18 ديسمبر، 2024 8:01 م

العراق بعد 25 ايلول 2017م ليس كما هو قبلها، وكأنه يشهد قفزة نوعية في بناء الدولة والرقي الديموقراطي بعد سنوات من التعثر والفشل والتضارب السياسي، وبعد الإستفتاء لا يمكن إدراج كل فعل بإتجاه الإستفتاء على أنه سلبي، ولا كل من أرتفع صوته ومواقفه على أنه إيجابي، كما ليس من سكت عن تصرفات الأقليم طيلة السنوات بالضد وحدة العراق أو تغاضي عن المقدرات والثروات؛ فبعضهم لعبور مرحلة وآخر لأغراض حزبية وشخصية.
بعد الإستفتاء تحالف الفرقاء وتخالف الحلفاء، وكُشفت أشياء لم نتحدث عنها سابقاً، وتوحد معظم الشعب والساسة، مع نأي مجموعة الباحثين عن ذاتهم المفقودة.
لا بأس أن يتحدث الإنسان عن الحلم ويتمناه حقيقة، وما حديث مسعود البرزاني عن حلم الإنفصال، كمن أغمض عينيه وأنتظر حلماً تمنى تحقيقه بالواقع، وصنع منه مجداً وبطولة قومية في ختام عمل سياسي، لتغطية تناقضات الأحلام السابقة ومآلات الخلاف الكوردي، وصولاُ الى الأزمة المالية ونقص الرواتب، وحسم ولاية الأقليم بعد عامين من تعطيلها، وإدراك أن الوقت مناسب مع قرب الإنتخابات وتحديد رئيس ومن المؤكد لن يكون البرزاني، بعد تجاوز الدستورية والعقلانية والديموقراطية؛ إلاّ إذا تحول النظام الى دكتاتوري.
كان معظم السياسيون لا يتحدثون عن مشاكل الأقليم، بل نحن أيضاً لا نتطرق لنقاط الخلاف؛ على إعتبار أن المرحلة السابقة مرحلة وضع لبنات الدولة، ولابد من طمئنة الأطراف السياسية والمكونات، ومنهم الكورد الذين كانوا مهددين بالإبادة والتشريد من الإنظمة المتعاقبة، وكُتب دستور يعنى بحقوقهم وضمان سيادتهم ورفاهيتهم، ولكن البرزاني بتصرف أحادي في وقت نهوض الدولة من كبوة الإرهاب، للوقوف بموقعها الأصلي عالمياُ وأقليمياً؛ جاء بمشروع الاستفتاء والتقسيم، وهو عالم بعدم إمكانية تطبيقه، ولا تقوم دولة بين رفض محلي وأقليمي ودولي، والمتضرر الأول الشعب الكوردي، وسينتهي التقسيم الى حروب أهلية تُشعب المنطقة.
إن إصرار البرزاني على إجراء إستفتاء والدعوة للإنفصال، بطرح لا يناسبه الزمان والمكان؛ عجل من دوران العملية السياسية للإنتقال الى مراحل ما بعد حكومات المشاركة والشراكة والوحدة والمصالحة الوطنية والقرارات التوافقية؛ وإصراره على المضي بالمشروع التقسيمي البديل لداعش، غلق ابواب المجاملات و وفتح أسئلة كثيرة عن واردات النفط والمنافذ الحدودية والمطارات، وقرارات المحاكم المنفصلة عن المركز، ولا تُعطى للمواطن الكوردي، وعن الهيمنة على المناطق المتنازع عليها، ونفس السؤال سيكون عند المواطن الكوردي وسيطالب بترسيخ الديموقراطية والتبادل السلمي للسلطة، وإنتخاب رئيس جديد لا يُدخل الأقليم بصدامات، أو يقطع الرواتب لتأليب الرأي العام على المركز بدغدغة المشاعر القومية.
خطأ البرزاني قاتل وأطاح بالحلم الكوردي الى الأبد، ويمكن إستثماره لتقريب الأحزاب الكوردية المعارضة للإستفتاء، ولا بأس أن تكون شضايا الاتحاد الوطني ركيزة الإنطلاق.
شكراً كاكه مسعود وقد كشفت لنا أن الشعارات أحياناً لا تُطابق الفعل العملي، وأن البعض يختلف في النضال عن وجوده بالسلطة، شكراً لتوحيدك صف العراقيين كما توحدوا ضد داعش، ولا يغرنك ثوار الفنادق والبعثيون ومعارضي السلطة ومن يتوقعون خسارتهم للمرحلة القادمة، ولا تأمن لناكر جميل التضحيات وقوافل الشهداء والمساعدات، و ومتناسين مَنْ فتحوا بيوتهم وجوامعهم وحسينياتهم ومراقد أئمتهم لإيواء النازحين، فهؤلاء في يوم كانوا ضدك واليوم يناغومك وغداً سيكونون مع من يضمن لهم السلطة والمال، شكراً كاكه مسعود نقضت كل العهود والمواثيق وأنكرت دماء أختلطت في حلبجة وسنجار، ورفاقة الدرب والشهداء الّذين دافعوا عن أخوانهم الكورد من الدكتاتورية الى الإرهاب، وأوضحت لنا صورة أنك لا تدافع عن قومية، وللكورديات أزواج عرب وللعربيات أزواج كورد وستفرق بينهم، وسوف تتنازل عن الكورد في بغداد والكوت ومناطق يشكلون أقلياتها، ولكنهم سيكونون معززين مكرمين بين أخوتهم ويقولون شكراً كاكه مسعود أخطأت التصويب وأصبت نفسك، وإعتمدت على مستشارين كتبوا نهايتك، وشكراً وقد كشفت من مع العراق ومن ضد شعبه.