26 نوفمبر، 2024 2:40 ص
Search
Close this search box.

شكراً روحاني لسنا بحاجة إليك للدفاع عن مقدساتنا

شكراً روحاني لسنا بحاجة إليك للدفاع عن مقدساتنا

قبل أيام صرَّح الرئيس الإيراني حسن روحاني بأن المقدسات في كربلاء والنجف وبغداد خطوط حمراء وأن بلاده ستدافع عنها في حال وقوع أي اعتداء أو اجتياح من قبل داعش. وفي نفس الوقت طالب القوات الأمريكية بنزول قوات برية في العراق لدحر داعش. من الواضح أن روحاني يمر بأزمة خانقة هذه الأيام، وقبل ذلك أحب أن أبين له أن العراقيين ليسوا بحاجة لقواته للدفاع عن المقدسات وغيرها في العراق، فلو قمنا بجردة مستعجلة للأعوام التي تلت الإحتلال الأمريكي للعراق، لرأينا بوضوح أن العراقيين أوقفوا الزحف الإرهابي بجدارة، في الوقت الذي كان فيه نظام بشار الأسد المدعوم من قبل إيران يدفع الآلاف من الإرهابين إلى العراق، أولئك الإرهابيون الذين كان نظام الأسد يشرف على تدريبهم في اللاذقية وتجهيزهم بأموال خليجية ومن ثم يرسلهم إلى العراق لذبح عشرات الآلاف من العراقيين أغلبهم من الشيعة، ودماء هؤلاء أكثر قدسية من بنايات الأئمة (يا روحاني)، وأين كانت هذه النخوة حينما كان الأمريكان يحتلون العراق من الشمال إلى الجنوب، هل تكرمت قوات بلاد روحاني بالدفاع عن مقدسات العراق، أم كانوا يتبجحون بأنهم يدعمون المقاومين، وقصة هذا الدعم غير خافية علينا، فإن الأموال التي كانت تصل إنما هي أموال عراقية بالأساس وصلت إلى مصارف إيران عبر صفقات الفساد التي يتعامل بها ساسة العراق الحاليين، كما هو الحال مع الأسلحة اليسيرة التي وصلت ليد الحشد الشعبي مؤخراً، ولا ننسى أن الشعار الإيراني كان (سنقاتل الأمريكان حتى آخر قطرة دم عراقي)، وأين كانت هذه الهمة الروحانية حينما فجّر إرهابيو بشار الأسد (المدعوم من قبل الولي الفقيه الإيراني) ضريح الإمامين العسكريين، أليس الإمامين من المقدسات عند روحاني يا ترى؟. ولا أريد أن أكرر تصريحات بترايوس عن مصدر المتفجرات التي استخدمت في تفجير الضريح في سامراء، وهي هفوة من بترايوس أكَّد فيها أن المتفجرات التي استخدمت في العملية إيرانية الصنع. ومن باب أن لا نكون ممن يبنون أفكارهم على محتملات، فعلى أقل التقادير حتى لو لم تكن إيران على علم وعمل لتفجير الضريح، فإنها هي التي كانت تدعم من دون شك هؤلاء الإرهابيين إما بصورة مباشرة أو عبر مخابرات بشار الأسد.

ونسأل مرة أخرى من الذي يدافع عن الآخر، إيران تدافع عن العراق، أم شباب العراق يدافعون عن إيران؟، هل أن الذي أوقف زحف الإرهاب في سوريا القوات الإيرانية أم الآلاف من المتطوعين العراقيين، مع تحفظنا الكامل على الدخول في المشكلة السورية وأن بشار الأسد لا يفرق كثيراً عن جبهة النصرة أو داعش، فهم صنيعته ولقطائه.

أما قصة تلبية فتوى الجهاد الأخيرة التي وصفت بأنها أعظم فتوى بعد فتاوى الجهاد ضد الانكليز، فهي أيضاً واحدة من أساطير الإعلام البائس، فهذه الفتوى التي يفترض أن تصدر ضد الاحتلال الأمريكي أو ضد الارهاب الذي اجتاح البلاد سنة 2006 جاءت الآن لسبب واحد، وهو أن الإرهاب بدأ يطرق الحدود الإيرانية لا غير، إذ عندما وصلت داعش إلى محافظة ديالى قرب الحدود الغربية الإيرانية، حصل لقاء بين قاسم سليماني مع السيستاني في النجف فكان لزاماً من إصدار فتوى بالجهاد، فقطرة دم الإيراني لا يعادلها شيء خاصة وأن صاحب الفتوى يحمل هذا الدم الأزرق.

والمفارقة أن الذين تصدوا لداعش وبدأوا بدحرهم ليسوا من أتباع صاحب الفتوى وإنما من أتباع الشهيد الصدر الثاني وغيرهم، وليس فيهم من مقلديه إلا ما ندر. ولكن الأمجاد ترتل بحق صاحب الفتوى وبالايرانيين كما يقول المثل العراقي (يكد أبو كلاش وياكل أبو جزمة).

