خلال متابعتي للرصد الاعلامي اليومي الذي يصل إلينا وقعت عيني على الكم الهائل من المواقف والردود المُستَنكِرَة للبيان الهستيري الاخير الذي ظهر من المكتب الاعلامي لدولة الرئيس ضد السيد مقتدى الصدر.
وهذه الردود قد تنوعت بين بيانات وتصريحات ومقالات ومشاركات وغيرها من المواقف الاخرى التي كانت محل تقدير واحترام من قبل سماحة السيد وكل الخيرين، كونها لم تكن تحمل أي لغة تزلف او مجاملة او مصالح، إنما كانت مواقف وردود طبيعية حيادية نظرت بعين المنطق الى الأسلوب والطريقة التي خرج بها ذلك البيان سيء الصيت.
الا ان أبرز تلك الردود وأكثرها وقعا في النفس مع فائق الاحترام والتقدير والإجلال لكل الردود ولأصحابها هو الرد الذي صدر من الاخ والصديق العزيز السيد جعفر الصدر، والذي كان لبيانه الأثر الكبير على نفس كل غيور ومحب ومنصف.
وقد وضع بوعيه المعروف النقاط على الحروف وبيّنَ بأسلوب عقلائي سلس قباحة أسلوب الرد الذي صدر من مكتب دولة الرئيس كما وصف ذلك في بيانه.
وهذا الموقف الذي ظهر للعلن في ظل تفشي سياسة تكميم الأفواه والمجاملات وتبادل المصالح، لا يدعونا للاستغراب والتعجب، وهو ليس بجديد على شخصية مثل السيد جعفر الصدر، ابن من ضحى بنفسه واريق دمه ودم أخته من اجل إعلاء كلمة الحق ورفض منطق وسياسة الطغاة والجبابرة على ارض هذا الوطن المظلوم.
وفي الوقت الذي كانت تتوالى المواقف والرسائل المتعاطفة والمؤيدة للسيد مقتدى الصدر، كانت هناك مناشدة للاخ الشيخ الدكتور همام حمودي والتي نشرها على صفحته الخاصة في موقع التواصل الاجتماعي (الفيس بوك)، والتي دعا فيها السيد مقتدى الصدر ودولة الرئيس المالكي الى: (بدأ صفحة جديدة تحفظ وحدة المؤمنين وتماسك التحالف بما يعزز قدرات العراق لمواجهة التحديات التي تحيط به).
وهنا يجب ان يعرف الجميع بما فيهم الاخ الدكتور حمودي، من انه لا يوجد اي خلاف شخصي بين السيد مقتدى الصدر ودولة الرئيس المالكي، بمقدار ما هو تشخيص من قبل السيد الصدر للأخطاء ونقدها ومحاولة إيجاد الحلول الناجعة لها، انطلاقا من مبدا شرعي اسمه الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومنطلق عقلائي وقانوني كفله الدستور والعرف لاي مواطن وفي كل بقاع العالم، وهو ما يشاطرنا به الرأي الاخوة جميعا من شيعة وسنة وكرد وغيرهم، بما فيهم الاخوة في المجلس الأعلى.
علما ان تشخيص السيد مقتدى الصدر لم يكن وليد اللحظة، بل هو عبارة عن مواقف متسلسلة ومترابطة كان يؤكد فيها على ان الأخطاء والهفوات التي هي نتاج سوء إدارة الحكم والاستئثار بالسلطة وتهميش الاخرين، لو بقيت على حالها دون علاج او محاسبة ومتابعة من قبل الجميع، فان البلد سائر الى الهاوية والانشقاق والانقسام والاقتتال، وهذا ما تؤكده الحقائق والأحداث على الارض.
لذا اعتقد ان الامر لا يتعلق بخلاف شخصي يمكن ان نحله بجلسة او لقاء او دعوة على مائدة طعام، بمقدار ما هو مطالبة بتعديل مسار قيادة السلطة ورفض إقصاء الاخرين، والسعي الحثيث الى محاربة الفساد وتوفير ابسط مقومات الفرد العادي من مأكل ووظيفة وعلاج وخدمات، في ظل وجود ميزانية مالية سنوية مهولة تقدر بعشرات المليارات من الدولارات تعادل ميزانيات دول عدة وليست دولة واحدة.
وفي الختام لا يسعني هنا في هذه الأسطر المتواضعة الا ان اشكر كل ضمير حي أرسل رسالة او اتصل او شارك بداخله المناصرة والمؤازرة سواء كان من ابناء الحوزة الناطقة ام من خارجها، لاسيما الاخوة الأعزاء السيد جعفر الصدر والشيخ صباح الساعدي والدكتور همام حمودي، وكل الطيبين من كتاب وسياسيين ومواطنين، ونثمّن موقفهم المشرف هذا، والذي هو بمثابة الدَين المعلق في أعناقنا.
نسال الله العلي القدير ان يوفقنا لرده لهم بأضعاف مضاعفة، من خلال الحفاظ على أمن وسلامة البلد وانتشاله من الضياع والدمار والدكتاتورية.