انا مدين في كتابة هذاالمقال للكاتب الاميركي المعروف توماس فريدمان صاحب “العالم مسطح” و “الكيزس وشجرة الزيتون” وسواها من المؤلفات التي دافع فيها عن النموذج الاميركي في العولمة. وفريدمان هذا هو كاتب عمود “الشؤون الخارجية” في صحيفة “نيويورك تايمز”. هذا المدخل التعريفي بفريدمان يقودني بالضرورة الى مدخل تعريفي اخر .. لكن هذه المرة بالسيد ” سيد اصف ابراهيم” الذي لاتعرفونه. وانا ايضا لم اكن اعرفه “ولا زغرا بيه” لولا ان عرفني به الزميل فريدمان. اصف ابراهيم ببساطة هو المدير العام لجهاز المخابرات الهندي.
اتصوروا انا لدي علاقة بجهاز المخابرات الهندي.. خوما عدكم مانع؟. مع ذلك لا اريد ان اطيل “السالفة عليكم” وادخلكم في “حيص بيص” لأقول ان سيد اصف ابراهيم مدير جهاز المخابرات الهندي تتلخص حكايته من “طأطأ لسلام عليكم” في كونه مسلم. نعم مسلم ويدير جهاز المخابرات لدولة يشكل المسلمون فيها اقلية من بين مئات الاديان والقوميات والمذاهب والطوائف واللغات والعادات والطقوس والتقاليد.. ولكن ما علاقة فريدمان بالقصة ؟ الاجابة تكمن في ان فريدمان نفسه اثارت القضية انتباهه.
ففي مقال اخير له بـصحيفة “الشرق الاوسط” وفي معرض تناوله الشان المصري في ظل حكم الاخوان المسلمين توقف فريدمان مندهشا .. اتصورا فريدمان مندهش لعد “اني شاكول لو جاء يسالني”.. فريدمان يقول .. “توقفت مؤخرا عند الخبر التالي .. رئيس الوزراء الهندي الذي هو من طائفة السيخ اصدر امرا قبل ايام بتعيين سيد اصف ابراهيم مديرا لجهاز المخابرات الهندي”. ربما تتساءلون واين المشكلة؟ اليس هو مواطن هندي؟ ولعل بعضكم ندم على قراءة هذه السطور من المقال طالما ان المسالة في النهاية لاتتعدى حكاية “هندي يعين هندي واحنه شعلينه”؟
الحكاية ابعد من ذلك بكثير.. الهند بقضها وقضيضها سلمت لحيتها الى مواطن من الاقليات. ربما هناك من يقول لي .. لاجديد في كلامك لانه سبق ان تولى ثلاثة هنود مسلمين منصب رئاسة الدولة كان اخرهم عالم الصواريخ “ابو الكلام”. ورئاسة الدولة اكبر من رئاسة جهاز المخابرات. من الناحية الشكلية صحيح ولكن المسالة تظل ابعد من ذلك. ربما هناك من يوجه لي ضربة قاضية قائلا لي .. لاتروح زايد فوزير الخارجية الهندي مسلم هو الاخر.. وانا اصر باني لازم اروح زايد.. لان منصب رئيس الدولة رمزي ومنصب وزارة الخارجية احيانا “كلاوات”.
لكن العبرات تسكب في المخابرات.. كيف يطمئن مليار مواطن يعبدون اشكال وانواع الديانات بعضها تصل الى الابقار والفئران وربما الدجاج بينما يحرس امنهم وطقوسهم مسلم؟ طيب عجبه يطبق الشريعة براسهم شلون؟ اكيد راح يصير “طشارهم واهلية”. لكن الهنود لم يعودوا “غشمة” على عهد الرئيس الراحل عبد السلام عارف القائل للرئيس الهندي عند توديعه في مطار بغداد .. قابل اني هندي؟ الهنود “شقوا الكفن” من زمان بينما نحن مازلنا نوسع اكفان الموتى عندنا كلما اقتربنا من مواعيد الانتخابات. وعزاؤنا في ذلك ان موتانا في النهاية سيكونون بالضرورة .. شهداء سعداء ” اشيكرهون منها”. نوابهم المنتخبون يلغفون بالدنيا مالذ لهم وما طاب .وهم في الجنة “على سرر متقابلين”.. يلعنون اليوم الاسود الذي لم يصبحوا فيه .. هنودا.
[email protected]