وكلي ثقة بأن الجيش العراقي وأبناء مدرسة الصدر الثاني قادرون على سحق الإرهاب نهائيا في العراق لو سمح لهم، ولولاهم لكان الإرهاب قد دمر البلاد سنة 2006، أما حكاية إنهيار الجيش العراقي مؤخراً في الموصل فله هو الأخرى حكاية تدخل ضمن إطار المؤامرة والصراع الإقليمي، فإن ما حصل هو باتفاق وتنسيق (أمريكي ــ إسرائيلي ــ تركي ــ قطري ــ كردي)، فقد كانت هناك ساعة صفر محددة سلفاً كانت هناك أفواج من داعش وجيوب من البعثيين والطائفيين، تنتظر توجيه أوامر بالانسحاب للضباط الأكراد الموجودين في الموصل وهم يمثلون 80 % من ضباط الجيش هناك إضافة لتنسيق مع محافظ الموصل أثيل النجيفي وأزلامه، عندها حصلت الفوضى في الجيش فاضطروا للإنسحاب إلى الشمال، وعندها وجد مسعود البرزاني الفرصة سانحة لإعلان الانفصال والاستيلاء على المناطق المتنازع عليها، وخرج أعضاء السفارة العراقية من الأكراد في لندن بفعالية رفعوا فيها أعلام إسرائيل امتناناً منهم لنتنياهو الذي بادر بدعم انفصال كردستان، ولكن ربك بالمرصاد واكتوى بنار الإرهاب من تآمر معه وأخذ الأكراد يطلقون صيحات الاستغاثة والنحيب.

ورأينا ما فعل العراقيون من أبناء الجنوب وتحريرهم لأرض محافظة ديالى من الإرهابيين ومنها انطلقوا لفك الحصار عن ناحية آمرلي، ودحروا الإرهابيين بكل اقتدار.

أما حكاية التحالف الأمريكي الجديد فهو مرحلة جديدة لتنفيذ مخطط آخر، منه : حماية كردستان من تهديد داعش، وضرب مواقع الجيش السوري في داخل الأراضي السورية بحجة مقاتلة الارهاب، لتحقق ما تسمى (المعارضة السورية) تقدماً على الأرض ومحاصرة بشار وقطع طريق التمويل بالأسلحة عبر العراق، فيكون بشار مرغماً على القبول بأي تسوية.

وتنفيذ مخطط تقسيم العراق والذي من أهم بوادره تشكيل (قوات حرس الإقليم) وهي قوات تخص إقليم الوسط أي المحافظات ذات الغالبية السنية، لتكون النواة الأولى للتقسيم، كما أن الوقت أصبح مناسباً لذلك بعد التغييرات الديموغرافية خاصة بعد تهجير الشيعة من القوميات المختلفة من المناطق الشمالية إلى الجنوب، ونفس الأمر بخصوص المسيحيين إلى الشمال بعد طردهم من الموصل، ليصبح التقسيم الطائفي بداية منطقية للتقسيم السياسي والجغرافي، ولا شك فإن تقسيم العراق مطلب رئيسي لإسرائيل وأمريكا، كما أن إيران تعمل على ذلك منذ سقوط النظام عبر قنواتها من أحزاب ترعاها وهي ليست خافية على أحد، كما أننا لم نسمع إلى هذه الساعة أي مسؤول إيراني يصرح بأنه ضد تقسيم العراق، فإن التقسيم سيجعل جنوب العراق لقمة سائغة لهم، ونعلم أن الجنوب العراقي أغنى بقعة في العالم، وهكذا سيكون الجنوب هدية لا تقدر بثمن، خاصة إذا ما تم الاتفاق مع أمريكا حول توزيع الغنائم، وكذلك فإن إيران تفضل عراقاً ممزقاً ضعيفاً يعتمد عليها، بدلاً من عراق قوي مقتدر يمتلك إمكانيات بشرية وعقليات استثنائية وثروات هائلة، وهو ما يشكل خطراً عليها في أي وقت، وطبعاً العمل على قدم وساق ليكون العراق بلداً استهلاكياً غير منتج كدول الخليج، بالتالي سننفق الميزانية السنوية وهي ما يمكن أن ترتفع إلى أكثر من 500 مليار دولار خلال عشرة سنوات، أي سيكون العراق يابان الشرق الأوسط بامتياز، وهذا يعني قوة اقتصادية وعسكرية لا تضاهى، وستكون أمنية أي بلد مجاور أن يعمل في العراق كعامل تنظيفات فيه.

ومن الغريب لدى البعض تصريحات روحاني بأنه يطالب القوات الأمريكية بإدخال قوات برية إلى العراق، فما هو السر يا ترى؟. مع أن الخارجية الإيرانية صرَّحت بأن هذا التحالف غامض الأهداف، وهذا التصريح جاء بعد رفض مشاركة إيران في هذا التحالف، ولكن تنحسر الغرابة إذا ما عرفنا أن روحاني يستهدف من تصريحه هذا عدة نتائج منها :

ــ سهولة وضمان القضاء على داعش وإبعادهم عن الحدود الإيرانية وهذا حق مشروع من حيث المبدأ.

ــ السبب الأهم هو العودة إلى لعبة القط والفأر، إذ لو دخلت القوات الأمريكية البرية فستعود مرة أخرى أسباب تهييج الشارع العراقي مما يعني أرضاً خصبة للعب دور المناصر بالتالي إشغال الأمريكان والعراقيين بحرب جديدة بعيداً عن إيران وسوريا. وها نحن نرى التيار الصدري يخرج بتظاهرة رافضة لأي تدخل في العراق، والتيار هو أسهل الجهات التي يمكن إقحامها في أية فوضى جديدة، وهو ما تنتظره إيران حتى تتحقق النتائج المرجوة من المفاوضات حول البرنامج النووي الإيراني.

أحدث المقالات