسوبية , التي هي مظهر من مظاهر الفساد ( الوجه الآخر للخيانة ) .. حين يسند موقع مهم في الدولة لشخص لا لكفاءته وانما لاجل علاقات شخصية او الانتماء الحزبي او العشائري او المناطقي .. وهذه المحاباة سوف تستدعي حماية هذا الشخص واطلاق يده ليعبث في المال العام ومصالح العباد كيفما يشاء , ولقد حذر النبي (ص) من هذا المنطق : (( انما هلك الذين من قبلكم , انهم اذا سرق فيهم الشريف تركوه , واذا سرق الضعيف اقاموا عليه الحد )) .. ثم قال : (( وايم الله لو سرقت فاطمة بنت محمد لقطعت يدها )) .
وختام القول : ان المال موقع مغرّ للفساد .. خاصة بالنسبة لمن يتولى ادارته .. لهذا كان التاكيد على عدم التصرف فيه بغير وجه حق … واعتقد ان الكارثة التي حلّت ببلادنا بدخول خوارج العصر ومغوله .. كان للمال الحرام الدور الاكبر فيه.. فشراء المناصب مكّن الفاشلين من الوصول لاعلى المناصب القيادية في الملف الامني اضافة لفساد البعض منهم فيما يعرف بالجنود الفضائيين , الذي قلل معنويات وموجود المقاتلين الشرفاء واضعف قدرتهم في الصمود , ولا ننس هزيمة الضباط القادة من الخونة والمرتشين وتسليم رقاب مراتبهم لحراب الدواعش ! فهؤلاء الفاسدون جميعا هم اعوان داعش الوافدين والمحلييين . لك الله ياعراق الضيم .