18 ديسمبر، 2024 8:58 م

عام 1958 ، وفي مدينة الناصرية ، وُلد (محمد مزيد عبد الله آل حريب) . قاص ، كاتب ، تصدَّر تحرير صفحات ثقافية في الصحف العراقية . حاصل على دبلوم ادارة . عمل في صحف عديدة : ناقداً ، كاتباً ، محرراً منذُ سنة 1980 .
هذه سطور منتقاة من ترجمة الناقد والقاص محمد مزيد ، كما وردت في الجزء الثاني من (موسوعة اعلام وعلماء العراق) ، تأليف : الباحث حميد المطبعي . وقد صدر هذا الجزء عام 2012 عن مكتبة الدار العربية للعلوم – بغداد .
ما الذي ذكَّرني به ؟
بعد الاحتلال ، عام 2003 ، إلتقينا مرة واحدة وافترقنا . لا أعرف أين هوَ ألآن . ولكن قبل الاحتلال ، وخاصةً سنوات الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي ، إلتقينا كثيراً . فمطلع ثمانينات القرن الماضي ، صدرت جريدة (القادسية) ، معبرة – كما قيل في حينها – عن القوات المسلحة العراقية .
واستقطبت ، إن لم نقل استحوذتْ ، هذه الجريدة على معظم الكفاءآت المهنية الصحفية .
كانت لرئيس تحريرها الصلاحية لنقل أي صحفي إلتحق بالجيش ، وبالذات بالمهمات القتالية ، من موقعه العسكري إلى العمل بالجريدة ، حتى وان كان هذا (الصحفي – العسكري) في الخطوط الأمامية .
عبد الجبار محسن
و .. أمير الحلو .. ؟ !
كانت عملية (استقطاب) ، إن لم نقل (تجميع) ملفتة للنظر . وكان المشهد كالتالي : ادارة الجريدة تريد سحب الامكانات الصحفية للعمل فيها ، من جهة ، والصحفيون الذين التحقو بالخدمة العسكرية (إلزامياً) يريدون (الخلاص) من السواتر خاصة ، ومخاطر الخدمة العسكرية عامة .
وفي فترات معروفة ، تولى رئاسة تحرير الجريدة الكاتب عبد الجبار محسن . وكان نائب رئيس التحرير الصحفي أمير الحلو . كان قومياً (ناصرياً) ، ولم يكن على وفاق مع (النظام) : طروحات وتطبيقاً . كان برتبة (رائد) حين عمل بجريدة (القادسية) .
ولأن الحلو بهذه الصفات ، كان يتعامل بمرونة مع المواد الكتابية والصحفية التي تنشر في الجريدة . وتعزز دورُه عندما أبعد عبد الجبار محسن عن الجريدة . وهكذا أصبح الحلو – فعلياً – رئيس التحرير . كانت هناك (بحبوحة) ما في النشر ، عائدة إلى مرونة رئيس التحرير .
الرأي الآخر …
لكن هذا المنهج إصطدم بواقع ان الجريدة عسكرية ، وتطبق عليها السياقات العسكرية . وأتذكر : أن الصفحة الثالثة في الجريدة قد حملت عنوان : (الديوان) ، وتكتب فيها أسماء مشهورة ، مثل : الدكتور راجي التكريتي ، وشاكر علي التكريتي والشيخ جلال الحنفي وغيرهم .
وكان عنوان العمود الذي يكتبه الدكتور راجي ، هو : الرأي الآخر . وكان هذا العنوان استفزازياً . فالجريدة ، كما ذُكِرَ ، تنطق بلسان القوات المسلحة ، وهذا يؤدي الى أن (لا وجود للرأي الآخر) بالقوات المسلحة . إلاّ أن الدكتور راجي كان يقصد الاستفزاز بعنوان عموده هذا .
حشدٌ من الكفاءآت المهنية
الخلاصة : واقع الحال يفيد أن كفاءآتٍ مهنية استحوذت عليها الجريدة . وأسباب هذا (الاستحواذ) عديدة .
والآن نعود الى الصحفي محمد مزيد ..
من كتاب الجريدة ، آنذاك ، الباحث والأديب حميد المطبعي . وذات مرة دفع المطبعي مقالاً ، وانتظر عدة اسابيع ، ولم يُنشر المقال . وكان التبرير لدى ادارة الجريدة أن المقال قد فُقِدَ .
وهُنا كتبَ المطبعي مقالاً آخر عن مجريات فقدان مقاله وختم مقاله بالتساؤل : هل سرقه الشبح ؟ . وبعد نشر مقالة المطبعي ، كتب الصحفي محمد مزيد مقالاً ، نشرته الجريدة ، وكان تحت عنوان : شكراً للشبح . وجاء فيه : إذا كان الشبح قد سرق مقالة المطبعي ، فنحنُ نشكره على ما فعله ؟ ! .
تألم المطبعي ، لكنه كتم ألمه ، وكان متسامحاً . فها هو ينشر ترجمة الصحفي والقاص محمد مزيد في الجزء الثاني من موسوعته .
لكن المتابعين للشأن الصحفي يرون في هذا السجال مؤشراً على مرونة ما في التعامل مع نتاجات الصحفيين . والآن هل نشكر الشبح مرةً أخرى ؟ رُبَّما ؟ ! .