18 ديسمبر، 2024 6:26 م

شكرا للسيد مقتدى الصدر لأبرازه تاريخ سرجون !

شكرا للسيد مقتدى الصدر لأبرازه تاريخ سرجون !

تناقلت وسائل الاعلام المرئية والمقروئة والمكتوبة في الفترة الاخيرة حديث للسيد مقتدى الصدر , الزعيم الديني في العراق وقائد التيار الصدري الواسع النفوذ في العراق جماهيريا وسياسيا والفاعل في البرلمان والحكومة . وقال السيد مقتدى في حديثه أن قاتل الامام الحسين (ع) ليس يزيد بن معاوية بل هو شخص مسيحي اسمه – سرجون .
وسرجون كلمة أكادية الاصل ( شاروكين ) أي الملك العادل وفي حضارة بيت نهرين (بلاد الرافدين) عرف عدة ملوك بهذا الاسم وأولهم سرجون الاكادي الذي وحد الممالك والاقاليم المتعددة والمتفرقة والمتصارعة في بلاد النهرين وأقام دولة موحدة وهي الدولة الاكادية . والتاريخ يعلمنا حكام وملوك وأباطرة اخرين بهذا الاسم ومنهم سرجون الثاني الملك الاشوري الذي حكم في نينوى في القرن السابع قبل الميلاد والمعروف تاريخيا بانجاراته الحضارية والعسكرية الكبرى .  
وهذا الاسم (سرجون) لا يزال متداول الى اليوم , وان الاشوريين المعاصرين حاليا لا يزال يطلقونه على أبناءهم وهناك الكثير من الاشوريين يتسمون بهذا الاسم وغيره من الاسماء المتوارثة من الحضارة الاشورية في نينوى وبابل وريثتي الحضارة الاكادية .
وكانت لدى الاشوريين وعموم المسيحيين في العراق ردات فعل متخوفة من حديث السيد مقتدى الصدر بقوله ان قاتل الامام الحسين ليس يزيد بن معاوية بل سرجون . فالمعروف تاريخيا منذ 1400 عام , أن أستشاد الامام الحسين هو أحد المفاصل الرئيسية في الخلاف بين السنة والشيعة وأن الاحداث التي حصلت في العراق في السنوات الاخيرة ولا تزال قائمة تعود الى الخلاف المذهبي السني الشيعي , وأن حديث السيد مقتدى الصدر بأعتباره قائد مؤثر في الساحة العراقية بأنساب حادث مفصلي في الخلاف السني الشيعي الى شخص مسيحي وهو (سرجون) , ربما سيكون له ردات فعل من قبل بعض المتعصبين تطال المواطنين المسيحيين العراقيين .
وهذا التخوف لدى المسيحيين وهو أمر طبيعي ومشروع ناتج عما حصل لهم بالفعل في السنوات الماضية وتعرضهم وكنائسهم وأديرتهم الى أعمال عنف من قتل وتفجيرات وأستفزازات وتهديدات الغرض منها تهجيرهم خارج العراق , فأن معالجة الامر وتهدئة النفوس للمواطنين المسيحيين وطمأنتهم يعود للقيادات الدينية والسياسية وفي مقدمتهم السيد مقتدى الصدر نفسه بأعتباره صاحب الحديث عن سرجون .               
وفي هذا المقال الذي عنوانه شكرا للسيد مقتدى الصدر , نود أن نوضح نقطة مهمة وهي , أن حديث السيد مقتدى الصدر قد فتح نافدة مهمة على التاريخ في تداول هذا الاسم الاكادي الاشوري ( سرجون ) ليس زمن الدولة الاشورية قبل الاف السنين بل بعد سقوطها بنحو الف عام في عصر الدولة الاسلامية , عكس ما يروج له منذ تأسيس الدولة العراقية في بداية القرن العشرين , بأن الاشوريين الحاليين ليسوا أحفاد الاشوريين القدماء , وأن منظري البعث الفاشي المنحل والقوميين العرب المتعصبين كانو يروجون لنظرية أحمد سوسة اليهودي المستعرب والذي أشهر أسلامه والذي قال :- أن الاثوريين أو الاشوريين في العراق هو أسم من صنيعة الاستعمار البريطاني عند قدومهم الى العراق ومنطقة الشرق الاوسط نهاية القرن التاسع عشر , ونظرية أحمد سوسة التي دغدغ بها رغبات القوميين العرب المتعصبين والبعث الفاشي , أراد بها خدمة بني قومه اليهود بتمرير الشق الثاني من النظرية بقوله :- أن الاثوريين هم أحدى أسباط اليهود المفقودة أعتنقو المسيحية عند بزوغها في القرن الاول الميلادي وعلى المذهب النسطوري .
ولكن كشف الوقائع التاريخية يخدم الحق والحقيقة وهذا ما حصل بالفعل في حديث السيد مقتدى الصدر   حين أشار الى ( سرجون ) الذي كان مع يزيد بن معاوية قاتل الامام الحسين قبل نحو الف وأربعمائة عام  . وقد أفاد السيد مقتدى الصدر بأن هذه المعلومة قد أستقاها من والده المرحوم   الشهيد   الصدر الذي أعدمه نظام صدام الفاشي المقبور .
وفي هذا السياق أيضا فان الدكتور الشيخ الوائلي وهو من المفكرين علماء الدين البارزين يؤكد هذا في محاظرة له منشورة على الانترنت على اليوتيوب , يمكن لمن أراد  متابعتها والاطلاع عليها ويؤكد الشيخ الوائلي ان يزيد بن معاوية كان قد درس في مدارس الكنائس والاديرة المسيحية التي كانت تعود للنساطرة , ويقول الشيخ الوئلي في محاضرته أن يزيد بن معاوية أتخذ لنفسه (سرجون) مستشارا له , وزاد أن سرجون هذا كان أبن منصور أبن سرجون , أي أن جد سرجون  كان أسمه سرجون أيضا , مما يؤكد تداول وتوارث الاسم لدى هذه الطائفة النسطورية
والسؤال هو :- لماذا هذا التداول والتوارث؟
أليس هو توارث عن الاجداد؟ أي توارث الاثوريين أو الاشوريين المعاصرين عن أجدادهم الاشوريين وبدون أنقطاع رغم الفترات العصيبة التي مرت بهم؟
نكرر شكرنا للسيد مقتدى الصدر وللدكتور الشيخ الوائلي على أشاراتهم لهذه الوقائع التاريخية التي كان الهدف منها بالتأكيد تخفيف ومعالجة الاحتقان الطائفي بين السنة والشيعة , وفي نفس الوقت كان خدمة في أبراز التواصل الحضاري لأبناء شعبنا الاشوري منذ الاب السنين ولحد اليوم في وطنه وارضه التاريخة.