يستذكر جميع أبناء الشعب أن الوضع السياسي في العراق بعد عام 2003 كان مليئًا بالدراماتيكية، متعلقًا بالمشاكل والخروقات والقتل والطائفية والانقسام والتشظي والتسقيط.
إلى أن بدأ الوضع يستقر شيئًا فشيئًا, والاستقرار هنا ليس بشكل عام، وإنما ظروف جعلت بعضًا من المجموعة السياسية تواكب الحدث وحسب ما هو متاح لها من فرص.
وتأتي المشاكل تباعًا من قبل تلك الزمرة الخبيثة التي عاثت بهذا البلد فسادًا من تارة لأخرى، لغاية ما أدخلت البلد في مشاكل جمة، من إرهاب دموي قصف شتات الشعب وبعثر أوراقه وجعلها تسقط كأوراق الشجر في الخريف.
بل إن خريف البلد استمر لسنوات عدة، لغاية ما تنفس الشعب المسكين الصعداء في فترة ما بعد احتلال عصابات داعش ثلثي البلد، بداعي التحرير من النظام. وآسف لهذه الكلمة، فالنظام بالمصطلح اللغوي كلمة لها معانٍ عديدة (العدل – القانون – عدم التمايز – الحقوق – الطاعة والاحترام)، وأكيد هي مفقودة بالطبع، وإن كانت موجودة فتطبق على الثلة المغلوب على أمرها من الناس البسطاء، أو ممن لا يملكون جهة تدعمهم أو (زعيم) يدافع عنهم.
فكما أسلفنا في بادئ الأمر أن التاريخ يسجل كل شاردة وواردة. ففي خضم معارك التحرير من تلك العصابات الظلامية المحتلة لبعض محافظات العراق، كان الفرقاء يتصارعون فيما بينهم، وخاصة بما يدعى ببيت الشعب (البرلمان).
فهنا كانت المفاجأة، وهي أن ينقلب وزير في الحكومة على من جاء به إلى المنصب ويفضح كبيرهم وصغيرهم في جلسة علنية، صورها الإعلام لنا واعتقدنا أنها الزلزال الذي سيسحق تلك الطبقة الفاسدة. ولكن كما عودنا هذا البلد بالمفاجآت، فلم يتغير شيء والوزير خرج خاسرًا والشلة باتت منتصرة.
الخلاصة: كان هناك (شو إعلامي) بالصراع وفضح الأسرار ونشر الغسيل على الحبال أمام مرأى الجميع. فالذين يسمون أنفسهم ممثلي الشعب (النواب) كان أحدهم في السابق أسدًا في (القاعة) يصول ويجول و(يستجوب) متى ما (جمع تواقيع) النواب، وهذا أكيد ليس بمفرده وإنما بدفعة من كتلته أو حزبه.
وهي وإن لم تكن مجدية، ولكن نعتبرها من الجانب الإعلامي (طشة) وحجارة في الظلمة.
أما الآن فالهدوء عارم على البرلمان ونوابه الذين لا نعرف أسماءهم، فأغلبهم إما نائمون أو منشغلون بالدفاع والهجوم (الصوري) على الحكومة ومؤسساتها في القنوات الفضائية.
فلم نرَ في هذه الفترة التي غاب عنها (الصدريون) أي (استجواب) لمسؤول، ولم نشاهد أيضًا أي (عقوبة) أو (طرد) أو حتى (توبيخ) لفرد ما. وهذا ما نعنيه بأن (الشلة) أصبحوا (حبايب) و(خل يأكلون) ما دام الكل يحكم وعنده (وزارة) و(مول) و(مستشفى) و(بنزين خانة) و(عقود ومناقصات)، وأكيد (مصرف أهلي) و(جامعة أهلية).
وركز عزيزي القارئ بآخر (وصفين) فهذه حاليًا هي (أم الخبزة).
(لو باقين على فتك العام أحسن).
ولله درك يا عراق.